مقالات

الاستاذ خالد عمر حشوان يكتب عن “اليوم العالمي لحقوق الطفل”

يوافق يوم 20 نوفمبر من كل عام اليوم العالمي لحقوق الطفل ويتم الاحتفال به كذكرى سنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها، والحمد لله أن ديننا الإسلامي قد قرَّرَ للطفل حقوقا وواجبات قبل أكثر من أربعة عشر قرناً وكان سَبَّاقاً في الاهتمام بحقوقه ليس فقط وهو طفل بل حتى قبل ولادته، وخَصَّ مرحلة الطفولة باهتمام كبير لما لهذه المرحلة من أهمية كُبرى في بِنَاء شخصية الطفل وتوجُهَه وسلوكه التربوي، وقد تم تقسيم هذه الحقوق إلى مرحلتين رئيسيه الأولى قبل الولادة والثانية تتمثل فيما بعد الولادة ونفصلها في الآتي:
أولا: حقوق الطفل قبل الولادة :- اهتم الإسلام بعدة نقاط جوهرية تساهم في حفظ هذه الحقوق ومنها:

  • حسن اختيار الزوجين لبعضهما :- والذي يعتمد على الدين والخلق كأن يختار الأب الأم الصالحة والمربية الفاضلة والزوجة العفيفة العاقلة المتمسكة بدينها ومبادئها، وتختار الأم أيضا الأب الصالح والنسب الطاهر الشريف لطفلها لتربيته في جو صِحّي يساهم في حفظ حقوقه التربوية ونشأته الصالحة السوية.
  • توافق عقيدة الأبوين :- حَرَّمَ الإسلام على المسلمين الزواج من مشركات كما في قول الله تعالى {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (البقرة-221)، وذلك كي ينشأ الطفل في بيئة أسرية متوافقة وبعيده عن اختلاف العقيدة وصراعاتها.
  • تأجيل إقامة الحَدَّ على الحامل حتى تَلِدْ وتُرْضِعْ :- حَمَى الإسلام حق الجنين في بطن أمه والذي لا ذنب له فيما ارتكبته الحامل من أخطاء، ولعل قِصَّة الرسول عليه الصلاة والسلام مع المرأة التي زَنَتْ وطلبت إقامة الحَدَّ، وطَلَبُهُ منها العودة بعد الولادة، ثم بعد فَطْمِه من الرضاعة، ثم أقام عليها الحَدَّ بعد أن ضمن من يكفل هذا الطفل ويُرَبّيه.
  • العلاقة الشرعية بين الأبوين :- حرص الإسلام على حقوق الطفل في منع خلط الأنساب وضرورة وجود علاقة شرعية بين الأبوين قبل الإنجاب تَكْفُل للطفل حقه في النسب والهوية والعيش في أجواء أسرية صحية وسليمة.
  • نفقة المطلقة الحامل حتى الوضع :- قال الله تعالى {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ} (الطلاق-6) بل وحدد الإسلام أيضا تفاصيل الرضاعة بعد الولادة لحفظ حق الطفل في ذلك.
  • الحفاظ على صحة الجنين في فترة الحمل :- أباح الإسلام الفِطْر في شهر رمضان للمرأة الحامل إذا خافت على جنينها وحرصاً على سلامة الجنين من الصوم عن التغذية وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأنس بن مالك ” إن الله تعالى وضع شَطْر الصَلاة أو نِصْف الصَلاة والصَوم عَن المسافر وعن المرضع أو الحُبلى” (رواه أبو داود).
  • تحريم إجهاض الأجنة :- حَرَّمَ الإسلام إجهاض الأجنة البريئة والتي لا ذنب لها لحفظ حقها في الحياة وحمايتها والتي لم تكتمل مراحل النمو لها في الأرحام بعد، مالم يكن هناك عذر شرعي يستدعي لهذا الإجهاض.
  • حق الجنين في الميراث :- كفل الإسلام للجنين في بطن أمه حقه الشرعي في الميراث حتى يُولَدْ للتعرف على نوعه ذكراً أم أنثى لأن قسمة الميراث تختلف حسب اختلاف نوع الجنين، وذهب جمهور من الفقهاء لتقسيم الميراث على من لا يتأثرون من أصحاب الفروض بتغير لأن في التأخير مضرة بهم من غير ضرورة.
    ثانيا: حقوق الطفل بعد الولادة :- ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:
  • حق الطفل في الحياة :- عندما أراد الرسول عليه الصلاة والسلام من الصحابة مبايعته طلب منهم أمور كثيرة ومنها “ولا تقتلوا أولادكم”(صحيح البخاري) وهو ما يثبت حق الطفل في الحياة سواءً كان ذكراً أم أنثى.
  • التسمية الحسنة للطفل :- وهو حق من حقوق الطفل أن يُحْسِنا والديه اختيار الاسم الذي سَيُدْعَى به مستقبلا كما وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوله ” إنكم تُدْعَون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحْسِنُوا أسماءكم” (سنن أبي داود).
  • حق الرعاية الجيدة والاعتناء :- وهي رعاية المولود من حيث الاهتمام والنظافة والرضاعة الكاملة للحفاظ على صحته وشعوره بالدفء والحنان والأمان، والختان والعقيقة وهو ما يُمَيّز الطفل المسلم عن غيره من الأطفال.
  • الحق في التربية والتعليم :- والتربية تعنى التربية الإسلامية على حسن الخلق والسلوك الجيد وتثقيفهم بأمور دينهم والتمسك به وعدم الاعتداء عليهم أو تعنيفهم، والتعليم هو كل ما يساهم في تعليمهم ما يفيدهم في الدنيا والآخرة من مبدأ كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.
  • حماية الطفل من الانحراف :- وهنا لابد للوالدين من مراقبة الطفل وحمايته من كل ما يَضُرّه وقُرناء السوء واختيار الصحبة الطيبة والبيئة الصحية له، فقد قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (التحريم-6).
  • تأمين الرعاية الطبية للطفل :- أي الاهتمام بصحته وتوفير نمط الحياة الصحي له والذي يقيه بفضل الله من الأمراض لأن الوقاية خير من العلاج، ثم توفير الرعاية الصحية عند المرض وتقديم كل ما يحتاجه من تَطْبِيب ودواء قدر الإمكان.
  • حق الطفل في المرح واللعب المباح :- من حق الطفل أن يمرح ويلعب ويستمتع بذلك في حدود المعقول ولعل قصة ارتحال الحسن والحسين لظهر النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة وتركه لهما يستمتعان بذلك ما هو إلا دليل على مراعاة حقوق الأطفال في هذا السن المبكر.
  • حق الطفل في اختيار الحاضن :- وغالبا ما تكون في حالة انفصال الوالدين ولم يبلغ الطفل سن التمييز، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام للغلام الذي اختلف عليه أبواه وقال له “هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت” وأخذ بيد أمه، فانطلقت به، (رواه أبو داود وصححه الألباني).
  • الإنفاق على الطفل :- وهو حق من أعظم الحقوق أجراً عند الله، فقد قال الله تعالى {وعَلى المَوْلُود لَه رِزْقَهُنَّ وَكِسْوَتَهُنَّ بالمَعْرُوف} (البقرة-233)، وقوله أيضا {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَ} (الطلاق-7).
    وبما أن الأطفال هم أنفس بشرية ولهم حقوق وواجبات على الآباء والأمهات والمجتمع ككل وهم ثمرة المستقبل وجيل الغد الذي سوف يبني لنا المستقبل بالطموح والآمال بإذن الله، لذلك لابد من التعامل معهم بإنسانية عالية واهتمام بالغ كما شرعها لنا الدين الإسلامي وخص الآباء والأمهات بها لأنها مسؤوليتهم بالدرجة الأولى كحقوق واجبة لهؤلاء الأطفال استنادا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام “كُلكم رَاعٍ، وكُلكُم مَسْؤول عَن رَعِيَّتِه” متفق عليه.

@HashwanO

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لو يترجم هذا المقال الى عدة لغات ويصل الى القراء بمختلف أطيافهم ودياناتهم، سيكون بمثابة مؤهل اكاديمي ومنهج تعليم متكامل. اللهم انفع به من في الارض جميعًا.
    أستاذ خالد جزاك الله خير

    1. شكرا لك استاذ وليد تم رفع المقترح الى مجلس الادارة للاجراء اللازم حيال الموضوع مقدرين لك تواصلك

زر الذهاب إلى الأعلى