مقالات

“السلطان هيثم بن طارق “حفظه الله” رمز تـأريخي بارز في وضع اللبنة الأولى للرياضة الخليجيّة” بقلم : محمد الجوكر

بمناسبة زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان الشقيقة إلى دولة الإمارات، تعود بنا الذاكرة إلى تأريخ الرياضة الخليجيّة، إذ يظلّ اسم هيثم بن طارق من الشخصيّات الرياضيّة التي وضعت اللبنة الأولى للرياضة ومنها انطلقت إلى العالميّة، وكان لدورات كأس الخليج العربيّة لكرة القدم الفضل الأكبر في إبراز نجوم ليس على المستطيل الأخضر فقط، إنما في إيجاد شخصيّات رياضيّة كان لها الأثر الكبير فيما وصلت إليه الرياضة في منطقة الخليج ، ويبقى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق خالدًا في ذاكرة الرياضة العُمانية حيث يعتبر أوّل من شغل منصب رئيس الاتحاد العُماني لكرة القدم خلال الفترة من 26 يونيو/حزيران 1983 وحتى أبريل/نيسان 1986 وترك بصماته الواضحة.

تنظيم خليجي7


كان لدوره في دورة الخليج السابعة عام 1984 التي احتضنتها العاصمة العُمانيّة الدور المؤثر لتكون إحدى علامات دورات الخليج الأبرز حيث تولّى منصب نائب رئيس اللجنة المنظمة العُليا، وكان لوجوده ودوره وقيادته لفريق العمل بالدورة الدور البارز في النجاح الذي حققته الدورة ومازال مضرب المثل حتى الآن.
على الرغم من المشاغل السياسيّة التي شغلها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، إلا أن الرياضة كانت شغله الشاغل أيضًا فقد بدأ من اتحاد الكرة مطلع الثمانينيّات ومن ثم تولّى منصب الأمين العام لوزارة الخارجيّة قبل أن يُعيّن في منصب وزير التراث والثقافة، وكُل هذه المناصب التي مرَّ بها إلا أنها لم تُبعدهُ عن الرياضة نهائيًّا باعتباره الرئيس الفخري لنادي السيب العُماني وهو ممارس رياضي متميّز من لعبتهِ المفضّلة “الكريكت”.

بروز الشخصيّات المؤثرة


وفي سلطنة عُمان لا يختلف الحال عن بقيّة دول الخليج، وأسهمت دورات كأس الخليج في بروز شخصيّات رياضيّة كانت مؤثرة في تأريخ الرياضة العُمانية ومنها كرة القدم التي كان فيها منتخب عُمان حِمْلاً وديعًا في دورات كأس الخليج حتى وصل الآن إلى قمّة الهرم في دورات كأس الخليج بطلاً متوّجًا لمرّتين (2009 في مسقط و2017 في الكويت).
يعتبر الاتحاد العُماني لكرة القدم أكبر اتحاد رياضي في السلطنة ينضوي تحت لوائه أندية كبيرة تمثل مختلف ولايات محافظات مناطق السلطنة. وبرغم أن رياضة كرة القدم تمارس في السلطنة منذ مطلع القرن الماضي عندما أدخل الانكليز هذه اللعبة إلى منطقة الخليج العربي عن طريق حامياتهم العسكريّة إلا أن كرة القدم العُمانية توثق بأوّل نادٍ رياضي تم تأسيسه في السلطنة وهو نادي عُمان والذي تأسّس في العام 1942 وعُرف آنذاك باسم نادي مقبول.

إشهار الأندية


ومع ظهور دولة عُمان الحديثة وتقلّد السلطان قابوس بن سعيد “رحمه الله” مقاليد الحُكم في السلطنة في 23 يوليو/تموز 1970 تم إشهار معظم أندية السلطنة رسميًّا وقامت الحكومة الرشيدة وابتداء من العام 1971 بتنظيم مختلف مسابقاتها الرسميّة هذا بخلاف المشاركات الدولية للمنتخب الأوّل لكرة القدم والمتمثلة تحديدًا في دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم ابتداء من الدورة الثالثة بالكويت في العام 1974.

تأسيس الاتحاد العُماني


وفي العام 1978 تأسّس أوّل اتحاد عُماني لكرة القدم وتم تعيين أول مجلس إدارة للاتحاد وذلك برئاسة المغفور له السيد/ فيصل بن علي آل سعيد وزير التراث القومي والثقافة آنذاك واستمرّ هذا المجلس لأكثر من خمسة أعوام قبل أن يتم إعادة إشهار الاتحاد العُماني لكرة القدم رسميًّا في 26 يونيو/حزيران من العام ويُعد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أوّل رئيس لمجلس إدارة الاتحاد العُماني لكرة القدم بعد إشهاره.
منذ تأسيس الاتحاد العُماني في العام 1978 أصبح عضوًا في الاتحادين العربي والدولي (الفيفا) في العام ذاته حيث انضمّ إلى عضوية الاتحادين مباشرة بعد تأسيسه قبل أن ينضمّ في العام 1980 إلى عضوية الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

مُنجز عالمي!


واستطاعت كرة القدم العُمانية في الفترة الماضية أن تحقق تطوّرًا ملحوظًا على المستويين الإقليمي والقومي والقارّي فأصبح يشار إليها بالبنان على الصعيد الخليجي والعربي والآسيوي حيث أصبحت المنتخبات الوطنيّة المشاركة في مختلف المحافل والبطولات الكرويّة الكُبرى تلعب الأدوار الرئيسة فيها، بل ووصلت كرة القدم العُمانيّة إلى أفضل إنجازاتها العالميّة بتحقيقها المركز الرابع في بطولة كأس العالم للناشئين في الإكوادور 1995.

رئاسة البوسعيدي


ويعتبر تأريخ 30 أغسطس/آب 2007 تأريخًا مهمًّا في صفحات كرة القدم العُمانية حيث تم في هذا التأريخ إجراء أوّل انتخابات رسميّة في السلطنة لتشكيل أوّل مجلس إدارة منتخب للاتحاد برئاسة السيد خالد البوسعيدي حيث نالت الرؤية الشاملة لتطوير اللعبة وتحويلها إلى صناعة مزدهرة.
صحيح أن سِجلَّ المنتخب العُماني لا يحملُ إلا بضعة ألقاب إقليميّة، لكن المُتمعِّن في تأريخ المنتخب أنه لعب أوّل مباراة وديّة في الثاني من شهر سبتمبر/أيلول عام 1965 أمام المنتخب السوداني أقيمت في جمهوريّة مصر العربية وخسرها بهدفين لواحد.

أوّل مشاركة
وبالعودة مجدّدًا إلى تأريخ المنتخب العُماني، نجدُ أن أوّل مشاركة له في كأس الخليج كانت عام 1974 في الكويت، وشارك من أجل المشاركة فقط، قصد كسب الخبرة من المنتخبات المجاورة، وبالتالي تعبيد الطريق لمشاركات أحسن في المستقبل، يومها كان يشرف على تدريب المنتخب التقني المصري ممدوح خفاجة، ومن بين اللاعبين الذين مثلوا عُمان في أوّل مشاركة لهم في كأس الخليج نخصُّ بالذكر كُل من بخيت الماس، سعود الحبشي، مطر عبد ربه، أحمد نصيب، محمد باحريش، جبل خميس، عبد القادر الذهب، ناصر علي، محمد بهوان وحديد العلوي.

النضج التكتيكي


شكّلت مشاركة المنتخب العُماني في كأس الخليج بالكويت، بداية حقيقيّة نحو غد أفضل، حيث بدأت أحلام العُمانيين تنمو وتنمو، وجاءت مشاركتهم الثانية في كأس الخليج عام 1976 في الدوحة، تحت قيادة نفس المدرب خفاجة، قدّم العُمانيون مستوى أبهر به جيرانه، فبعد أن كانوا ينظرون إلى هذا المنتخب نظرة استصغار، تغيّرت نظرتهم، بفضل النضج التكتيكي للاعبين العُمانيين ، انتظر العُمانيون البطولة التاسعة عام 1988، فقد تجاوز منتخبهم عُقدة الخوف وقفز عاليًا، بعد أن حقق أوّل انتصار له في تأريخ بطولة كأس الخليج وكان ذلك على حساب منتخب قطر بهدفين مقابل هدف واحد، سجّلما الثنائي يونس أمان وغلام خميس.

نادي فنجا


تطوّر الكرة العُمانية في نهاية عشرية الثمانينيّات، نلمسه في نادي فنجا، حيث توّج في سنة 1989 بلقب بطولة مجلس التعاون الخليجي للأندية أبطال الدوري، لتدخل الكرة العُمانية عشريّة التسعينيّات بوجه مشرّف، لكن حتى وإن ظهر في كأس الخليج في مطلع آخر عشريّة من القرن المنقضي، إلا أن القفزة الحقيقية للكرة العُمانيّة بدأت في عام 1995، ببلوغ عُمان للمرّة الأولى لنهائيّات كأس العالم للناشئين تحت 17 عامًا والتي نظّمت في الإكوادور.

الإنجاز الخليجي


أوّل إنجاز على الإطلاق يحققه المنتخب العُماني في تأريخه الكروي هو لقب خليجي 19 عام 2009 على حساب المنتخب السعودي بركلات الجزاء الترجيحيّة 6-5 بجدارة واستحقاق، وكرّر إنجازه الخليجي عام 2017 في الكويت بدورتها الـ 23 وفاز على منتخب الإمارات بركلات الترجيح ( 5-4) بعد انتهاء وقت المباراة الأصلي بالتعادل السلبي، وكانت مشاركته في كأس الخليج 25 في البصرة العراقية قويّة ووصل إلى المباراة النهائيّة التي خسرها أمام العراق (2-3) وحبست أنفاس الجماهير حتى الدقيقة 122 الحاسمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى