مقالات

“معالم البرجماتية في التعليم” اعداد الباحثة: عائشة عبد الله أحمد أكرم الدين – باحثة دكتوراة في الأصول الإسلامية للتربية – جامعة أم القرى

ظهرت في العالم الغربي العديد من النظريات التربوية، أدّت إلى تقدم علمي وحضاري ملحوظ، وهذه النظريات ماهي إلا امتداد لما كانت عليه في القرن الماضي وعلى رأس هذه النظريات نظرية البرجماتية.

نشأت البرجماتية في بداية القرن العشرين، ولكن أصولها امتدت إلى العصور الأولى من الفلسفة، وقد نسبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر الفيلسوف الأميركي «تشارلز بيرس» مؤسس هذه النظرية، أما أشهر مطوريها فهو الفيلسوف الأميركي «جون ديوي » والبرجماتية بوجه عام هو وصف لكل من يهدف إلى النجاح، أو إلى منفعة خاصة، تؤمن البرجماتية بالأسلوب العلمي وتطبيقه، وأنّ العقل يستطيع حل المشكلات من خلال استخدام التجريب، والطرق العلمية السليمة، وترى هذه النظرية أنّ مشكلات العالم والإنسان يجب أن تكون موضوع الدراسة والاهتمام.

هدفت النظرية البرجماتية في التربية والتعليم جهود مبذولة لتنويع التعليم والدعوة لتزويد المتعلمين بمجموعة واسعة من الخيارات من خلال توفير أنواع مختلفة من التعليم، وحرصت على تحرير عقول المتعلمين والمعلمين من التعليم التقليدي، فركزت البرجماتية على المتعلم فقد جعله مركز الخبرة، وقامت بتوفير بيئة تعليمية مناسبة تساعده على الفهم والإبداع واكتشاف المعرفة بطريقة ذاتية تزيد من ثقتهم بأنفسهم وتحقق ذواتهم، فالنظرية البرجماتية اهتمت بصياغة الأهداف واختيار المحتوى من طرق تدريس واستراتيجيات التعليم، كذلك اهتمت بالأنشطة والأساليب التقويم كونها متكاملة مع بعضها البعض، وإيماناً بمساعدة المتعلم لتنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعي والتأملي من خلال البحث والتنفيذ والتفسير وتحليل المادة العلمية، واتسّمت المنهج في البرجماتية بمرونة حيث يساهم التلاميذ والمعلم في تحديد الخبرات والأنشطة التعليمية المكونة لمحتوى المنهج، أما دور المعلم فهو مرشد وموجه فعليه فهم طبيعة من يعلمهم ويتجنب حشو المعلومات في عقول التلاميذ، واعتمدت البرجماتية طريقة التدريس على المناقشـة والتفاعل داخل الفصـل وعلى الخبرة المباشـرة والممارسـة الفعلية.

فعلى الرغم من الإيجابيات البرجماتية على عناصر العملية التعليمية واهتمامها بالمتعلم إلا أنها لا تخلو من بعض السلبيات، منها عدم الاعتراف إلا بالعالم المادي المحسوس والمشاهد، وإخصاع كل شيء للتجربة، كذلك اعتمادها على النتائج فقط القائمة على النفعية بحتة، وتهميشها دور المعلم، مما يؤدي إلى الأنانية واللامبالاة للمتعلم.

ومن المهم حسن الإستفادة من النظرية البرجماتية في مجال التعليم وتركيز على الجوانب الايجابية فيها، من خلال رفع مهارات المتعلم وتشجيعه على التعلم الذاتي ليكتسب المعارف والمهارات ذاتياً، وأيضا عمل على تنويع الأنشطة والخبرات لمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، والاهتمام بالأنشطة والخبرات المحفزة على التفكير الإبداعي والتفكير الناقد، والبعد عن الأنشطة التقليدية، ولا شكّ أن الاستفادة من الأمم الأخرى وخبراتهم لا تخل باستقلالية الأمة وتميزها، فالميدان في هذه العلوم والمعارف مفتوح للمنافسة وكل أمة تبدأ من حيث انتهى من سبقها، وتبني دراساتها على تجارب غيرها، مع ضرورة تنقيتها من الشوائب والحفاظ على الهوية الإسلامية الأصيلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى