مقالات

“لسنا ضعفاء! ” بقلم: أميمة عبد العزيز زاهد

ماذا يحدث داخل مجتمعنا حتى أصبحنا نتربص لبعضنا البعض بسبب ومن دون سبب.. ؟ ما الذي حصل للبعض منا ? أصبحنا نتصيد الأخطاء، والقوي يهزم الضعيف وهناك من يكيد ويتآمر ليس على الآخرين فقط، بل على نفسه ومكانته وبلده، ونتساءل ترى ما الذي يدفع البعض إلى هذه السلوكيَّات التي ينبذها ديننا، وترفضها مبادئنا، وتندد بها أخلاقنا. هل بسبب ضعف الوازع الديني، أم لأسباب اجتماعية، أم بسبب الغيرة والحقد حتى اختفت روح التسامح، والعطاء، والإخلاص، والتضحيَّة، وقبل كل ذلك الأمانة.
أحيانًا قد تتوقف حياة إنسان ومستقبله على قرار إنساني يصدره مسؤول كبير بعيدًا عن اللوائح المكتوبة، فالإنسانيَّة إحساس، وضمير، ومسؤوليَّة أمام النفس، وقبلها أمام الله، وأن يوفق المسؤول إلى قرار إنساني ليكون في ميزان حسناته فيفتح طاقة أمل جديدة يواجه بها التحديات، ويتعامل بقلب مفعم بالرحمة.
ولو نظرنا نظرة شاملة لما يحدث في المجتمع من حوادث أليمة عصرتنا، ومرت مرور الكرام، ولم نجد شخصًا ما ابتداء من القمة حتى السفح يقف ويقول «أنا المسؤول، أو هذه استقالتي، أو لينظر في أمري القضاء العادل، ولو أذنبت فحاكموني»؛ ليثبت أن الضمير مازال ينبض، ويحيا حياة طبيعيَّة، ولم يمت.
وفي كل حادث نقيم الدنيا ولا نقعدها حزنًا واتهامات، ثم تمر الأيام، وتهدأ الأمور، ويظل الإهمال والتسيب وعدم الإحساس بالمسؤولية نائمًا ومخدرًا؛ حتى نفاجأ بفاجعة أخرى أشد قسوة وبلاء، وكأننا فقدنا الحس والمسؤوليَّة، فقدنا الصلاحيَّة لوضع حد لما يحدث من إهمال، ويومًا بعد يوم نظل نشجب، ونندب، ونندد من دون أن نرى إصلاحًا حقيقيًّا واضحًا وملموسًا يسود المجتمع، ويضع حدًا لمثل هذه الحوادث الأليمة، في حين أنَّه يجب على الجميع أن يتحرك لمواجهة الأسباب؛ حتى لا تتكرر. نريد نوبة إفاقة كاملة في المجتمع للبحث عن كل ما يعكر الصفو، ويؤدي للكوارث والمصائب التي تواجهنا من يوم لآخر، لا يكفي أن ينتفض الكتَّاب والمثقفون والإعلام صارخين ومستنكرين ومتهمين الإهمال والتسيب، لابد أن يكون لهذا الإهمال والتسيب متهمون حقيقيون؛ ليكونوا عبرة لغيرهم، لابد أن نبحث في كل مرافقنا عن القصور، والإهمال ونعالجه، ونضع له حدودًا؛ حتى لا نواجه من وقت لآخر بكارثة ثم نعود ونعلق الشماعة على القضاء والقدر، أو الإهمال والتسيب، لابد أن نقتل الإهمال في كل موقع ومكان ولدى كل مسؤول، وأن تنتاب المجتمع كله نوبة يقظة الضمائر.
فهل سيبقى دورنا ينحصر في مجرد السؤال والاستفهام عما يجري من حولنا، أو ما قد يحدث لنا، وكيف لنا أن نساهم ونشارك؟ إنَّ أول طريق للمشاركة هو المعرفة، فيجب أن نعرف ما الذي يصنعون؛ لنستطيع أن نجادلهم فيما سيصنعون؛ لكي نعرف لنناقش، ونسخر ما تعلمناه من خلال ما عرفناه، وأن نرسم ونخطط ونساهم لنعمل في خدمة وطننا ورفعته
علينا أن نتعلم؛ حتى لا يفلت الزمام من أيدينا، فالشخص إذا لم يكن قادرًا على تحمل المسؤولية عمليًا وعلميًا فإنَّه يؤدي إلى ارتباك وتعطل الأجهزة التي أصبح مسؤولا عنها، وهو ما ينعكس على الفرد وعلى الدولة، وأن تسحب القيادة ممن لم يسترع الأمانة التي حملها، فهناك من لا يملك انتماء لواجباته، والبعض الآخر يبذل جهدًا خارقًا للبعيدين، أو من بينه وبينهم مصالح، وآخرون متفرغون لبث السموم والحقد والغيرة، وهناك العديد أيضًا يختبئون هنا وهناك من المخلصين الصادقين، فنحن ولله الحمد بلد زاخر بالكفاءات التي لديها القدرة على العطاء والتفاني في خدمة الوطن، ولسنا ضعفاء؛ لقلة في العدد أو فقر في الموارد، أو ضعف في الإمكانات. فلدينا لله الحمد الملايين من البشر، والعديد من الموارد الطبيعيَّة، والكثير من الأموال، لكن ما لا نملكه هو الرضا على ما يرضي الله، بدلا من السعي وراء ما يرضي أنفسنا، لحظتها سيكون التطور والتقدم من نصيب من سعى وراء المصلحة العامة، وليس مصالحه الشخصيَّة، والنصر سيكون حليفًا لمن يستحقون هذا النصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى