محلياتمقالات

“القانون وجائحة كورونا (٢)”بقلم: د. أحمد بن صالح البرواني أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية البريمي الجامعية

أتشرف أن أواصل الحديث معكم حول القانون وجائحة كورونا، وسنبدأ بقانون حماية المستهلك وتأثير جائحة كورونا عليه، فبلا شك أن هذا القانون وُجِد لحماية المستهلك، فما هو تأثير الجائحة على التاجر والمستهلك؟ نجد أن هناك تأثيرات متعددة على التاجر ولعل أهمها أنه يجوز لرئيس هيئة حماية المستهلك أن يصدر قرار بوقف تقديم الخدمة أو تداول السلعة أو إتلافها إذا كان الإتلاف هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للخطر الناجم عنها وذلك في حال توافر معيار أو أكثر من المعايير المحددة قانونا، ولعل هناك الكثير من الخدمات التي تم إيقافها من قبل اللجنة العليا المكلفة لبحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، كما لوحظ التأثير على الضمان الممنوح للمستهلك والفترة المحددة له لرد السلعة أو طلب إستبدالها أو رد ثمنها وفقاً لما هو مقرر قانوناً.
ولعل قانون العمل يأتي في مقدمة القوانين التي حصل فيها الكثير من الإشكاليات، ولعل أهمها، هل يحق لصاحب العمل إنهاء خدمات العامل؟ وما هي الشروط التي يجب توافرها حتى يتمكن من إنهاء خدماته؟ وهناك أيضًا الخصم من الراتب وما هي الشروط الواجب توافرها حتى يتمكن صاحب العمل من الخصم من الراتب؟ وما هو دور وزارة القوى العاملة الرقابي على أصحاب الأعمال وما هي الإجراءات الممكن أن تتخذ من قبل الوزارة تجاه المخالفين لتلك القواعد؟ وهل من الممكن أن تصل لدرجة اعتبار هذه الأفعال من الجرائم الماسة بأمن الدولة خصوصاً وأنها تقع إضرار بمصالح السلطنة في زمن تمر البلد فيه بحالة من حالات الطوارئ، وهل سيؤثر ذلك لاحقاً على الإمتيازات التي يجب أن تقدمها الدولة للقطاع الخاص؟ ويثور التساؤل أيضا عن دور الاتحاد العام لعمال السلطنة في ظل هذه الجائحة، وهل من المناسب إعطاءه صلاحيات أكبر للحد من التجاوزات –إن وجدت- من قبل شركات القطاع الخاص للحفاظ على حقوق العامل، ولعل هناك من التجاوزات التي حصلت سواء بإلزام العمال بأخذ إجازات بدون راتب وبدون إتباع للشروط التي أقرتها اللجنة العليا والخصم من الراتب وتعليق الراتب أيضًا بدون مراعاة لتلك القرارات.
ولم يكاد العامل لينتهي من صدمة ذلك الخبر ليتفاجأ بأن بعض البنوك قامت بإستقطاع قسط المديونية وبالتالي تراكمت على العامل عدة عوامل سببت له الكثير من الإشكاليات، فمنها خصم الراتب أو إجباره على أخذ إجازه بدون راتب، وقيام البنك بإستقطاع قسط المديونية أو اعفاءه من القسط ولكن بالمقابل أخذ فائدة تثقل الكاهل، ومتطلبات شهر رمضان وعيد الفطر من بعده، وتوقف العمل قي مشاريع خاصة كثيرة أودت بالبعض لحافة الإفلاس، ولعل الأهم من ذلك هو نظر القضاء لدعاوي البنوك المقدمة على الأفراد الذين لم يتمكنوا من دفع ما عليهم من أقساط نتيجة عدم مقدرتهم لدفع القسط بسبب فصلهم من اعمالهم، حيث أنه وللأسف أن بعض البنوك لم ترحم ذلك الإنسان والظروف التي أجبرته على التوقف على الدفع فنجدها تقوم بإحتساب الفائدة وفقاً لإتفاقية القرض، ومنها من اخذ بالفائدة المركبة، وهنا يجب على البنك المركزي التحرك بشكل عاجل لدراسة هذه الحالات واصدار قرار بمنع البنوك من احتساب فوائد على القرض نتيجة التوقف بسبب الفصل من العمل، وبإجبار البنوك على القيام بإرجاع ما اخذته بدون وجه حق، وبجدولة المديونية فور حصول العامل على عمل آخر وبدون إحتساب أية رسوم أو فوائد أخرى، وأن يكون ذلك برقابة ومتابعة دقيقة من قبل البنك المركزي حماية للفرد ولأسرته وتقديراً للظروف التي منعته من الإستمرار في السداد، وأهيب بمجلس الشورى أن يأخذ زمام المبادرة في دراسة هذه الحالات بالطريقة التي يراها مناسبة وتتفق مع المصالح الفضلى للسلطنة ولأبناءها الكرام.

لعلي أكون قد أشرت إلى بعض المواضيع التي يجب الإنتباه لها، وسأواصل الحديث معكم في اللقاء القادم عن القانون وجائحة كورونا.
حفظ الله سلطاننا هيثم وغفر لوالدنا وسلطاننا قابوس ابن سعيد وأدام على عُماننا وعلى شعبها ومن يقيم فيها العز والرخاء والأمن والأمان، ونلتقي على خير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى