مقالات

الزلازل أو الهزات الأرضية بقلم خالد عمر حشوان

بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا فجر الإثنين الماضي والذي بلغت قوته 7.8 درجة وتسبب في تصدع يمتد طوله إلى 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية وكان مركزه بعد 26 كيلومترا تقريبا شرقي مدينة نورداي التركية وعلى عمق نحو 18 كيلومترا عند فالق شرق الأناضول وأطلق موجات تجاه الشمال الشرقي وتسبب في حدوث دمار لوسط تركيا وسوريا، أحببت أن أخصص هذا المقال عن الزلازل أو الهزات الأرضية لإثراء القارئ الكريم عن هذه الظاهرة الطبيعية والمدمرة في بعض الأحيان.
تُعرف الزلازل بأنها اهتزازات ناتجة عن طاقة مُحرَّرة من باطن الأرض على شكل موجات تتم في أوقات معينة نتيجة تقلصات في القشرة الأرضية سواءً كانت في البر أو البحر وتكون إما عامودية أو أفقية وتتكون أحيانا في بعض المناطق بشكل دوري منتظم وفي مناطق أخرى بشكل مفاجئ وتخلف دماراً وانهيارات وكوارث إذا كانت شدتها كبيرة رغم أنها تكون لبضع ثوانٍ أو دقائق في الحالات العنيفة، ويسمى المكان الذي يبدأ فيه حدوث الزلزال بمركز الزلزال، وتُعتبر كثرة الزلازل علامة من علامات الساعة كما أخبرنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله “لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، ويَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وتَظْهَرَ الفِتَنُ، ويَكْثُرَ الهَرْجُ – وهو القَتْلُ – حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ” (رواه البخاري).
أنواع الزلازل:- تنقسم الزلازل إلى أربعة أنواع اعتماداً على أماكن حدوثها وجيولوجية المنطقة وهي:
أولا: الزلازل التكتونية:- حيث تحدث عند تكسُّر القشرة الأرضية بسبب تأثيرات القوى الجيولوجية في الصخور والصفائح التكتونية وتُسبب تغيَرات فيزيائية وكيميائية وهي من أكثر أنواع الزلازل شيوعا وأكبر حجما من الزلازل البركانية وتعتبر من الزلازل الطبيعية (والتكتونية مأخوذة من كلمة تكتون اليونانية وتعني البناء أو الباني وهي الفرع العلمي ضمن الحقل الجيولوجي المُهتم ببنية القشرة الأرضية أو قشرة بقية الكواكب).
ثانيا: الزلازل البركانية:- ينتج هذا النوع بسبب القوى التكتونية التي تحدث تزامناً مع حدوث النشاط البركاني في المنطقة وتتضمن تصدّعات وتشوّهات أرضية وتدمير لبعض المباني السكنية والمجمعات وهي من الزلازل الطبيعية.
ثالثا: الزلازل الانهيارية:- تعتبر زلازل صغيرة الحجم والتأثير، وتحدث بسبب الموجات الزلزالية الناتجة عن انفجار الصخور تحت سطح الأرض كالكهوف والمناجم وهي تعتبر من الزلازل الصناعية.
رابعا: الزلازل الانفجارية:- وهي الزلازل التي تنشأ بسبب انفجارات لمعدِّات نووية أو كيمائية وتعتبر أيضا زلازل صناعية.
وهناك أنواع تم تصنيفها حسب العمق مثل الزلازل السطحية التي يتراوح عمقها ما بين 0-70 كيلومتر، والزلازل المتوسطة التي يتراوح عمقها ما بين 70-300 كيلومتر، والزلازل العميقة التي يتراوح عمقها ما بين 300-700 كيلومتر.
أما قياس درجة الزلازل فيعود الفضل فيها بعد الله للعالم تشارلز ريختر لاختراعه جهاز لوغاريتمي لقياس حجم وقدرة الزلازل في عام 1934م والذي يعتمد على سعة أكبر موجة مُسَجَّلة من نوع مُحدَّد من أجهزة القياس بالإضافة إلى المسافة بين مركز الزلزال وجهاز القياس وهو يُستخدم للتعبير عن الطاقة الزلزالية المُتَحَرِّرة بفعل الزلزال ولها تصنيف معين حسب الدرجة وهو يتمثل في التالي:

  • أقل من 3.5 درجة: لا يشعر به السكان في منطقة حدوثه ولكن يتم رصده بمقياس ريختر ويعتبر زلزال صغير جداً.
  • ما بين 3.5 – 5.4 درجة: يشعر به السكان في كثير من الأحيان ونادرا ما يسبب لهم أضراراً لأنه يعتبر زلزال خفيف.
  • أقل من 6.0 درجة: يسبب أضراراً طفيفة للمباني المصممة جيدا وأضراراً للمباني الضعيفة وذات المساحات الصغيرة ويعتبر من الزلازل المعتدلة.
  • ما بين 6.1 – 6.9 درجة: يسبب أضراراً ودماراً في منطقته وقد تصل آثاره إلى 100 كيلومتر من نقطة حدوثه ويعتبر زلزال قوي.
  • ما بين 7.0 – 7.9 درجة: يعد من الزلازل الكبيرة وذات الأضرار الجسيمة وعلى نطاق أوسع من الزلزال القوي.
  • أكثر من 8 درجات: يعتبر من الزلازل العظيمة وذات الأضرار الجسيمة ويشمل مئات الكيلومترات من نقطة حدوثه.
    الفرق بين حجم الزلزال وشدَّته:-
    كما ذكرنا سابقا مقياس ريختر يستخدم لقياس حجم وقدرة الزلزال وكمية الطاقة المنبعثة وليس قوته أو شِدَّته، لأن الشِدَّة هي مقياس قوة الاهتزاز الناتج عن الزلزال وتأثيراته مثل الأضرار البشرية والمادية التي خلفها، لذلك فور حدوث الزلزال يتم التعبير فقط عن حجمه بمقياس ريختر من مراكز الرصد ويتم فيما بعد تحديد شدته تبعا للأضرار وكمية الدمار التي سببها الزلزال، ولا يوجد مقياس ثابت لشدة الزلزال لاعتماده على التقييم البشري للخسائر والآثار الكارثية، وللعلم فإن الحجم والشدة لا يرتبطان ارتباطا مباشراً، لأنه يمكن لزلزال صغير أن تكون شدته عالية في منطقة مأهولة بالسكان، في حين يمكن أن يكون هناك زلزال كبير وتكون شدته منخفضه في منطقة نائية.
    الآثار التي تخلفها الزلازل على البيئة:- وهي كثيرة وأهمها هي:
  • انهيارات وانزلاقات أرضية خاصة في المرتفعات وفي مناطق الكهوف والفجوات تحت الأرض وتدمير المباني والطرق.
  • تشققات أرضية وتَمَيُّعْ التربة مما يؤدي أيضا لانهيار المباني والمنشآت التي تكون عليها والطرق والكباري.
  • هبوط أو ارتفاع في بعض المناطق من سطح الأرض كظهور أو غمر بعض الجزر والمناطق الساحلية.
  • موجات المد البحري العالي (تسونامي) والتي تتسبب في غَمْر مناطق كثيرة من السواحل بالمياه.
  • الحرائق الكبيرة والخطيرة بسبب تلف شبكات الكهرباء أو تسرب الغاز من الأنابيب المتضررة وانقطاع المياه.
    *الفياضات بسبب خلل في هياكل السدود وتسرب المياه المؤدي لانهيار المباني ووفاة بعض السكان لا قدر الله.
    وأختم ببعض الإجراءات الوقائية التي قد تُساهم في التقليل من مخاطر الزلازل والخسائر البشرية بإذن الله مثل تجنب البناء في الأماكن المعرضة للانزلاقات الأرضية وتساقط الصخور وتحسين الكفاءة الزلزالية للمباني عن طريق المتخصصين وعدم الهروب من المبنى لحظة الزلزال إذا كان جيد الإنشاء والاختباء في مكان آمن وإغلاق مصادر النار والغاز والكهرباء لتلافي الحرائق والبعد عن الأجسام المتساقطة وخاصة النوافذ والأبواب الزجاجية، وطمأنة الأطفال والتصرف بهدوء وعقلانية لإبعاد مشاعر الخوف عنهم وتجنب استخدام المصاعد، أما إذا كان المبنى سيء الإنشاء أو متهالك فالهروب بحذر هو أفضل طريقة آمنه لذلك، وفي حالة التواجد خارج المنزل فَيُفَضَّل البعد عن المباني السكنية للأماكن الخالية وعند القيادة يُفضل التوقف وتجنب السير داخل الأنفاق أو على الجسور والمكوث داخل المركبة، وفي المناطق الساحلية يفضل البعد عن الشواطئ بأكثر من كيلومتر قدر المستطاع لتجنب المد البحري (تسونامي) أو الصعود للطوابق العليا لمباني جيدة الإنشاء وفي النهاية نحن كمسلمين نؤمن بأن كل ما يصيبنا هو ما كتبه الله لنا كما قال الله تعالى في سورة التوبة {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (الآية-51).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى