“مجلة العربي الكويتية والرواية العربية !!” بقلم: عبدالواحد محمد – روائي عربي – مصر
هي عطاء ممتد من نبع كينونتها الثقافية والإنسانية والإبداعية (مجلة العربي) التي ألهمتنا جميعًا في رحلة الضاد، كيف هي عابرة كل المحيطات وصديقة كل بيت عربي من المحيط إلي الخليج فيه المذياع والتلفاز والإنترنت والجوال وهي تعزف أعمق نشيد عربي في كل بقاع الدنيا لإيمانها الراسخ بدور وطن بنّاء وطن مازال يكتب السرد الروائي العربي بعاطفة، وصدق من قال كلنا أبناءها مهما علت هاماتنا فهي الهامة والمظلة الكبرى (هي منظومة وطن).
لاريب هي نبض عربي ذات قباب مرتفعة وجبال راسخة منذ ولادتها عام ١٩٥٨م بمكنونها الثقافي المتميز في نقل صور حياتية ومعمارية وتاريخية من عواصم العالم أجمع، كما كانت المحتوى العميق لفرسان الثقافة الراقية عبر أطوار نسيجها الأدبي المؤمن بحرية الكلمة ومنح العقل الجمعي رسالة إبداع بلغة كانت ومازالت هي الأقرب لكل عقول الوطن، إنها مجلة العربي الكويتية التي تخطت أعوام عديدة في رحلة الصعود من جبال ووديان وهضاب وبحار ومحيطات بل دروب وأزقة وسماوات مفتوحة بكل لغات العالم لتؤكد هويتها العربية بكل تفرد وريادة واقتدار ونحن مازلنا نعيش الآن بعض من أجواء فيروس كورونا بلا كمامة ومطهرات يد وقيود لا تمت بصلة لعالمها الرشيق لنتصفحها بكل الرغبة الدائمة في البقاء بين عالمنا بحكمة الأجداد وقصيدة الآباء التي منحتنا عبر أبوابها المتعددة ورسومها المتحركة ومسابقاتها الشهرية متعة السفر لعواصم التاريخ، دمشق، القاهرة، بغداد، الرياض، مسقط، الخرطوم، عمّان، المنامة، القدس، دبي، الكويت، الرباط، الجزائر، تونس، بيروت… إلخ ونحن مازلنا نقرأ سيرة عظماء الأندلس وسخرية جحا وحكمة هارون الرشيد وأشعار مفدي زكريا وسينما صلاح أبو سيف وحوارات نجيب محفوظ وإبداعات الجواهري وادونيس وحنا مينا وفاروق شوشة وعالم المرأة الممتد بلا حدوج مع جدلية زمن وازمان وأطياف من هنا وهناك في جسرها الذي يحمل سلة فواكه وتمور وعباءتنا التي فيها عطر أجدادنا بل وأعمق حكايات ر وايتنا العربية ؟!.
لاريب كانت مجلة العربية الكويتية محركًا جدلي لرحلة عقل عربي من المحيط إلى الخليج ونحن نقرأ عبر طي أبوابها قصائد نزار قباني المبدعة والتي فاقت كل الوجود بشجونه الإنساني و الذي فيها أرثى بلقيس الحبيبة بكل أحزانه التي كانت أحزان السفر والغربة المؤقتة دون الحصول على حقه في التطعيم المجاني ضد فيروس كورونا كما كنا نعيش مع قصائد محمود درويش في منفاه الإجباري وترقب العودة إلى وطنه فلسطين وهو يحلم بخبز أمه وقهوتها التي كانت زاد عقله وهو يتمهل بعمق في قراءة ذات العيون الزرقاء فكان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش وجه آخر من وجوه الإبداع العربي الذين كتبوا على صفحات مجلة العربي الكويتية مرثية مبكرة لأمه الحبيبة التي قالت له كن شاعرًا بكل الصدق الذي يمنحنا جميعًا حرية السفر إلى كل بلدان الدنيا بدون حواجز كونية.
ومن رحم الوطن كتب نجيب محفوظ كثيرًا من مخطوطاته الأولى لبناء مشروع روائي فيه النيل والحارة المصرية يؤكدان على هوية الوطن بكل هدوءه وتأملاته السينمائية مع رفيق رحلته المخرج الكبير صلاح أبو سيف في خان الخليلي وبين القصرين والثرثرة فوق النيل والحب فوق هضبة الأهرامات وحكايات قهوة الفيشاوي التي كانت عينه في ميدان الحسين كما كانت بيته الذي سكنته فيه مخطوطاته الروائية وهو يتحدث بلغة الضاد الأزلية !
كما كان فاروق شوشة لغتنا الجميلة كانت أشعاره حكاية من حكايات جدتي العربية وهو ينقلنا من عصن الزيتون إلى صحراء الجزيرة العربية. بل كان دكتور مصطفي محمود هو الآخر يكتب رحلته من الشك إلى اليقين بوعي من يقرأ كل برديات عالم في تأملاته العميقة ونداءات برنامجه التلفازي العلم والإيمان.
ومن الطرف الآخر كانت كل كلمات حنا مينا الروائي السوري ترجمة داخلية لحياة ما بعد الرحيل في أيامه الخوالي التي سطرها بنُبل سوري ورغبة دائمة في الإبداع الذي فيه سوريا الوحدة والقصيدة الخالدة مع الفنان الكبير دريد لحام الذي مازال يكتب في مجلة العربي ذكرياته المسرحية وذكريات الاخوان رحباني.
وشاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري الذي داعب كل نبض عربي بحلو قصائده التي مازالت قنديلاً في رحلة زمن مهما تصاعدت الأدخنة من سماوات هي دومًا غير عربية !
وحكايات أسواق عكاظ والمربد والقاهرة وحلب ودمشق والرياض ومسقط وكل بقاع العروبة التي سطرتها أقلام مبدعة عبر عزف مجلة العربي الكويتية التي عبرت كل حدود الدنيا بلغة وطن !
ومع روائع مجلة العربي الكويتية كانت مسابقات القصة القصيرة بالتعاون مع بي بي سي تجسد عمق الوطن في قصة (الكاميرا ) التي كتبها الروائي العربي عبدالواحد محمد كاتب تلك السطور المتواضعة وهو يقرأ بردية جدته العربية التي ماتت وهي مازالت ترتدي عباءتها العربية رغم كل إغراءات من حاولوا استبدال عباءتها بفستان قصير وبنطلون ممزق من الخلف فكانت عمق القصيدة العربية في كل نداءات وعواصم الوطن العربي وهي تقول بكل عزة وكبرياء، لا لكل ليل فيه ألحاننا الشرقية تسافر خلف الضباب خلف الأوهام.
وهكذا كان أبي الشيخ الأزهري يكتب هو الآخر كل معاني النبل والخير والسلام في سماوات مجلة العربي الكويتية دون زيف وهو يؤكد لنا أن العروبة خالدة مع صوت فيروز، وأم كلثوم، وميادة حناوي، وناظم الغزالي، وكاظم الساهر، وأصالة، وماجدة الرومي، ونجاة حليم، وفريد الأطرش، ولطفي بوشناق، ومحمد عبده، وعبدالله الرويشد، وطلال مداح، وألحان بليغ حمدي، وعبدالوهاب، والسنباطي، ووديع الصافي، وسيد درويش الموجي الطويل، والشيخ سيد مكاوي والتي فتحت كل أبوابها بالمجان لمن يبحث عن حلمه بين طيات مجلة كل بيت عربي اسمها بكل فخر (العربي الكويتية) فمهما ارتفع الدولار ظلت كما هي كبيرة وآبية، العربي الكويتية على عهدها عميقة الأهداف رغم زهد سعرها الذي لا يتجاوز كم فلس في عالمنا العربي مع سنوات ألفيتنا الثالثة التي جعلت من حكايتها أسطورة وثقافة ووطن.
ومع حلم ممتد من عالمها الأندلسي الإبداعي بكل معاني السلام والإيمان بالوطن نكتب حكايات روايتنا العربية على صفحاتها بكل عزة وكبرياء، اليوم وغدًا ومستقبلاً بلا كلل ورغبة دائمة في العطاء وعلى أبواب ديارها دائمًا أغصان الزيتون وألحان تبقى دومًا فيروزية.