“الخُلْع في الإسْلام” بقلم خالد عمر حشوان
يعرف الخُلْع بأنه الطلاق باتفاق بين الزوجين على عوض (سواء كان العوض هو المهر الذي دفعه الزوج أو أكثر أو أقل) أي أن الزوجة تدفع ذلك العوض مقابل الحصول على الطلاق ويسمى أيضا الفداء أو الطلاق على العوض وهو أحد الحلول الشرعية للخلافات الزوجية والشقاق، وقد حصل ذلك في عهد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أول حالة خُلْع في الإسلام عندما طلبت حبيبة بنت سَهل الأنصاري وهي زوجة ثابت بن قيس الخُلْع بعدما كَرِهَت عدم الوفاء بحقِّه لبغضها له، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ” أتَردّينَ عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: أقبل الحديقة، وطلقها تطليقة ” (رواه البخاري).
وفي هذا الحديث يتضح لنا أن المعاملة السيئة للزوج تُعَدّ كُفراً والعياذ بالله، لما فيها من الاستهانة بالعلاقة الزوجية وجحود حقوقها المشروعة، وهذا يدخل في كُفْران العشير، وينافي ما يقتضيه الإسلام وفيه مشروعية خلع المرأة لزوجها.
أما إذا طلبت الزوجة الطلاق من غير عِلِّةٍ فبذلك تَحْرُم عليها رائحة الجَنّة كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام ” أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقاً في غير بأسٍ، فحرام عليها رائحة الجنةِ ” (رواه أبي داود)، وهو من المبالغة في التهديد والتحذير للزوجات، خاصة وأن ريح الجنة تُوجَدُ من مَسيرة أربعين عاماً كما أخبرنا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
حكم الخلع في الإسلام :- يُعَدّ حكم الخُلْع كحكم الطلاق في الإسلام فهو مباح بعلّة شرعية ولكنه مَبْغُوض ومَنْهِى عنه إذا كان لغير سبب شرعي سوى رغبة الزوجة في فراق الزوج والتَزوّج من آخر، وهو ما يعرف بالتذوق وقال عنه النبي عليه الصلاة والسلام “إن المختلعات هن المنافقات” رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934)، وبه راعى الإسلام مشاعر الزوجين وحقوقهما في حالة صعوبة استمرار الحياة الزوجية وأعطى حق الخُلْع للزوجة بشروط كما أعطى حق الطلاق للرجل بحقوق وهي من حكمة الشرع وواقعية الإسلام للوقاية من التعدي على حدود الله في حقوق الزوجين.
الأسباب الموجبة لقرار الخُلْع شرعا :-
- سوء معاملة الزوج أو خلقه مع زوجته أو نقص في دينه بحيث لا يمكنها تحمله خاصة إذا كان هناك تَعَدِّي جسدي.
- كراهية المرأة لزوجها وبغضها له دون سوء خلق أو دين أو معاملة منه، كما حدث في أول حالة خلع في الإسلام.
- عضل الزوج لزوجته وكُرْهِه لها وتركها كالمُعَلّقَة دون طلاق (وإن كان يُحْرَم عليه ذلك).
- خوف الزوجة من الإثم والتقصير بترك حقوق زوجها وعدم القيام بها لذلك طلبت الخلع.
- بغض الزوج للزوجة والتضييق عليها دون وجه حق لدفعها طلب الخلع والفِدَاء بمال مقابل ذلك.
الشروط الواجب توافرها لصحة الخُلْع :-
أهلية الزوج التي يمكن من خلاله وقوع الطلاق أي أن يكون بالغاً عاقل.* - أن يكون النكاح صحيحا كاملاً بآثاره سواء تم الدخول أم لم يتم.
- وجود سبب مقنع لدى الزوجة كما ذكرنا سابقا يدعو للخلع وكما فعلت حبيبة الأنصاري زوجة ثابت بن قيس.
- أن يتم الخلع على عِوض، أي مقابل مادي تدفعه الزوجة مقابل الخلع ويقبله الزوج.
- ألا يكون نتيجة عضل وعناد وإضرار بالزوجة نتيجة طلبها الخلع.
- أن يكون العوض ملكاً للزوج بعد الخلع سواء كان من المال أو الأعيان أو المنافع كحديقة ثابت بن قيس.
وأختم برسالة خاصة لكل زوجين وافقا على رباط الزوجية المقدس لتكون ثمرته هي المودة والألفة والرحمة وتكوين أسرة مسلمة تخدم الدين والمجتمع والوطن وأبدأ بالزوج حيث أوْصَى الرسول عليه الصلاة والسلام بالنساء خيراً في قوله “استوصوا بالنّسِاءِ خَيراً، فإنِّهنَّ عندَكُم عوانٍ” (صحيح ابن ماجه) وقوله “خَيْرُكُم خَيركُم لأهلِهِ، وأنا خَيْركُم لأهْلِي” (رواه الترمذي) حيث لابد من حسن المعاملة وحسن الخلق معهم والتودد لهم والدعاء لهم كما عَلَمَنا الله في قوله تعالى “والذين يقولون رَبّنا هَبْ لنا مِن أزواجِنا وذُرياتنا قُرةَ أعينْ، وأجْعَلنا للمُتّقين إمَامَا” حتى يكون الزوج عونا لزوجته في هذه الحياة وكي لا يصل الحال بالزوجة إلى كراهية الزوج وطلب الخُلْع، أما الرسالة الأخرى فهي مخصصة للزوجة التي سِرُّ سعاتها هو تقواها لربها وطاعتها لزوجها والمعاملة الحسنة معه والحرص على إسعاده وإعانته على طاعة الله والبعد عن الحرام والشكر له بعد الله والصبر على ما كتبه الله لها وحُسْن تربية الأبناء والتَوَدّد للزوج الذي أوصى به الرسول عليه الصلاة السلام في قوله “تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُود” (رواه أحمد) وفيه قدم الرسول عليه الصلاة والسلام الودود المُتَحَبّبة والمُتلطّفة في كلامها ومعاشرتها وبشاشتها لزوجها على الولود التي يكثر نسلها أو تكون شابة أي أصغر سنا من غيرها، خاصة أن الأسرة المسلمة في عصرنا الحالي مستهدفة بالدرجة الأولى من أعداء الإسلام ويعملون على إفسادها بشتى الطرق وجرفها إلى التفكك والضياع والحرية المطلقة والتبرج والانحلال التي لا خطام لها ولا عنان، لذلك لابد للزوجين من الحرص على التواصل الجيد والحوار البناء والتحلي بالنضج الكامل وتحمل المسؤولية وعدم التقصير في الثناء والشكر عند الاجتهاد والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي وكافة الحقوق مع ضرورة المشاركة في المسؤوليات الزوجية والاعتذار والتسامح عند حدوث الأخطاء والتقصير، والقضاء على العادات السلبية والمحافظة على الاحترام المتبادل بينهما وخاصة أمام الأبناء.
أحسنت الكاتب المبدع أبا محمد
مقال رائع جداً فندت وأجدت
بارك الله فيك
الحياة الزوجية تبنى على اساس مخافة الله سبحانه وتعالى وعلى المودة والعشرة كحد أدنى اذا ماوجد حب صادق لان الحب هبه من الله وليس للجميع .. ليس هناك زواج كامل، ولا حياة وردية، حرر عقلك من التوقعات الغير واقعية!
لكن فرق بين من يتغاضى ويتراضى وبين من يحقق ويدقق، الحياة جميلة حينما تتعامل معها بأنها ناقصة فهي ليست جنة الخلد، فعاملها على أصلها تستريح،، .ايضاً جمال الرجل بعقله وجمال الطير بريشه فرفقاً بالقوارير ..