الفجوة تتسع.. لا تناغم بين سياسات تل أبيب وواشنطن
د ب أ – العربي
يرى المحلل الأمريكي جوناثان بانيكوف، أنه يتعين أن تنظر إسرائيل إلى دعوة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لزيارة واشنطن، قبل دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على أنها انعكاس لالتزام الولايات المتحدة العميق تجاه إسرائيل، ولكن كاعتراف بأن سياساتها الحالية غير متناغمة مع سياسات واشنطن.
وكان نتانياهو قد تلقى يوم الإثنين الماضي، دعوة من البيت الأبيض لعقد لقاء محتمل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل نهاية العام الجاري في مكان ما.
ومن جهة أخرى، أمضى هرتسوغ الذي لا ينتمي إلى أي حزب في البلاد ويتمتع بصلاحيات محدودة، مساء الثلاثاء الماضي مع بايدن في المكتب البيضاوي قبل إلقاء خطاب في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس في اليوم التالي بمناسبة الذكرى الـ 75 لتأسيس إسرائيل.
وقال بانيكوف، مدير مبادرة “سكوكروفت” الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، إن “انتهاج سياسات مختلفة حق سيادي لإسرائيل لاجدال فيه، ولنتانياهو بوصفه رئيس وزرائها، ولكن إذا أصبحت هذه الخلافات هي السمة الطاغية، فإن هذا يمكن أن يهدد بشكل دائم بتغيير طبيعة العلاقة بين الدولتين”.
ويضيف بانيكوف أن النهج الصحيح تجاه إيران، والذي يعد دائماً على سبيل المثال مبعث القلق الميهمن في السياسة الخارجية بالنسبة للقدس، يواصل التسبب في حدوث انقسام بين إسرائيل والولايات المتحدة، حتى في الوقت الذي ساعدت فيه اتصالات ثنائية قوية وتعاون ذو مغزي بشان هذا الموضوع على تخفيف الخلاقات العلنية، مثما حدث في عام 2015 بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي الإيراني). ولكن من غير المرجح أن تخفف الاتصالات الممتازة رد فعل إسرائيلي علني وغاضب إذا وافقت إدارة بايدن حتى على اتفاق محدود مع طهران.
وأضاف بانيكوف، نائب مسؤول شؤون الشرق الأوسط السابق في الاستخبارات القومية الأمريكية أنه “في الوقت الذي تحسنت فيه الاتصالات بشأن إيران، يبدو بالعكس أنها تراجعت عندما تعلق الأمر بتحديات كبرى أخرى في السياسة الخارجية”.
ويتسبب التوسع المقترح للمستوطنات والعنف بين المستوطنين والفلسطينيين في إبطاء وتيرة التقدم بين الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، وهو ما أكده مؤخراً قرار المغرب بإلغاء استضافة منتدى النقب لهذا العام، ويؤكد بانيكوف أن الاتفاقيات هي أمر توليه الولايات المتحدة أهمية كبيرة، وتم إنشاء منصب جديد للتو في وزارة الخارجية مكرس لهذه القضية.
وفي الخارج على نطاق أوسع، من شأن قرار نتانياهو بزيارة الصين في وقت لاحق هذا العام أن يؤدي إلى خلاف عميق لأنه يبدو أنه لا يتعلق بعلاقة ثنائية حقيقية بين الصين وإسرائيل، بقدر ما يتعلق بكونه وسيلة لدفع الولايات المتحدة وإرغامها على زيادة انخراطها الإقليمي. ويأتي الحديث بشان قرار نتانياهو بزيارة بكين عقب شعور الولايات المتحدة بالإحباط إزاء رفضه في الشتاء الماضي تزويد أوكرانيا بصواريخ هوك المضادة للطائرات، والمتوفرة في المخزن حالياً.
وتشعر إسرائيل منذ فترة طويلة بأن تزويد أوكرانيا بأسلحة يمكن أن يؤدي إلى وقوعها في الأيدي الخطأ، مما يهدد أمن إسرائيل. وعلاوة على ذلك، فإن القدس قلقة من أن نقل هذه الأسلحة إلى أوكرانيا سوف يدفع روسيا إلى عرقلة حرية إسرائيل في العمل لضرب أهداف إيرانية وأخرى لميليشيا حزب الله في سوريا، حيث لاتزال روسيا تعمل هناك.
وفيما يتعلق بالاحتجاجات التي تشهدها إسرائيل ضد الإصلاح القضائي المقترح، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن للكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز”، توماس فريدمان يوم الثلاثاء الماضي إن “هناك حاجة للسعي إلى أوسع توافق ممكن في الآراء عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات القضائية”، وجاء هذا التصريح كمتابعة لتعليقاته في شهر مارس(أذار) الماضي، عندما قال إن “هناك حاجة للتوصل إلى “حل وسط”.
وفي شهر مارس(أذار) الماضي، رد نتانياهو على هذه التعليقات باستياء على ما يبدو، مشيراً إلى أن إسرائيل “دولة ذات سيادة”وترفض” الضغط من الخارج”، ولكن الرئيس آنذاك مثل الآن، لم يكن يسعى للتدخل في سياسات إسرائيل الداخلية. بل أنه كان يعكس ضمنياً صهيونية خاصة به، ويكاد يكون من المؤكد أنه كان قلقاً من أنه إذا لم تعد إسرائيل تشارك على نحو ذي مغزي المبدأ الراسخ للديمقراطية، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل سوف تتحول مع مرور الوقت من علاقات بقيود قليلة إلى علاقة أضيق كثيراً و لها سقف.
وهذا هو تحدى عدم التلاحم بين البلدين بصفة عامة. ولطالما يمكن للحلفاء أن يتفقوا على ألا يتفقوا بشأن السياسات. ولكن عندما يبدأون في عدم التوصل إلى توافق بين الكثير منها، فإن هذا يمكن أن يهدد أطر العلاقات الأوسع نطاقاً، بصرف النظر عن مدى قوتها.
ومثل هذه الفجوة في السياسة لن تعرض للخطر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل اليوم، ولكن إذا استمرت واتسع نطاقها، فإنها يمكن أن تعرضها للخطر في المستقبل، وفي مرحلة ما هذا العام، من المحتمل أن يلتقي بايدن رئيس الوزراء نتانياهو، ولكن الكيفية التي سوف يسير بها اللقاء سوف تتوقف على ما إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل متحالفتين بشكل أفضل أم لا.