مقالات

“كيف نربي الأطفال على تحمل المسؤولية؟” بقلم: خالد عمر حشوان 

تربية الأطفال من المهام الشاقة على كل أب وأم يهتم بها ويحرص على تنشئة الأطفال تنشئة سوية ترضي الله ورسوله باستخدام أساليب تربوية مناسبة تعتمد على أهمية الدين والأخلاق في حياتهم وطرق التعامل الراقية مع الآخرين وتحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم، لأنها رغبة الوالدين وهدفهم الأسمى في هذه الحياة.

ونعني بتحمل الأطفال المسؤولية هو الاعتماد على أنفسهم والوفاء بوعودهم والتزاماتهم الأسرية وتحمل عواقب قراراتهم وسلوكهم والاعتراف بأخطائهم وتقبل النصائح التي تفيدهم وتجنبهم الوقوع في الأخطاء مجددا، وتكون سببا في إبراز أعضاء فاعلين ومساهمين في بناء الأسرة والمجتمع منذ أول مسؤولية تواجههم في الحياة وهي النجاح في المراحل الدراسية في الصغر والتخرج من الجامعة في مرحلة الشباب والنجاح والتميز في الحياة العملية فيما بعد.

الطرق التي تساعد الأطفال على تحمل المسؤولية :- هناك طرق كثيرة لذلك ونركز على أهمها وأكثرها تأثيرا وهي:

* البداية من سن مبكرة :- يفضل علماء النفس البداية من سن ثلاث سنوات بتعليم الأطفال معنى المسؤولية بمفاهيم تناسب أعمارهم وبأسلوب تدريجي للتأكد من وصول الرسالة لهم، ولنا في حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام القدوة في ذلك والذي قال فيه ” مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ و هم أبناءُ سبعِ سِنِينَ ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ” (المحدث الألباني-صحيح الجامع).

* السماح لهم بالمساعدة :- الأطفال لديهم حب المساعدة والمشاركة في المنزل ولابد من وعي الوالدين لذلك وإدخال السرور على قلوبهم وخلق الشعور بالمسؤولية لديهم تجاه أسرهم من هذا المنطلق بإعطائهم الفرصة للمساعدة والصبر عليهم وتشجيعهم وشكرهم عند الإنجاز لإحساسهم بالفخر واستمرارهم في حسن الأداء. 

* القدوة الحسنة :- الآباء والأمهات هم القدوة الحسنة للأطفال لذلك لابد من الالتزام والإحساس بالمسؤولية خاصة أمام الأطفال، كأن لا نطلب منهم عدم الدخول بالأحذية (أكرمكم الله) وندخل بالأحذية، أو نطلب منهم النجاح ونحن فاشلون، أو العمل ونحن كسالى خاملون، أو الصلاة ونحن والعياذ بالله تاركون.

* وضع الخطط والأهداف :- لكل مرحلة من الطفولة أهداف وتحتاج هذه الأهداف لخطط مسبقة، لذلك لابد من تعليمهم البدء بتحديد الأهداف المطلوبة ثم وضع الخطط مسبقا لتحقيقها بما يتناسب مع أعمارهم وتفكيرهم مثل كيفية التوفير من المصروف بهدف شراء سلعة معينة أو لعبة يحتاجونها في فترة معينة.

* النمط الصحي للحياة :- لاحظنا في الفترة الأخيرة ظهور أمراض الشيخوخة عند الأطفال كمرض السكري وهو دليل النمط غير الصحي عند بعض الأطفال، لذا لابد من تعليمهم اختيار الغذاء الصحي المفيد مثل الفواكه والخضروات وممارسة نشاط رياضي مناسب لهم والنوم والاستيقاظ مبكرا والاهتمام بالنظافة وخاصة الأسنان والمظهر الشخصي.

* توزيع المسؤوليات على الأطفال :- إن توزيع المسؤوليات على الأطفال كل يناسب عمره وإمكاناته ومتابعة الالتزام بها وأدائها في أوقاتها يساهم في عدم زرع الاتكالية عندهم على الغير وشعورهم بالمسؤولية الموكلة لهم ومعرفة المطلوب منهم والوقت المحدد للإنجاز.  

* الشرح والتوضيح بدلا من الأمر :- يسهل على بعض الآباء إصدار الأوامر دون استخدام أسلوب الشرح والتوضيح الذي هو الأفضل والأجدر مع الأطفال كطلب الآباء أو الأمهات من الطفل “قم بتنظيف غرفتك” ولو تم استخدام أسلوب الشرح والتوضيح مثل “تحتاج غرفتك لترتيب السرير وتنظيم الألعاب وترتيب المكتبة والأدوات” لكان أجدر وأنسب في تحديد المسؤولية المطلوبة بدقة واضحة.

* استخدام المرح لإنجاز المطلوب :- وهو مشاركة الآباء أو الأمهات الأطفال أداء مسؤولياتهم ببعض المرح والغناء والضحك لتخفيف الضغط عليهم وحثهم على حب المسؤولية والإنجاز والتشجيع على الالتزام مع عدم الإحساس بالوقت في الأداء، ولكن يتم ذلك مع الحذر من الاتكال والتكاسل والخمول. 

* الشكر والثناء المتوازن والعقاب عند التقصير :- كالجمل المفيدة بعد إنجاز الطفل مسؤولياته مثل ” أحسنت بعمل كذا …” أو “شكرا لهذا العمل” أو “كان عملا مميزا وجميلا” وهي عبارات تشجيعية تساعد على استمرار السلوك الإيجابي، والعقاب المعقول عند الأخطاء والتقصير لتعليمهم التركيز والالتزام بحيث لا يصل للعنف والقسوة عليهم.

* التوقعات المنطقية لأدائهم :- وتعني عدم المبالغة في التوقعات المطلوبة من الأطفال، بحيث لا نطلب منهم أداء مسؤولياتهم بجودة عالية من الوهلة الأولى ولابد من مراعاة مراحلهم السنية وقدراتهم ومنحهم فرصة التدرب على المسؤولية بالتشجيع وتوضيح نقاط الضعف وطرق علاجها للوصول للأداء المرضي.

* تجنب أسلوب المكافآت :- قد يعتقد الأطفال أن أداء مسؤولياتهم مرتبطا بحصولهم على المكافآت، لذا قد ينتكس الأطفال عند وقف المكافآت التي تعودوا عليها وهو أمر غير محبب في التربية على المسؤولية مع الأطفال. 

* نظام الروتين العائلي :- وهو الروتين العائلي اليومي المتبع مثل الاستيقاظ مبكرا وإفطار الصباح والخروج في وقت محدد للمدرسة والعودة منها وتناول الوجبات معا والنوم مبكرا، لأن الروتين اليومي يساهم في تعليم الأطفال العادات الجيدة والالتزام وتحمل المسؤولية والتعود عليها.

معوقات تعليم الأطفال المسؤولية :- ويمكن التركيز عليها في النقاط التالية وهي:

* الحب الزائد للأطفال والرغبة في حمايتهم والإفراط في الدلال والتسامح له عواقب وخيمة في التربية على المسؤولية.

* الحزم الزائد الذي يصل للعنف والقسوة والصرامة يفقد الأطفال ثقتهم في أنفسهم ويشعرهم بالخوف وعدم الأمان.

* التدخل المتزايد وغير الضروري في شؤون الأطفال يعيق أداء أدوارهم ويفقدهم الاعتماد على أنفسهم مع التردد دائما.

* عدم مشاركة الأطفال في المشاكل الأسرية التي تخصهم واتخاذ القرارات حسب الفئة العمرية لهم لا يجدي في التربية.

* عدم التزام الآباء والأمهات بمسؤولياتهم ووعودهم، وممارسة العادات السيئة أمامهم يقتل إحساسهم بالمسؤولية.

* ترسيخ القيم غير الجيدة والفكر السيء لدى الأطفال منذ الصغر مثل الخوف من مساعدة الآخرين والأنانية.   

وأخيرا وليس آخرا، إن المسؤولية هي أحد أهم القيم التي تقع على عاتق الآباء والأمهات ويجب غرسها في الأطفال منذ الصغر وتهيئتهم وإعدادهم للحياة المستقبلية التي سوف يواجهونها لأنها المعنى الحقيق للتكليف بإنجاز مهمات ومسؤوليات يتعود عليها الأطفال ويتقنونها مع التدريب والوقت والتي تساهم في بناء شخصياتهم وقدراتهم ومهاراتهم وتؤثر في بناء الأسرة والمجتمع، لذا فهي أمانة لابد الاهتمام بها لتنشئة أجيال مسؤولة تكمل مسيرة قطار الأمة الإسلامية والعربية في المستقبل القريب. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى