كيف اخترق الجناة بهجوم بوندي في أستراليا «الإطار الذهبي» لحظر الأسلحة؟

رغم أن حوادث إطلاق النار الجماعي تُعد نادرة للغاية في أستراليا، فإن الهجوم الدموي الذي شهدته البلاد اليوم، أعاد تسليط الضوء على واحدة من أكثر تجارب ضبط السلاح صرامة في العالم، وهي التجربة التي كثيراً ما يتم الإشادة بها، وأطلق عليها «الإطار الذهبي لحظر الأسلحة مع المدنيين» خاصة من قبل دعاة تشديد قوانين السلاح في الولايات المتحدة.
هجوم بوندي في أستراليا يطرح أسئلة جديدة
حتى الآن، لم تكشف الشرطة الأسترالية عن نوعية الأسلحة التي استخدمها المسلحان في الهجوم الأخير على شاطئ بوندي في سيدني والذي استهدف احتفالاً يهودياً «الحانوكا» وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصاً وإصابة آخرين، وضبط مشتبه فيه يدعى نافيد أكرم.
وأكدت السلطات أن أحد المهاجمين قُتل في موقع الحادث.
ولكن أعاد الهجوم فتح نقاش واسع حول حدود فعالية قوانين السلاح في أستراليا.
مجزرة 1996..اللحظة التي غيّرت أستراليا إلى الأبد
شهدت أستراليا تحولاً جذرياً في سياساتها المتعلقة بالسلاح عقب مجزرة «بورت آرثر» عام 1996، حين أقدم مسلح على قتل 35 شخصاً وسط بلدة صغيرة، في واحدة من أسوأ الحوادث في تاريخ البلاد، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
أثارت تلك المجزرة صدمة وطنية دفعت الحكومة إلى مراجعة شاملة لقوانين امتلاك الأسلحة، في خطوة وُصفت آنذاك بأنها نقطة فاصلة في تاريخ الأمن الأسترالي.
أستراليا: حظر شبه كامل وتدمير مليون قطعة وبرامج شراء إلزامية
في أعقاب المجزرة، فرضت السلطات الأسترالية حظراً فعلياً على البنادق الهجومية والعديد من الأسلحة شبه الآلية، إضافة إلى أنواع من البنادق والخرطوش.
كما أطلقت الحكومة برامج شراء إلزامي للأسلحة، أدت إلى سحب ما يصل إلى ثلث الأسلحة المملوكة للمدنيين من التداول.
وبحسب تقديرات رسمية، جرى صهر وتدمير نحو مليون قطعة سلاح، إلى جانب فرض أنظمة تسجيل صارمة وقيود مشددة على شراء الأسلحة وحيازتها.
عقود بلا مجازر..استثناء نادر
على مدى عقدين كاملين بعد هجوم 1996، لم تشهد أستراليا أي حادث إطلاق نار جماعي مماثل.
ولم تُسجل سوى حادثة واحدة بارزة في عام 2018، عندما قتل رجل ستة من أفراد أسرته قبل أن ينتحر، في واقعة بقيت استثناءً نادراً في سجل العنف المسلح بالبلاد.
سهولة الوصول للأسلحة بثغرات بين الولايات
رغم السمعة الصارمة لمنظومة ضبط السلاح في أستراليا، والتي وصفت بـ «الإطار الذهبي»، حذر خبراء السلامة منذ سنوات من أن الحصول على السلاح لا يزال أسهل مما يتصوره كثيرون.
وأشار هؤلاء إلى وجود ثغرات قانونية واختلافات كبيرة بين قوانين الولايات، حيث يسمح بعضها للمدنيين بشراء الأسلحة بسهولة وبشكل قانوني قبل أن تنتهي في بعض الحالات إلى أيدٍ إجرامية، عبر غياب الرقابة وضعف المتابعة بعد منح التراخيص.
كما أنه عندما وُضعت إصلاحات ما بعد بورت آرثر، لم تكن السلطات تتوقع ظهور تهديدات حديثة مثل الأسلحة المطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد أو تصاعد حركات متطرفة معادية للدولة.
اتفاق وطني غير مكتمل
رغم الإجماع الواسع على أهمية الاتفاق الوطني للأسلحة النارية، فإن تطبيقه لا يزال يعاني قصوراً واضحاً.
ويضعف غياب سجل وطني موحد للأسلحة، وتباين التشريعات من ولاية إلى أخرى، من قدرة السلطات على تتبع حركة السلاح داخل البلاد، ويخلق فجوات رقابية قد تُستغل بطرائق خطيرة.
أرقام مقلقة: الأسلحة تعود بقوة
المفارقة أن عدد الأسلحة في أستراليا اليوم يفوق ما كان عليه في أعقاب مذبحة بورت آرثر، رغم كل القيود المفروضة.
ومع وجود أكثر من أربعة ملايين قطعة سلاح ودخول آلاف الأسلحة الجديدة إلى السوق أسبوعياً بشكل قانوني، أصبح عدد الأسلحة للفرد أعلى مما كان عليه قبل عقدين، وهو واقع يثير قلقاً متزايداً لدى دعاة تشديد القوانين.



