مقالات

” قضاء دون عناء ” بقلم : د. أحمد بن صالح البرواني استاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة الشرقيه

نظم المشرع كل ما يتعلق بالقضاء وذلك لتبسيط الإجراءات وسرعة الفصل في القضايا وإعطاء المزيد من الهيبة والثقة للقضاء ولأحكامه.
وجاء التنظيم الأخير بتوحيد القضاء حيث تم ضم القضاء الإداري للمحاكم العادية، وبالتالي فقضاء موحد وإجراءات موحدة أفضل وايسر على المتقاضين لفهم نظام التقاضي ابتداء من رفع الدعوى وحتى تمام التنفيذ.
ولعل من نافلة القول ان ما اطرحه هنا هو خواطر أردت بها المساهمة في زيادة فاعلية القضاء وكفاءته ورفع المشقة والحرج عن جميع الأشخاص، وهو الهدف الذي ينشده الجميع.
وسابدأ هذا المقال بموضوع تقييم الدعوى وهو أمر تنتهجه الدوائر الجزائية والدوائر المدنية وتفصيل ذلك باختصار ان اي دعوى تقدم يتم تقييمها من حيث صلاحيتها لتنظرها المحاكم الجزائية أو الإداريه، حيث يتولى الادعاء العام إجراءات التحقيق الابتدائي في الدعاوي الجزائية ليصل في النهاية إلى قناعة بسلوك احد طريقين أولهما حفظ الدعوى وله أسباب محددة قانونا ومن أهم هذه الأسباب عدم وجود جريمة وعدم كفاية الأدلة، والطريق الثاني هو إحالة الدعوى للمحكمة وهذا الطريق مشروط بأن يجد الادعاء العام ان هناك جريمة ارتكبت وأن الأدلة المتوفرة تشير إلى إمكانية اقتناع المحكمة بإدانة المتهم.
ولا يثير قرار الحفظ اي اخلال بحق المجني عليه او اي طرف حيث يجيز له القانون التظلم من قرار الحفظ خلال عشرة أيام من إعلانه بالقرار.

ويعرف القضاء الإداري هذا التقييم حيث أن اي دعوى اداريه لا يتم تسجيلها الا بعد إجراء تقييم لها.

ونود من المشرع ان يتدخل لإقرار تقييم رفع الدعاوي الأخرى ومنها العمالية والتجارية والمدنية والايجارات والاستثمار… لما في ذلك من مصلحة تعود على الجميع فالمدعي نفسه سيعلم ان دعواه أصبحت مقبولة من ناحية الشكل وايضا ما قدمه من أدلة وبراهين يكفي ولو في المرحلة الأولى لنظر دعواه، والمدعي عليه لن يتكلف مشقة وتعب في حضور الجلسات والمحاكم ستوفر الجهد والوقت والمال بحيث لا تنظر الا الدعاوي التي لها اساس قانوني سليم، ومؤيدة بأدلة وبراهين تكفى لحمل المحكمة على تكوين عقيدتها بصدق الدعوى وبالتالي ستحقق مبدأ عدم السماح باساءة استعمال حق التقاضي وغير ذلك من الفوائد.
وذلك مشروط بضرورة وضع الضمانات لرافع الدعوى بحيث تشكل لجنة التقييم من عدد من القضاة، وإن يمكن رافع الدعوى وكل من له مصلحه من التظلم من القرار وأن ينظر التظلم في غرفة المداولة، في فترة زمنية لا تتعدى عشرة أيام مع مراعاة تمكين الخصم من الحضور أو إبداء دفاع مكتوب بدون الحضور خلال فترة لا تتعدى اسبوع من اخطارهم بالتظلم

الأمر الثاني هو الإعلان القضائي الالكتروني :
حيث نظم المشرع العماني الإعلان القضائي في قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني وتم تعديل بعض القواعد في قانون تبسيط إجراءات التقاضي.
وكان قانون الإجراءات المدنية والتجارية يتطلب تسليم الشخص المطلوب إعلانه ورقة الإعلان التي يجب أن تحتوي على بيانات محددة لنفسه أو في موطنه، فإن لم يكن له موطن معلوم وقت الإعلان فآخر موطن كان له.
ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي يبينها القانون.
لكن في ظل قانون تبسيط الإجراءات فقد نصت المادة (18) منه على أنه: ومع مراعاة الأحكام الواردة في قانون الإجراءات المدنية والتجارية بشأن إعلان الأوراق القضائية، يجوز أن يتم الإعلان برسالة هاتفية مكتوبة، أو بأي وسيلة اتصال إلكترونية قابلة لحفظه، واستخراجه، يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء…..
وبالتالي فإن إعلان الشخص المطلوب إعلانه يتم بإرسال رسالة هاتفية مكتوبة، أو بأي وسيلة اتصال إلكترونية، بشرط عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي تنظم الإعلان.
ونجد ان الحياة تتطلب ان يقوم الشخص الواحد وخاصة الذكور بتسجيل أكثر من رقم هاتف باسمه، فرقم لنفسه ولزوجته وأن كان معددا فلزوجاته ولابناءه الذين لا يسمح لهم باستخراج شريحة هاتف، ولذا فمن باب العدالة ان يتم تمكين الشخص من اختيار الرقم أو الوسيلة التي يتم إعلانه بها، فحرية التنقل والحركة مكفولة للجميع والمشرع راعى ذلك واعطي للشخص ان يختار موطنه، وهو أمر نطلب ان يكون محل نظر في الاعلان الالكتروني حيث أن المشرع تطلب في قانون الإجراءات المدنية والتجارية ان يتم كتابة الاسم الثلاثي لمن سلمت إليه صورة الإعلان وصفته وتوقيعه أو بصمته على الأصل بالاستلام أو إثبات امتناعه عن الاستلام وسببه.
في هذا تمكين للشخص من اختيار وسيلة الاتصال به بشرط ان يسجل رقم هاتف أو وسيلة إعلانه في سجله المدني، وإذا رغب في تعديلها يجب عليه ان يسجل ذلك في السجل المدني، بحيث يتم إعلانه على ذلك الرقم أو العنوان الالكتروني .
ويمكن أن يتم التسجيل في شركات الاتصالات للتيسير على الناس، وسهولة الحصول على بيانات وسيلة الاتصال، وإن كنت اميل إلى السجل المدني لانه سيتم استخدام هذا الرقم للتواصل مع هذا الشخص وارسال الرسائل له، كما أنه سجل مقرر له الحماية القانونية للوظائف العامة.

الأمر الثالث ما يتعلق بأي شخص لا يحمل الجنسية العمانية وغير مقيم في السلطنة إقامة دائمة، حيث أن الأمر يتعلق بأمر إنساني وهو مراعاة ظروف هؤلاء الأشخاص وانهم قدموا لفترة محددة ربما لسياحة أو زيارة الاهل وربما عدم توفر القدرة الماليه للمكوث في السلطنة أو ربما لديهم ارتباط بعمل في بلدهم وخاصة العمل الحكومي، وبالتالي فإن الوضع يتطلب تقصير مدة التقاضي بدون اخلال بالعدالة ومقتضياتها كما أن الأمر من ناحية أخرى يتعلق بضرورة حفظ حقوق المواطن وهنا يجب منع اي شخص لا يحمل الجنسية العمانية من السفر إذا كانت عليه أي مطالبات مالية لأي شخص أو لأي جهة كانت، حيث أن فرض هذا النظام سيقلل من حوادث هروب العمال لعلمهم بأنهم لن يتمكنوا من السفر الا بعد رد حقوق صاحب العمل، وكذلك المستأجرين لأي سكن حيث يجب عليهم دفع جميع المستحقات قبل السفر، على أن يتم وضع قواعد منظمة لهذا الجانب بإشراف قضائي وأن اقتضي الأمر بإصدار أوامر حبس مؤقت بحيث يتولى قاض مناوب هذا الأمر.

اكتفي في هذا المقال بهذا القدر، راجيا من الله العلي القدير الأمن والأمان والاستقرار والرخاء لعمان ومن عليها في ظل قائد النهضة المتجددة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حفظه الله ورعاه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى