أدبياتمنوعات

“قصة الجنية – الفصل الثالث” بقلم: الحكواتي فايل المطاعني         

الوالد أراد أن يُريح رأسه من وجعنا، وبعد أن أكل الناس وجهه، كيف تترك الأطفال وحدهم! ، وتمنع أمهم عنهم! هنا الوالد فكر واحتار ماذا يعمل؟!
ولمعت فكرة ما برأسه!

أحضر الوالد عاملاً آسيوي، اسمه “عبدالقيوم” وتركه عندنا ينام معنا بنفس الغرفة، يطبخ لنا، ويغسل ملابسنا، تماما مثل أي عاملة منزل ولكنه كان حنونًا، أكثر من والدي  وبعض الأحيان أسميه “بابا”.

سقطت دمعه كبيرة من عيناي  وأغرقت الأوراق، التي أمامي، وأصبح المطر الأسود ينساب في كل اتجاه ولا أستطيع أن أوقفه، فقد فتحت باب الذكريات، وكيف لي أن أوقف الألم، وكيف لي أن أغلق ذكرياتي وحنينها وألمها…

وأنا أتذكر “عبدالقيوم” الذي بلغني خبر وفاته قبل أيام قلائل، وبعد أن نشفت دموعي قلت:”الحمدلله على كل حال” هكذا استقبلت خبر موت أبي”عبد القيوم”.

“عبدالقيوم” كان أبي الحقيقي الذي، رباني، وأخذ الدور الذي يفترض أن يأخذه والدي، بما أنه منع والدتي عنا، كيف أنسى بابا “عبدالقيوم” وحنيته، علينا،  أتذكر في أحد المرات صحت أختي الصغيرة من النوم مفزوعة تبكي
،فراح -رحمة الله عليه- وأعد لها الحليب، وأجلسها على ركبتيه إلى أن نامت،  كان حنونًا جدًا…

بعد أن كبرت وصار عمري تسع سنوات، كان “عبدالقيوم” يرفض أن ينام معنا، كان يقول أنتِ الآن كبيرة، وصار ينام بالغرفة الثانية، في هذه السن المبكرة تدربت على أمور الحياة، فصرت أهتم بإخوتي في هذا العمر الصغير ولازال
قدري أن أكون “جنية” في نظر المجتمع، وأن أكون أم وأب وأخت في نفس الوقت، فهل يستطيع أحد أن يتحمل كل هذا في سن التاسعة!

فتح الوالد بقالة، فأخذ عبدالقيوم معه، فأصبحت أعمال البيت كلها على عاتقي، من طبخ وكنس، وتربية، إلى أن وصلت للمتوسطة، قرر الوالد أن يتزوج رحمةً بي مثل ما قال.

قرر الوالد أن يتزوج وسافر لاختيار زوجته، أما أمي المسكينة فهي تسمع أخبارنا من الناس ونحن نسمع أخبارها من الناس. بعد أن تزوج الوالد، كانت الأمور طيبة، فزوجته كانت حنونة جدًا معنا؛ لأن الوالد قال لها بأن أمي ميته
وكانت تشتغل عني وتحثني على المذاكرة وكانت تقول لي، اهتمي بدراستك، فهي مستقبلك، ولن ينفعك أحد غيرها، ولكن بعد أن أنجبت اختلف الوضع مائة وثمانون درجة، تركت ابنتها عندي وبعد ابنها لكي أربيهم بينما هي تهتم بنفسها وتنتقل من محل إلى محل، تتمشى بالأسواق، وسكتت “الجنية” فجأة ثم قالت “الحمدلله على كل حال”…يتبع


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى