أدبياتمنوعات

“قصة الجنية – الفصل الأول” بقلم: الحكواتي فايل المطاعني

إهداء إلى كل امرأة أعطت
ولكن القدر لم يسعفها لتكملة عطائها…

ملاحظة: كل الأسماء والأحداث هي من خيال الكاتب

عندما يجتمع على كرهك البشر والحجر فما لك سوى رب السماء
لكي يرحمك، فلن يرحمك معبود، ولو فرشت له الأرض ذهب،
لأن بالنسبة لهم أنتِ لست إنسانة، أنتِ “جنية”! والجنية منبوذة لدى بني البشر

“مبروكين، المولودة بنت”، تلك كانت بشارة مجيء للدنيا، ولكن تلك البشارة  لم تعجب والدي، فكفهر وجهه، وظل كظيم، فخرج من البيت غاضبًا، وطبعًا لم ينسى أن يرمي الطلاق على والدتي، فهو لا يريد بكره أنثى، فهناك مورث في قبيلتنا، أن من يكون بكره أنثى، تكون البنت  ممسوسة من الجن، أي بها مس من الجن، وهكذا منذ جئت إلى الدنيا وأنا قدري، أن أكون جنية، وإليكم قصتي…

أنا اسمي “ريم  صالح”، ولدت في يوم كانت الرياح شديدة وقوية، ومن شدة الغبار لا يكاد الواحد يرى إصبعه ولذلك لم يقدر والدي أن يصل بأمي إلى المستشفى لكي تلدني، فولدت في البيت، لأن أقرب مدينة تبعد عنا خمسة وأربعون كيلو متر بالسيارة، تمت الولادة بنجاح عن طريق جارتنا، وطبعًا الوالد انصدم أنها جاءت على حسب ما لا يبغي، فطلّق أمي على الفور وخرج، غاضبًا وهو يقول، هذه بنت الجن، هذه ممسوسة، لا أريدها!

أمي بعد أن علمت بطلاقها انصدمت من ردة فعل والدي القوية، وبرغم أنها لا تؤمن بهذه الخرافات، ولكن ليس بيدها حيلة؛ فكانت تردد عبارة “الحمدلله على كل حال” وهذه الكلمة سوف يلاحظها القارئ كثيرًا ما أقولها، فأنا أخذتها من أمي، فالأقدار بعض الأحيان تجمعك مع من تحب…

حاولت والدتي، قدر الإمكان أن تبعدني، عن الناس، وكلامهم، ونظراتهم، فأنا “جنية” في نظرهم، وبعد عدة محاولات من أهل والدي  وأهل أمي، رجع والدي إلى البيت  على كره منه، واستمرت الحياة بينهم، وأنجب الوالد  بعد ذلك ثلاثة أبناء ذكور، وابنتان، ولكنه كان ينظر إلي على أنني لست ابنته، فأنا جنية في نظره، فلا حنيه أب، ولا عطفه بل اجتناب، وشح في العواطف والمشاعر….

ويبدو أن إنجاب الأبناء الذكور لم يشفع لأمي فتم طلاقها، هذه المرة طلاق أبدي، لم يشفع لها إنجاب ثلاثة من الذكور، إنه الرجل، بيده اختلاق الأعذار  والحجج لكي يهرب من مسؤولياته، والبحث عن زوجة أكثر نضارة وجمالاً، ولن يشفع لها حتى لو أوقدت أصابعها العشرة شموعًا له، إنه الرجل وفلسفته ولو أنجبت له عشرًا من الأبناء الذكور، أو كانت عقيم، سوف ينفذ ما برأسه، ولو تزوج قطر الندى…

إن الفحولة عند السيد الرجل، هي مقدرته، على المعاشرة و إنجاب الأبناء ومن ثم تركهم يواجهون الحياة، “دائمًا ربو أنفسكم، فنحن أهلنا لم يربونا”
هذا كان دائمًا شعار والدي…يتبع

معاني المفردات:
قطر الندى: أميرة مصرية كانت ابنة أحمد بن طولون أحد أمراء الدولة الطولونية في مصر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى