دول العالم

بريغوجين قد يجرّ موسكو إلى حرب مع الناتو

عندما يزعم ألكسندر لوكاشنكو، رئيس بيلاروسيا، أن مرتزقة فاغنر الذين يخيمون في بلده يستميتون لشن هجوم على بولندا، فقد يبدو أشبه بمهرجِ على خشبة المسرح. ولكن لا ينبغي لنا أن نتعامل مع المسألة على أنها تهديد واهٍ”.

هذا التحذير وجهه العقيد البريطاني السابق هيميش دي بريتون جوردون في مقال بصحيفة “تلغراف”، قائلاً إن استراتيجية مجموعة “فاغنر”، في جميع أنحاء العالم، تنطوي على أهداف قصيرة الأجل، حتى لو كان ذلك عبر أعمال مشينة. ففي أفريقيا، أرسلت المجموعة وحدات صغيرة لنهب الأراضي والاستيلاء على حكوماتها.

وفي روسيا، أرسلت المجموعة قوةً تزحف إلى موسكو في إطار انقلاب باء بالفشل. فهل  يُستبعد أن تلجأ قوة صغيرة لعبور الحدود وصولاً إلى بولندا؟ يتساءل الكاتب.

إطالة أمد الصراع

وأوضح دي بريتون في تعليق  أن هدف هذا الإجراء لن يكون غزو بولندا، “فهم لا يملكون الأعداد الكافية بكل بساطة. لكن بوسعهم أن يخلقوا أجواءً من الفوضى ويطيلوا أمد الصراعات كعادتهم في بقاع أخرى من العالم”.

ومن ناحية أخرى، يقول الكاتب، لم نسمع إلا قليلاً من التصريحات من يفغيني بريغوجين، زعيم جماعة فاغنر، منذ تمرده على فلاديمير بوتين. وحقيقة أنه لم يُنفَ إلى جبال الأورال ولم يُدفن في أعماق الأرض تؤكد الموقف الضعيف الذي أصبح فيه الرئيس الروسي .

مناورة للعودة للحظيرة الروسية

وتفتح هذه الحقيقة أيضاً الباب أمام بريغوجين للمناورة والعودة إلى حظيرة السياسة الروسية. ويعرف بوتين وجنرالاته أن أي هجوم على بولندا ستترتب عليه نهاية سريعة ووحشية لنظامه. فمن الممكن أن يُجرّ حلف شمال الأطلسي في حرب ينحاز فيها إلى كييف، وسيقضي على الجيش الروسي بما يتمتع به من قوة كاسحة وتقنية فائقة.

ويعلمَ بوتين أيضاً أن مجموعة فاغنر ما زالت تتمتع بقوةٍ عسكرية، ولديها دافع قوي يجعلها تلجأ إلى إجراءات عنيفة.

سيشعر المُرتزقة بخيبة أمل جسيمة إذا رأوا القوات الأوكرانية وهي تحرز تقدماً سريعاً في باخموت، تلك المدينة التي استحوذ عليها الروس بدماء مرتزقة فاغنر في معركة استمرت 10 أشهر من القتال العنيف.

وحسب الكاتب، من الممكن أن يؤدي ضعف الجيش الروسي إلى استعادة تلك المدينة في 10 أسابيع تقريباً، مضيفاً أن التوترات التي أدّت إلى الزحف على موسكو، مع حرص بريغوجين الشديد على استعادة مكانته، قد تتصاعد في أي لحظة. ولكن، من الممكن أن تتجه جماعة فاغنر غرباً هذه المرة لا شرقاً، حسب الكاتب.

وقال الكاتب إن “أي هجوم على بولندا مآله الفشل”، خصوصاً أن أعداد قوات فاغنر في بيلاروسيا تُقدر ببضعة آلاف. وهم مُجهزون بأسلحة خفيفة، ولا يملكون دبابات أو مدفعية ثقيلة. ولن يشكلوا تهديداً للجيش البولندي المهيب الذي شهد تحديثاً وتوسعاً في السنوات الأخيرة إذ انضمت إليه مئات الدبابات.

وأضاف “هذا إذا اندلعت مناوشات برية. ومن دون دعم جوي أو مقاتلات نفّاثة، سيكون جنود فاغنر أهدافاً سهلة لقوة جوية أقل تسليحاً”.

لكن هذه العوامل لن تشغل بال بريغوزين. فسيرسل رجاله إلى حتفهم، كما فعل في أوكرانيا، لتحقيق مكاسب شخصية فورية. ومن الأرجح، حسب الكاتب، أن يراقب مبتهجاً الأجراس وهي تدق في مقر حلف الناتو إيذاناً بالحرب، حيث سيكون إعلان المادة 5 قيد النظر. وحتى هذا

الاحتمال يشكل سلاحاً فعالاً، إذ سيكون بوتين حريصاً على عرقلة أي خطط مثيلة قبل أن يصبح السيناريو الكارثي واقعاً.

لعبة خطيرة للغاية

إنها لعبة خطرة للغاية، يقول الكاتب. وبينما تضعف سلطة بوتين، ستزداد الجماعات المُـتشظية التي خرجت من عباءة رئاسته عشوائية وتهوراً.

والخطر الذي يحدق بالغرب يكمن في سوء الفهم الكارثي الذي أدى إلى أن يُقدم بريغوجين على المجازفة الأكبر على الإطلاق ويعبر الحدود إلى بولندا.

وأبسط طريقة لتفادي هذا السيناريو، برأي الكاتب، هي ضمان انتصار أوكرانيا بأسرع وقت ممكن. لذا على حلف شمال الأطلسي أن يُسلّح كييف، ثم يراقب الثعالب في موسكو وهم يأكلون بعضهم بعضاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى