منوعات

الدروس المستخلصة من عام 2020

كان 2020 مليئًا بأحداث جعلته مختلفًا تمامًا عن السنوات السابقة، وكانت نهايته استثنائية أيضًا في ظل إلغاء الاحتفالات بمختلف أنحاء العالم مع استمرار قيود الإغلاق بسبب أزمة كورونا.

وفي مقال نشرته صحيفة “تلغراف” البريطانية، يقول الكاتب روجر بوتل إنه عادة ما يكتب هذه الفترة عن أبرز أحداث العام المنتهي، ويستعرض توقعاته بشأن العام الجديد، لكن كل ذلك يبدو بلا قيمة في ظل ما شهده العالم هذه السنة.

الدرس الأول الذي تعلمناه، وفقًا للكاتب، يتعلق بمدى تأثير الأحداث المفاجئة على حياتنا، أو ما أطلق عليه وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد عليه في مذكراته اسم “المجهولات غير المعروفة”. فقد كانت أزمة فيروس كورونا صدمة كبرى ثانية تتعرض لها البشرية في أقل من عقد، ومن المنتظر أن نعيش المزيد من الأحداث المفاجئة والصدمات الكبرى مستقبلا.

ويضيف الكاتب أننا تعلمنا أيضًا أنه لم تعد هناك أي حدود تقريبًا لعجز الموازنة الحكومية في دولة تطبع عملتها الخاصة، إذ يبدو أن القواعد القديمة حول التحكم في الموازنة والحفاظ على نسبة دين منخفضة قد انقلبت رأسا على عقب.

لكن المشكلة تكمن في أن ذلك التوجه لا يمكن تطبيقه إلا عندما تتوقف عجلة الاقتصاد تماما، ومع عودة الحياة إلى طبيعتها، من المؤكد أن “شجرة المال السحرية” سوف تذبل وتموت ولن تكون سياسة زيادة الدين الحل الأمثل للمشاكل الاقتصادية.

يعتقد الكاتب أن عام 2020 علمنا الكثير أيضًا عن قيمة تكنولوجيا الاتصالات ومدى تطورها، حيث تمكن الناس من العمل عن بعد إثر فرض تدابير الإغلاق، وهو أمر لم يكن من السهل توقعه قبل حدوث الأزمة.

لكننا تعلمنا أيضًا أن هناك حدودًا للتكنولوجيا، فمع بداية الأزمة تحمس الناس كثيرا لفكرة العمل من المنزل، وتحدث كثيرون عن نهاية عصر المكاتب، لكن سرعان ما اتضح أن العمل عن بعد يحرمنا من التواصل الإنساني الذي نحن في أشد الحاجة إليه.

ورغم أن نموذج العمل في المكتب من التاسعة صباحا إلى السادسة مساء، 5 أيام في الأسبوع، قد انتهى فعليا -كما يقول الكاتب- ومعظم الموظفين ما زالوا بحاجة إلى الذهاب إلى المكتب في بعض الأوقات.

طوال السنوات الماضية، كان بإمكان الشركات والموظفين الابتعاد عن نموذج العمل بالمكتب لكنهم لم يفعلوا ذلك، وجاءت أزمة كورونا لتفرض التطور الذي كان يجب أن يحدث على أي حال. كما فرضت هذه الجائحة نموذج التسوق والدفع عبر الإنترنت، وهو اتجاه كان موجودا بالفعل، لكنه انتشر على نطاق واسع عام 2020.

يضيف الكاتب أن 2020 قدم لنا دروسا مهمة حول التطور التكنولوجي، وخصاصا فيما يتعلق باستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي. على مدار العام الماضي، روجت الشركات التكنولوجية بشكل أكبر لاستخدام الروبوتات في الحياة اليومية، لكننا نستطيع كل مرة أن نلاحظ حدود التكنولوجيا.

ويقول بوتل في كتابه “اقتصاد الذكاء الاصطناعي” إن هناك شيئا واحدا لا يمكن للروبوتات والذكاء الاصطناعي القيام به أفضل من البشر، وهو أن تكون إنسانا.

وحسب رأيه، فإن تطور الروبوتات وقدرتها على مساعدة البشر في إنجاز الكثير من المهام، لا يمكن أن يلغي أهمية التواصل مع البشر، وهو ما أثبتته تجربة العمل عن بعد.

ومن أبرز حدود التطور التكنولوجي -وفقا للكاتب- التقدم المتعثر في مجال صناعة السيارات ذاتية القيادة، وهو ما يُظهر بوضوح تفوق الدماغ البشري وصعوبة استبداله بالآلات والذكاء الاصطناعي، حتى فيما يتعلق بمهام بسيطة مثل قيادة السيارة.

يرى الكاتب أن الدرس الأبرز على الصعيد الدولي، يتعلق بإيجابيات العولمة وسلبياتها. ومن وجهة نظره، فإن العولمة ليست ظاهرة جديدة كما يعتقد البعض، بل كانت هناك في السابق موجات متعددة من العولمة انتهت لأسباب مختلفة، وقد استفادت البشرية من بعض جوانبها، وتضررت من جوانب أخرى.

أما العولمة بشكلها الحالي، فقد ظهرت عليها علامات الضعف حتى قبل 2020، وبدا أنها تقترب من نهايتها، ويبدو أن الصراع المحتدم بين الصين والولايات المتحدة سيوقفها تماما، كما يقول الكاتب.

والأمر يتجاوز من وجهة نظره الحرب التجارية والتقنية وأزمة كورونا، حيث إن أساس الصراع هو اختلاف الرؤى حول كيفية إدارة النظام الاقتصادي والسياسي العالمي. ولا تستطيع دول العالم -وفق تعبيره- أن تتجاهل هذا الصدام، وسيتعين على بلدان مثل المملكة المتحدة أن تختار ما بين بكين وواشنطن.

ويختم الكاتب بأن الأحداث الفظيعة عام 2020 أظهرت بوضوح أننا مازلنا أبعد ما يكون عن تبني نموذج عالمي مشترك وقيم موحدة لإدارة المجتمعات.

المصدر: وكالات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى