أدبياتمنوعات

إصدار جديد: “الإدارة المحلية والقطاع البلدي التحديات والفرص الضائعة لـ د. عبد العزيز بن محمد بن عياف”

متابعة وتقييم: د. طلال بن سليمان الحربي

لطالما نظرت إلى الدكتور الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عياف نظرة الباحث عن المعلومة الصحيحة، فهو من القلة الذين مارسوا المهنة على علم ثم استمروا في العلم بعدما اكتسبوا من العمل الخبرة الكافية، وهنالك من الباحثين من يتجاوز مرحلة اكتساب الخبرة إلى مرحلة اكتساب الاستثناءات وأعني هنا أن الخبرة تعلمك كل شيء، ولكن البعض بالعلم والعمل يتعلمون كيف يحققون الاستثناء الذي هو خارجٌ عن المألوف وخارج عن الممكن، من الصعب أن نقول المستحيل، لأن المستحيل لا يتحقق، لكن نقول الاستثناء الذي يخالف القواعد والأسس ويحقق الغايات والأهداف.

في كتابه “الإدارة المحلية والقطاع البلدي التحديات والفرص الضائعة الرياض أنموذجًا”، والذي صدر في العام ٢٠٢٠م، حقيقةً كتاب ثري، ليس فقط أنه يذكر الأحداث والمُقارنات، بل والأهم أنه يقدم الحلول، ويقدم كيفية تحقيق الاستثناءات خاصة وهو يتناول أهم الإنجازات والأحداث أبان توليه عمله كأمين لأمانة الرياض، وهي الفترة التي عاصر ورافق فيها أمير الرياض وصانع أمجادها وأحلامها سيدي خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، وكيفية العلاقة بين الأمير والأمين، وكيفية الرؤية الخاصة بسلمان بن عبدالعزيز والدعم الفعلي على أرض الواقع منه.

الدكتور بن عياف في كتابه، أكد على معلومة مهمة ألا وهي: أنه لا يوجد تعريف أو اتفاق كامل على مفهوم الإدارة المحلية، ولكنه يؤكد على أهمية توفر وتحقيق هذا المفهوم، وهنا يكمن الاستثناء، لأنه حين تُعلن أنه لا يوجد اتفاق على المفهوم كتعريف، ولكنك تصر على وجوده كواقع وتنفيذ، فالأمر هنا يعني أن التنفيذ يخلق المفهوم وأن العمل يبني الهيكل الوصفي التعبيري، واهم أسس تطبيق الإدارة المحلية للنهوض بالمدن السعودية على وجه الخصوص، وجعلها مدنًا عصرية مرنة قابلة للتطور والتوسع هو توافر أسس محددة أهمها الاستقلال المالي والإداري.

تكمن أهمية الكتاب من واقع تجربة مؤلفه، خاصة حين نعلم أن الدكتور عاش فترة مهمة جدًا من تاريخ المملكة وهي الفترة التي عمل فيها وكانت البيروقراطية والروتين أهم أسس ملامح تلك الفترة، ورغم هذه الملامح إلا أن بن عياف كان أقوى من الواقع في حينه وكان يخرج عن المألوف وكان استثنائيًا، ولهذا اليوم ونحن نعيش عصر التطور، عصر تحقيق ما لم يكن بالإمكان تحقيقه، فإن تجربة المؤلف سمو الدكتور بن عياف، تجربة ثرية، وتواكب الحدث اليوم، بل هي على شكل خارجة طريق -كما يذكر في كتابه- لكل شاب سعودي يبحث عن التميز والريادة نموذجًا قويًا لكيفية التعامل مع أية ردود أفعال على شكل جذب عكسي.

حقيقةً كتاب مهم جدًا, وأتمنى على كل المختصين في مجال إدارة المدن، والإدارة عمومًا أن يقرؤوه، وأيضًا هو تأريخ حقيقي لمرحلة مهمة من تاريخ مدينة الرياض، وأتمنى على الجميع أن يضعوا ملاحظاتهم ويدّونوا أية استفسارات أو حتى تعارض، ويرسلوها للمؤلف الذي لي تجارب عديدة معه، فهو لا يترك أي ملاحظة أو انتقاد أو استفسار إلا ويتفاعل ويرد ويناقش، مع التأكيد التام الكلي أن بن عياف ليس مؤرخ، وإنما هو رجل عملي يجمع العلم والخبرة والقدرة على تحقيق الاستثناء وهذه أهم صفات المرحلة القادمة للمملكة وما سيتم تحقيقه وإنجازه بمسمى السعودية تلغي كلمة المستحيل من قاموسها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى