مقالات

“أول مزاح وبعدين ضرب رماح” بقلم : إسحاق الحارثي

حالي كحال باقي المتابعين في شأن البيانات التي تصدر من بعض الأندية العمانية فيما يخص تجميد أو تعليق مشاركاتها بمسابقات دوري الدرجة الممتازة لكرة القدم (عمانتل) أو دوري الدرجة الأولى(تمكين) وتلويح البعض الآخر بنية اللحاق بالركب المجمد والمعلق (هذا ما سوف تكشف عنه الأيام القادمة) إذ تنتشر هذه الفترة بين بعض الأندية عدوى التجميد والتعليق وهذا ما يؤثر بشكل أو بآخر على بعض الأندية التي ليس لديها حصانة فيما تجر بعضها البعض لهذه العدوى بعد أن تشخص تلك العدوى بواسطة كبار علمائها الفقهين في أصول الرياضة من مسألة التجميد والتعليق لتستأنس برأيهم، إذ نطالع يومياً ما ينشر من بيانات ومايدور الآن على الساحة الرياضية وما يتم تناقله عبر منصات التواصل الاجتماعي وحديث البلد والساعة لدى أكبر شريحة في المجتمع التي تمثل غالبية الشباب والرياضيين على وجه التحديد.

وتعزي الأندية تلك الخطوة بداعي المصاريف التي تتكبدها والتكلفة الإجمالية لقيمة فاتورة المشاركة والصرف الكبير على إعداد فرقها للمشاركة في موسم رياضي تتخلله عدة مسابقات كروية للمراحل السنية وحجم تلك المبالغ الباهضة المعلن والغير معلن عنها التي تتضمن تكلفة الصرف والإنفاق نظير التسابق الذي تبرمه من خلال العقود والصفقات المرهقة للميزانية التي فاقت طاقتها وتفوق الأرقام التي تحصل عليها من دعم و من عائد استثماري و من هبات و تبرعات إن وجدت ، إذ تصرف بعض الأندية كل ما أوتيت به من مال و كل ما هو مدخر في خزائنها ومناديسها وسحاحيرها بل يذهب الأمر أحياناً إلى سحب كل مافي تلك الخزائن والمناديس والسحاحير من مخصصات مالية ومن أرصدة محتفظ بها رصدت واعتمدت لباقي الأنشطة والألعاب والتي تحصلت عليها نظير مشاركاتها أو حصلت عليها كدعم سنوي مخصص لتذهب مدخراتها وريعها ليتم صرفها لكرة القدم المُدللة التي لو أنفقت عليها كنوز مافي الأرض تقول هل من مزيد.

لعل الإنفاق “الغير مبرر” (وجهة نظر شخصية) للعبة كرة القدم أشبه بمزحه تتخذها بعض الأندية تبدأ من خلال التعاقدات والصفقات يلي ذلك بعدما تتراكم الديون ويبدأ العجز في الوفاء بالعقود تتحول تلك المزحة إلى ماهو حاصل الآن ضرب رماح بعد أن تفاقمت الأمور في وجه تلك الأندية حينها ترمي المشكلة برمتها سواء على الوزارة أو على اتحاد اللعبة منظم المسابقة وذلك لانتشالها من الحالة والوضع الذي تعاني منه، وهنا يقع الضرر الذي هو واقع في الأصل من حيث هضم حقوق باقي الألعاب المغيبة والمنسية في الأندية التي لا يُسمع لها حس ولا خبر بعدما اجتاحتها لعبة كرة القدم بموازناتها وبمخصصاتها وبمصروفاتها ومنها نجد عزوف مشاركة بعض الأندية في مسابقات الاتحادات الرياضية قليلة وإن وجدت فهي خجولة لا تتعدى أصبع اليد الواحدة ولها في ذلك مآرب لأجل كسب نقاط مسابقة كأس جلالة السلطان المعظم للشباب ناهيك عن المشاركات الخارجية فهي قليلة لا تذكر وإن وجدت سوف تجدها لمجرد المجاملة وتفتقر للمنافسة بداعي قلة ما ينفق عليها حيث تذهب الحصة الأكبر للعبة كرة القدم التي التهمت الأخضر واليابس من ميزانية الرياضة..

وهنا لا نعمم الأمر إذ أن هناك أندية أدركت ذلك الوضع ووضعت استراتيجياتها وخططها مسبقاً وكما يقال لعبتها صح فقد عملت بحكمة “مد لحافك على قد رجولك” وكيفت نفسها منذ البداية وعرفت مالها وماعليها دون الدخول في أمر ما لا يُحمد عقباه من مصاريف وتبعات والتزامات مالية وديون متراكمة ، فقد نأت بنفسها واكتفت بالتأقلم على وضعية العب على الجنب إلي يريحك وسيرت أمورها وفق ما كانت ترمي إليه.

إن تجميد مشاركة بعض الأندية أو التلويح بالتجميد لا يتماشى مع ما ترمي إليه رؤية عمان ٢٠٤٠ من حيث ما ذهبت إليه في الاهتمام بجانب الرياضة والشباب والتي تعدهم ركيزة أساسية في تحقيق الرؤية بكافة جوانبها والاهتمام بهم وبمواهبهم وصقلها من خلال تلك المؤسسات التي أوجدتها الحكومة ألا وهي الأندية التي يقع على عاتقها احتواء الشباب وتنويع مناشطهم وتسخير كل الطرق والوسائل لجذبهم لممارسة أكبر قدر من الأنشطة الرياضية والثقافية والعلمية والفنية فالرياضة ليست كرة قدم فقط كما تعتقده بعض الأندية، ولعل حديث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -أبقاه الله- خلال لقائه بشيوخ محافظة جنوب الشرقية إلى الرياضة بقوله” “الأندية الرياضية لها دور مجتمعي مهم وهي متنفس للشباب، والرياضة صحّة وأصبحت اليوم صناعة”، من هنا يأتي الوقوف جنباً إلى جنب مع ما ترمي إليه رؤية عمان ٢٠٤٠ ، في الاهتمام بهذا القطاع الحيوي والهام في أي مجتمع فتي وفي هذا الجانب تعد الأندية هي المتنفس الوحيد لتلك الفئة العمرية من الشباب سيما في أوقات الصيف لذا إذا ما ذهبت الأندية وجرت بعضها البعض إلى هذه الخطوة سوف يستاء وضعها الذي تعيشه في حالة أقرب إلى أن يرثى لها من كافة الجوانب الإدارية والمالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى