“استثمار الشواطئ” بقلم: ابراهيم علي القاسمي
هل رمتك الحياة ببعض آللامها وأزعجتك الهموم بأثقالها وأوجست نفسًك ضيقًا وترنو للفرج! هلمّ معي نستنشق الهواء العذب اللطيف الذي يداعب المشاعر ويبعث في النفس الفرج ويزيل الكروب ويبهج النفس الكئوب…
سأحكي لكم عن تلك الشوطئ التي تفوح عبقًا وشذًا فلا تزال تكرم مرتاديها بكرمها ووابل عطائها الذي وفر الحياة الكريمة للأجداد وها هي تفيض جودًا على الأجيال المتلاحقة.
تشنف الآذان تَلاطم أمواجها، وتفرج الهموم بنسيمها البحري العليل، فراشها الأزرق يضفي طابعًا جماليًا يكتنف الأرواح ويذكر النفوس بعظمة الخالق، فتسبيح الموج مع الأحياء التي تسكن هذه الشواطئ والرمال الذهبية تبعث في النفس قدرة الخالق جلَّ في علاه وترسم لوحات للجمال.
هذه شواطئنا ولعلي أرسم لوحة جميلة من شواطئ أمي شناص، حيث ذكريات الطفولة وملاذ النفس لتفريج الهموم، هي الشواطئ التي اشتهرت بالنواخذة أرباب البحار الذين ينتسبون لعائلات ساهمت في الإرث البحري العريق، هذه الشواطئ علمت أهل هذه الولاية حرف تقليدية عريقة كصناعة السفن والشوش التي مدت أساطيل عُمان بفخر الصناعات التي جابت البحار من أخشابنا المحلية وأيدي أبنائها المهرة كما اشتغل آخرون بصناعة الشباك والدوابي والحبال والمشغولات الخشبية كالمجداف واللواس ومن الصناعات التي أنتجتها هذه الشواطئ التشحيم للأخشاب المأخوذة من شحوم الحيوانات وتستخدم للطلاء.
بالإضافة إلى الأقمشة والمنسوجات التي كانت تستخدم للأشرعة وأخرى لربط الخشب بالإضافة للمسامير، وقد ظهرت حديثًا ورش مختصة تتماشى مع الحداثة مثل ورش الفيبر وإصلاح المحركات و مصانع الثلوج وأدوات التبريد لسيارات نقل الأسماك وورش إصلاح المركبات البحرية والأدوات الملاحية ولعل استحداث مناطق صناعية بحرية توفر هذه التجهيزات ستحفز أصحاب الأعمال لإيجاد فرص عمل وإيجاد مصانع للشباك والحبال والمحركات ستكون ذات مردود اقتصادي جيد وهو مشروع سيسجل كعلامة فارقة للسلطنة متخصصة في المجال البحري العريق الذي سيعيد أمجاد الربابنة والنواخذة والبحارة والصناعيون.
وقبل أن أختم المقال فإن الشواطئ والبحار متنفس رياضي ثقافي سياحي إن تم استغلاله من خلال صناديق الدولة بمسابقات شاطئية ودوريات سياحة حقيقة من خلال توفير الدراجات والحدائق المائية والألعاب غير التقليدية وإيجاد الفنادق والمطاعم وتوفير أماكن للصيادين ومواقع لتجفيف أسماك العومة والبرية لصنع القاشع ستثري الولاية والبلد بشكل عام.
وختامًا لازلت أتذكر أهازيج البحر وشيلاته العذبة، وأحي العائلات التي اشتغلت في المجال البحري وأصحاب السفن ممن دانت لهم أمواج البحر وحملتهم باسم مجريها ومرسيها.
فتحية اجلال معطرة بالنسيم البحري لنواخذة شناص من عائلة الهوم الكرام وبن حموده وإلى كل النواخذة الذين إن نسيهم قلمي تذكرتهم تلك الشواطئ، والبحر حديثه لا ينضب فهو الكريم ونحن أبنائه ورواده الذين صنعهم وهيئهم للتحمل والصبر والابتكار.