“وزارة الثقافة: بانوراما 2020” بقلم : د. طلال بن سليمان الحربي
لا شك أن العامل الثقافي عند كل شعوب ودول وحضارات الأرض، هو العامل المستمر الذي يعيش ولا ينتهي، ثقافات الشعوب في الأزمنة القديمة هي التي وصلتنا وما زلنا نستشهد بها، واليوم في العصر الحديث، أصبحت الثقافات ثقافات الدول والمنظومات السياسية السيادية، وكل دولة في العالم تسعى بكل جهد واجتهاد إلى تشكيل منظومة ثقافية خاصة وتعرف بها، وقد تكون هذه المنظومة مستمدة من عدة ثقافات متنوعة لعدة شعوب كونت هذه الدولة، وأصبحوا شعبها، وكذلك في المملكة لدينا نفس التوجه ونفس الأهداف، لكن ما يميزنا في المملكة أننا نمتلك المقومات الأساسية الكافية لكل أنواع الثقافات التي تواجدت وعاشت على هذه الأرض.
الثقافة العربية مهد الحضارة العربية، نحن كأرض المملكة جزيرة العرب الأساس والمنطلق، ولا يخفى كذلك حين الحديث عن الثقافة الإسلامية، فالنسخة الأصلية للثقافة الإسلامية من هذه الأرض الطيبة والمباركة، كذلك في داخل ثقافتنا العربية، نمتلك ثقافة الخليج العربي، واليوم ويعيش على أرضنا كل جنسيات وجذور البشرية، فلدينا أيضا ثقافة عالمية متنوعة، كل هذه الثقافات لا بد من توظيفها وتخصيصها لكي نخرج بالمنتج النهائي الذي هو الثقافة الخاصة بالمملكة العربية السعودية وشعبها، وهذا ما تقوم عليه وتضطلع به كهدف أساسي وزارة الثقافة لدينا.
لا يمكن أن ننكر أنه في فترات سابقة إبان التمسك بالقشور على حساب الجذور، فإن عملية إحياء الثقافة وتوثيقها وتخصيصها، كانت تواجه مقاومة شرسة جدا، في وقت كان العامل ينطلق بسرعة الضوء لتخصيص وبناء وتشكيل الثقافات الخاصة بهم، كنا نحن نتلامس باستحياء مع هذا العامل الإنساني المهم، ولكن الأمور ومنذ انطلاق رؤية 2030، اختلفت وتغيرت، وأصبح هناك منهج ومخطط فكر يقود المملكة أولا لتوثيق وتشكيل ثقافتها الخاصة بها، ومن ثم تطويرها وتحسينها وتقديمها للعالم كله كمنتج إيجابي يدل على قوة هذه الدولة ومتانة شعبها وتماسكه.
المهمة لم ولن تكون سهلة أبدا، تعويض العقود من السنين التي مضت يحتاج إلى عمل دؤوب، عمل بتميز وخلاق وإبداعي، لهذا ومنذ تشكيل وزارة الثقافة، نجد أن مهمتها أصبحت تأسيسية وتنفيذية وتشريعية، فهي تعمل في كل الاتجاهات، ولا شك العديد من القرارات خاصة جمع كافة الأنشطة الثقافية تحت مظلة وزارة الثقافة، فالوزارة مسؤولة عن كل أمر وشأن له طرف أو تماس مع الفكر والتوجه والمخطط الثقافي.
كذلك وبنفس التوقيت الذي رافق خروج الفكر الثقافي المتخصص في المملكة، ظهرت أيضا ملفات جديدة لنعمل عليها، كالسياحة والترفيه، وهنا كان أيضا على وزارة الثقافة أن تحدد التخصصات اللازمة لكل هذه الملفات الجديدة من حيث الإنتاجية، أما من حيث الأساس والفكر والصورة العامة، فلا بد أن يكون كل شيء منضبطا والأساس الثقافي السعودي، لهذا نحن نؤمن أن وزارة الثقافة لديها مهمة بل مهمات كبيرة، تم إنجاز الكثير، لكن المتبقي أكثر، وكلنا ثقة بأن وزير الثقافة وفريقه وكادره كلهم يعملون نحو اختصار الوقت والدخول مع جميع العناصر والملفات السعودية الأخرى، على مستقبل مشرق مزدهر بإذن الله تعالى.