هجمات البحر الأحمر تشعل أسعار تأمين السفن التجارية
وكالات – العربي
تسببت هجمات الحوثيين في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر بارتفاع حادّ في أسعار عقود تأمين الشحن البحري، مع فرض رسوم لتغطية المخاطر المرتبطة بنزاعات، تُضاف إلى الزيادة الكبيرة في تكلفة الشحن نتيجة سلوك مسار بديل أطول.
ومنذ 19 نوفمبر، ينفّذ الحوثيون، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فأنّ النقل البحري للحاويات عبر البحر الأحمر انخفض بنسبة 30 بالمئة تقريبًا خلال عام واحد. وقبل النزاع، كانت تعبر في المنطقة بين 12 و15 بالمئة من التجارة العالمية، بحسب أرقام الاتحاد الأوروبي.
وينبغي أن يكون لدى السفن التجارية ثلاثة أنواع من التأمين: تأمين على هيكل السفينة أي ضدّ الأضرار التي قد تلحق بها، وتأمين على شحناتها وأخيرًا تأمين “الحماية والتعويض” الذي يتضمّن تغطية غير محدودة للأضرار التي قد تلحق بأطراف أخرى.
غير أنّ كلفة تأمين السفن والحمولات ضد مخاطر مرتبطة بنزاعات “ارتفعت كثيرًا” في ظلّ الظروف القائمة في منطقة البحر الأحمر، وفق فريديريك دونيفل، مدير عام مجموعة “غاريكس” المتخصصة في التأمين ضد المخاطر المرتبطة بنزاعات، الذي أكد أن ذلك حصل بطريقة “متناسبة مع التهديدات”.
“منطقة مصنّفة”
وشرح مسؤول قسم التأمين البحري والجوي في شركة “لويدز ماركت أسوسييسن” البريطانية نيل روبرتس لوكالة فرانس برس أن “البحر الأحمر منطقة مصنّفة، ما يعني أن على السفن التي تنوي دخوله، إبلاغ شركات التأمين”.
وفي هذه الحالة، لدى شركات التأمين إمكانية تغيير أحكام عقود التأمين. وهذا يشمل رسومًا إضافية لتغطية المخاطر المرتبطة بنزاعات التي تُباع بشكل يكمّل بوالص التأمين الأساسية.
إلا أن المسؤول عن تأمين شحن البضائع العالمي لدى شركة “مارش” العالمية للتأمين أوضح لفرانس برس أن هذه التغطية الجديدة تكون “عادةً صالحة فقط لسبعة أيام، مع الأخذ في الاعتبار بأن الأعمال العدائية قد تتصاعد”.
وأشارت المديرة العامة لشركة “أسكوما انترناشونال” للتأمين كلير أمونيك إلى أن معدّلات التأمين “ارتفعت بما بين خمسة وعشرة أضعاف، سواء لضمان السفن أو البضائع التي تعبر البحر الأحمر”.
وبحسب مصادر عدة تواصلت معها فرانس برس، فإن المعدّل الحالي لرسم التأمين المرتبط بمخاطر النزاعات يراوح بين 0,6 و1 بالمئة من قيمة السفينة.
وتُعتبر هذه المبالغ طائلة إذ إن السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، الممر المائي الاستراتيجي، هي حاملات حاويات ضخمة أو ناقلات نفط تُقدّر قيمتها غالبًا بأكثر من مئة مليون يورو.
وتؤخذ في الاعتبار أيضًا جنسيّات الشركات المالكة أو المشغّلة للسفن. فبالإضافة إلى السفن المرتبطة بإسرائيل والمتّجهة إلى موانئها، بدأ الحوثيون يستهدفون السفن الأميركية والبريطانية معتبرين أنها أصبحت “أهدافًا مشروعة” منذ أن شنّت واشنطن ولندن ضربات مشتركة على مواقع للحوثيين داخل اليمن مرات عدة منذ 12 يناير. وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيّرات معدة للإطلاق كان آخرها الأربعاء.
وقال خبير الأمن البحري في شركة “فيسل بروتكت” لتأمين السفن مونرو أندرسون إن “الحوثيين أشاروا تحديدًا إلى انهم يستهدفون السفن الأميركية والبريطانية” أو تلك المرتبطة بإسرائيل.
وأضاف أن بعض السفن “مرتبطة بدول ليس لديها نفس مستوى المخاطر” على غرار السفن الصينية التي يعبر عدد كبير منها هذه المنطقة وهي أقلّ عرضةً للهجمات. بالنسبة لهذه السفن، فإنّ قيمة التأمين ضد المخاطر المرتبطة بنزاعات، أدنى من السفن الأخرى.
وإذ لفتت أمونيك إلى أنّ هناك بالطبع “زيادة كبرى” في أسعار العقود من جانب شركات التأمين وإعادة التأمين، أكدت أن “ليس هناك رفضًا لتأمين” سفينة ما معتبرةً أنه “أمر جيّد” للزبائن.
تكاليف إضافية
أما بالنسبة للسفن التي تختار تجنّب المرور في البحر الأحمر عبر سلوك مسار بديل يلفّ حول رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب إفريقيا، فإنها تواجه تكاليف أخرى مرتبطة بإطالة الرحلة.
وتستغرق الرحلة بين 10 و15 يومًا إضافيًا عبر هذا الطريق، وحتى 20 يومًا في بعض الأحيان بناءً على سرعة السفينة.
وفي هذه الحالة، توفّر السفن كلفة تأمين المرور عبر البحر الأحمر، لكن “هناك كلفة إضافية للوقود” واليد العاملة مع دفع أجور اكبر للطاقم.
وبحسب تقرير لشركة “لندن ستوك اكستشاينج غروب” المالية، فإن كلفة رحلة من آسيا إلى شمال غرب أوروبا زادت بنسبة 35 بالمئة لسفينة حاويات كبيرة، وبنسبة تصل إلى 110 بالمئة لناقلة نفط من فئة “أفراماكس” (أي تلك التي تبلغ طاقتها الاستيعابية بين 80 و120 ألف طنّ).
وثمّة مخاطر أخرى أيضًا. وحذّرت أمونيك من أن تحويل مسار العديد من السفن إلى رأس الرجاء الصالح “قد يؤدي على الأرجح إلى زيادة عمليات القرصنة في المحيط الهندي” منبّهةً إلى أن “الخطر يمتدّ إلى أسفل البحر الأحمر باتجاه السواحل الصومالية”.