“قدسية الزواج وهيبة الطلاق” بقلم: أميمة عبد العزيز زاهد
هناك بالفعل خلل اجتماعي نعيش فيه، فعندما يتحول الطلاق إلى حالة لكسر الجمود والبعد عن الملل.. أو كنوع من الانتقام أو العناد.. وسواء كان المسؤول عن الطلاق هو الزوج أو الزوجة أو الأهل.. فالنهاية واحدة، فمن يدفع الثمن؟ هم أطفال الطلاق، فهم من يعانون من آثاره النفسية المدمرة، فإذا كان كل زوج قد انتهى من حياته وبدأ حياة جديدة ونجا بنفسه إلى بر جديد.. يظل الأبناء تتقاذفهم أمواج الحياة من بر لآخر، ويجهل هؤلاء أن استقرار الأسرة من استقرار المجتمع، وبالتعقل والهدوء والتفهم يحصل الزوجان على مرادهما من الاستقرار، فالزواج رباط مقدس، لابد من احترامه وتقديره حق قدره.
إن السعادة الزوجية ليست أمراً مستحيلاً، وممكن أن نحصل عليها بذكاء الزوج والزوجة، ومعرفة مفاتيح وأسرار هذه السعادة، من خلال إظهار مشاعر الحب والاحترام، وتفادي إخفائهما، ويعتبر الحوار أساساً متيناً لحل أي مشكلة، وغيابه يؤدي إلى الفردية في اتخاذ القرارات، الأمر الذي يتسبب في وصول المشاكل إلى منعطفات خطيرة، تكون نتيجتها تفكك الأسرة، فالتغاضي عن صراع القوى وقبول الاختلافات، والتعاون لخلق التوازن بين جميع الأطراف، والقيام بالتنازلات الضرورية من أجل بناء حياة مشتركة زواج منطق وقابل للاستمرار، كما أن احترام وتفهم الطرف الآخر والتعامل بالصراحة والوضوح في كل الأمور. ولا يجب أن ندع سلوكنا الخاطئ يدمر علاقتنا؛ فسر السعادة الحقيقية في الزواج أنها تتطلب حسن الاختيار المبني على التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي، ولا تتطلب الكمال.
والحب الحقيقي يكمن في القرب والتضحية والاحترام والعطاء المتبادل، وتوفير الأمن والطمأنينة. والصعاب عادة تنهار أمام البناء القوي. فليسعَ الطرفان معاً لاستمرار العلاقة بمد الأيدي لتتصافح، والقلوب لتتعانق، والإرادة تسبقهم إلى آفاق الأمان لتعيش الحياة في أحضان السكن والمودة والرحمة والألفة. علينا أن نبحث عن صياغة جديدة موجهة ومرشدة بوصفها صمام الأمان ضد أي خلل في العلاقة، وهدفنا الأكيد حاجتنا إلى شراكة عقلية بيننا وبين أبنائنا؛ للخروج من حيز الجهل بالحقوق والواجبات، والتلقي والتلقين إلى فضاء المشاركة والتعبير، وتحديد المسؤولية الملقاة على كل طرف، وأن نتلمس حاجة المجتمع إلى مشروع يعيد للزواج قدسيته، وللطلاق هيبته، بالفعل نحتاج إلى منظومة اجتماعية متكاملة تتعاون في إعادة التربية الدينية، وزرع الخوف من الله، وحبه في النفوس، ويقظة الضمير، والالتزام، وتحمل المسؤولية، مروراً بكيفية الاختيار السليم، وحقوق كل من المرأة والرجل، ونهاية لو حدث الطلاق كيف يكون كل شخص مؤتمناً على رعيته.
نحتاج إلى جهات تربوية تنفذ توعيات من سن مبكرة عن معنى المشاركة، والتسامح والتضامن، والتعامل الأسري، وخلق جيل واعٍ يقدس الحياة الزوجية. كما أن التربية والعادات الموروثة من المجتمع لها دور كبير، ولابد من مساعدة كل من الفتاة والفتى في سن الزواج قبل الإقدام على حياة زوجية جديدة بطريقة صحيحة، وتأهيلهما، وتقديم التوعية والتوجيه الصحيحان في كيفية بناء علاقة زوجية ناجحة.