رياضة المرأة ينقصها التنظيم !
حظيت المرأة العمانية بإهتمام كبير من حكومة السلطنة منذ بزوغ فجر النهضة المباركة وكذلك مع النهضة المتجددة ، حيث مكنت المرأة في مختلف القطاعات التي أسهمت في بناء النهضة الحديثة لهذا الوطن الغالي فتبوأت مناصب عالية ومثلت السلطنة في محافل إقليمية عدة، وبدورها إستغلت المرأة العمانية هذه الثقة وأبدعت في تلك المجالات وحازت على جوائز وعبارات التقدير .
وفي الرياضة خطت الفتاة أو المرأة العمانية إلى جانب شقيقها الرجل وأظهرت قدراتها في الاستحقاقات التي شاركت بها وكان لها نصيب من الإنجازات ، ولعل في لاعبة التنس الأرضي فاطمة النبهانية أنموذج في إجادة الفتاة العمانية بتحقيقها عدة بطولات وألقاب دولية وعربية وخليجية ومحلية خلال السنوات التي شاركت رغم أنهت بدأت في سن مبكرة لكنها حققت العديد من الإنجازات في رياضتها ، وفي ألعاب القوى هنالك بعض الأمثلة في العدائتين شنونة الحبسية ومزون العلوية اللتان حققتا عدد من ميداليات العدو آسيويا وإقليما وسجلتا مشاركات في الألعاب الأولمبية.
وهناك العديد من المشاركات النسوية في دورات الألعاب الخليجية للمرأة وفي الألعاب العربية والآسيوية ، حيث شاركن في ألعاب كرة القدم واليد والسلة والطائرة وهي ألعاب جماعية جعلتني أستوقف معها ، لأن المشاركات كما يعتبرها البعض تمثل البدايات ، لكنها للأسف كانت عشوائية وغير منظمة ، وتأتي عشوائيتها في أن مجموعة من الفتيات وجدن مساحة من الحرية من قبل أسرهن لممارسة الرياضة بمختلف أشكالها وظهرن في عدة مناسبات ومشاركات، والفئة الأخرى هي من فتيات المدارس والجامعات التي تتوقف مشاركتهن مجرد تخرجهن من الكلية أو الجامعة، لكن النقطة الأساسية التي أردت أن أضع عليها الأصبع أن هؤلاء الفتيات يلعبن أكثر من لعبة في آن واحد، فتارة تجدها تمارس كرة القدم وأخرى كرة الطائرة ثم تظهر في السلة ومرة في الفروسية ، والأسواء من ذلك أنها تلعب بقميص ناد في لعبة كرة القدم ثم تظهر بقميص ناد آخر في لعبة السلة أو القوى في كسر صارخ للقوانين والنظم .
قد يرى البعض أن لا ضير في ذلك لأن العدد الممارس من الفتيات قليل والمسابقات تعددت ، لكن الحقيقة هذه تعد فوضى.
فإما أن نبدأ بشكل صحيح ومن الصفر وإن كلف ذلك زمنا طويلا أفضل من أن نبدأ بصورة خاطئة لفتيات لا يتخصصن في لعبة معينة ويبدأن بسن كبيرة وعمرهن في الملاعب سيكون قصيرا جدا يجبرك على العودة لنقطة الصفر، فتستنزف الوقت والجهد ، ناهيك أن الفتاة في مجتمعنا وحتى أغلب المجتمعات العربية مجرد أن تقترن تتوقف حياتها الرياضية وإن كانت في سن صغيرة.
في العام الماضي أطلق دوري رسمي لكرة القدم النسائية داخل الصالات بتنظيم الاتحاد العماني لكرة القدم وسط مشاركة جيدة نسبيا وكانت البداية جيدة نوعا ما رغم أن بعض النتائج تخطت حاجز العشرين هدفا، لكنها طبيعية في عالم كرة القدم ، فمنتخبات رسمية خسرت بهذا الكم !
لكن الأسبوع الماضي تفاجأ الكل بإلغاء الدوري سبقها إنهاء خدمات السورية جنود التي عينت خبيرة لكرة القدم النسائية بالاتحاد ومحاضرة للعبة كما عينت مدربة للمنتخب ، وعزا الاتحاد إتخاذه هذه الخطوة إلى نيته التحول إلى كرة القدم في الملاعب المعشبة تنفيذا لتوجيهات الفيفا الذي لا يعترف ولا يدعم كرة القدم المقامة بالصالات ، كما خرج الاتحاد بتصريح للمكرمة لجينة بنت محسن الزعابية عضوة مجلس الإدارة رئيسة اللجنة النسائية بالاتحاد مفاده بأن الاتحاد يسعى إلى وضع إستراتيجية لتطوير كرة القدم بإقامة مسابقات في الملاعب المعشبة في المستقبل القريب ، وتنظيم مسابقات للفئات العمرية والإهتمام بالبراعم .
تصريح فيه تفاؤل مبالغ فيه عطفا على واقع الحال، فكما ذكرت سابقا بأن مشاركات المرأة في الأنشطة الرياضية عدده محدود جدا ونفس الفتاة تمارس كرة اليد والسلة والطائرة وبعض الرياضات الفردية كالإبحار والبولينج وألعاب القوى، فمن أين سنحصل على ٢٠ لاعبة لكل فريق إذا حدد عدد اللاعبات ب ١١ لاعبة كما هو طبيعة اللعب في الملاعب المعشبة ، وكيف لنا أن نجمع أخريات للعب في الفئات العمرية في ظل مجتمع محافظ،وكيف لنا أن نقنع أولياء الأمور بالسماح لفتياتهم الصغار أن يذهبن للعب كرة القدم وهن بسن الثامنة والعاشرة ويدرسن في الصفوف من الأول إلى الرابع ؟
قبل أن نطلق مثل هذه التصريحات علينا أن ندرس واقع المجتمع من مختلف النواحي وأن نضع التحديات في أولويات العمل ليبدأ بناء العمل عليها ، وإلا فإن كل هذه الإستراتيجيات ستنصدم بالواقع .
في أكتوبر من عام ٢٠٢١ ميلادية ، أشهرت وزارة الثقافة والرياضة والشباب نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي
وتسعى الوزارة من خلال إشهارها للنادي إلى تحفيز دور المرأة في المجالات الرياضيّة والثقافيّة بما يتلاءم مع الاحتياجات الفعليّة للمرأة والعمل على إقامة المسابقات والبطولات والفعاليّات في المجالات الثقافية والرياضيّة.
النادي حتى الآن ومنذ إشهارة لم يقم ببرامج وأنشطة وفق للإختصاصات التي أنشئت من أجله الرياضية والثقافية والإبداعية ، ورغم أن مجلس إدارته عقد أول اجتماع له في إبريل من العام الماضي في مقره الذي دشن بمجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر ويحمل خصوصية تتوائم مع المرأة ومجتمعنا المحافظ وأطلق حينها خارطة الطريق من برامج تدريبية ومسابقات ،إلا أن تلك الأنشطة لم تنفذ بعد رغم أن النادي بإمكانه البدء وترسيخ مفاهيمه وأهدافه التي أنشأ من أجله والتعريف ببرامجه وإستراتيجياته ، وبإمكانه أن يتعاون مع الاتحادات الرياضية والاتحاد الرياضي المدرسي لإستهداف المدارس والطالبات وأن تكون نقطة البداية والإنطلاقة للفتاة منه.
ولعل مسابقات كرة القدم والرياضات الأخرى يجب أن تقام بالتنسيق مع نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي من خلال القوانين المنظمة لممارسة الرياضة لضمان أسلوب علمي وعملي صحيح بعيدا عن العشوائية الحالية.