“خَسِر الأردن الكأس وكسب احترام آسيا” بقلم : خالد عمر حشوان
أبهر منتخب النشامى كل من تابع البطولة الآسيوية في دولة قطر بالمستويات الرائعة والنتائج المميزة واثبت للجميع أن كرة القدم لا تعتمد على المال فقط وإنما هي رياضة تعتمد على الفكر والإدارة وحسن الاختيار والأداء لمثلث النجاح فيها الذي يتكون من الإدارة والمدرب واللاعبين، لأنها لعبة جماعية وليست فردية تعتمد على موهبة اللاعبين وحماسهم والتعاون الجماعي داخل وخارج الملعب والالتزام بتعليمات المدرب وتطبيقها وحسن قراءة الخصوم والإخلاص للوطن والشعار والاحساس بشغف الجماهير والعطاء السخي منهم داخل الملعب أمام المنافسين.
رغم المشاركات الأربع الماضية للمنتخب الأردني في كأس أسيا (2004-2011-2015-2019) ورغم أنه لم يستطع التأهل لكأس العالم إلى يومنا هذا مع العلم أنه وصل للملحق العالمي في تصفيات بطولة كأس العالم 2014 ضد الأوروغواي، وخَسِر التأهل أمام فريق قوي ومُتمرس في بطولات كأس العالم، إلا أنه أستطاع مقارعة منتخبات عريقة في كأس آسيا 2023 والتفوق عليها حيث بدأ مشواره البطولي بمواجهة منتخب ماليزيا وتفوق عليه بـأربعة أهداف دون مقابل وتعادل مع منتخب كوريا الجنوبية بهدفين لكلاً منهما، ثم خسر أمام البحرين بهدف دون مقابل وتأهل لمقابلة منتخب العراق ونجح في التفوق عليه بثلاثة أهداف لهدفين، ثم دور الربع نهائي أمام طاجكستان وتفوق عليه بهدف وحيد، ناهيك عن المباراة الممتعة التي كانت في نصف النهائي أمام المنتخب الكوري الجنوبي وتفوق عليه بكل جدارة واستحقاق بهدفين مقابل لاشي وأعلن نفسه للملأ بأنه الطرف الأول الذي سيُشرف النهائي الآسيوي يوم السبت العاشر من فبراير 2024م أمام منتخب قطر الذي تأهل أيضا بجدارة واستحقاق من أمام المنتخب الإيراني.
كان لإدارة المنتخب الأردني كل التوفيق في تهيئة المنتخب لهذه البطولة الآسيوية وتسخير كافة الإمكانات الممكنة وتذليل الصعاب لمسيرة هذا المنتخب المميز واختيار مدرب مميز مثل حسين عموته والصبر عليه رغم بعض النتائج غير الجيدة التي كانت قبل بطولة كأس آسيا وخاصة مباراة اليابان التي خسرها النشامى بـ 6/1 في الدوحة، إلا أن إدارة المنتخب تعاملت مع الحدث بعقلانية واحترافية عالية وزرعت الثقة في المدرب واللاعبين مع بداية البطولة، بل وكان لها دور معنوي كبير في إسعاد لاعبي المنتخب من خلال إحضار عوائل اللاعبين إلى قطر لحضور المباراة النهائية لكأس آسيا ودعم اللاعبين لتحقيق كأس البطولة والاحتفال معهم وهي بادرة احترافية لتحفيز النشامى.
كان الضلع الثاني في مثلث النجاح هو المُدرب المُجتهد عموته الذي كان جديراً بهذه الثقة وأستطاع أن يضع يده على التشكيلة المثالية للمنتخب والخطة التي سينتهجها في المباريات مع المنتخبات المنافسة بحسن قراءته لهذه المباريات وزرع الثقة والحماس والندية في نفوس اللاعبين وإصلاح الخلل والتركيز على نقاط القوة للفريق وعلى الجانب المعنوي في التعامل معهم داخل وخارج الملعب وقيادتهم لهذا الإنجاز غير المسبوق.
أما الضلع الثالث في هذا المثلث، كان لاعبي النشامى المبدعين دون استثناء والذين عزفوا أجمل الألحان في هذه البطولة وجذبوا أنظار محبي كرة القدم في قارة آسيا لفنِّهم وإبداعهم ونالوا إعجاب الملايين بأدائهم الحماسي في المباريات مما جعل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يختار أربعة من لاعبي منتخب النشامى في التشكيلة المثالية لنصف نهائي كأس آسيا 2023 وهم يزيد أبو ليلى، وعبد الله نصيب، وموسى التعمري، ويزن النعيمات، وهو دليل قاطع على تميز اللاعبين الأردنيين في هذه البطولة وتحقيقهم لهذا الإنجاز وهو الوصول للنهائي الآسيوي بكل جدارة.
في المباراة النهائية قابل منتخب النشامى منتخب أكثر خبرة في البطولات وهو بطل النسخة الماضية لكأس آسيا 2019 وشارك في كأس العالم بقطر 2022، ويلعب الكرة السهلة السريعة ولديهم قائد مبدع داخل الملعب مثل اللاعب أكرم عفيف الذي توَّج مستواه في البطولة بهاتريك قاسي على النشامى وحصل على لقب أفضل لاعب والهداف في البطولة، وطغى على لاعبي الأردن الحماس الزائد في المباراة الذي كان سبباً رئيساً في إضاعة الكثير من الفرص السهلة مع تألق حارس منتخب قطر مشعل برشام الذي حصد جائزة أفضل حارس في البطولة، وتسبب المدافعين والحارس في ثلاث ضربات جزاء كانت كفيلة بتتويج الفريق القطري بكأس البطولة عن جدارة واستحقاق رغم نِدِّية الفريق الأردني الذي لم يكن سهلاً وخذلته الخبرة والاستعجال وظروف المباراة النهائية.في رأيي الشخصي ما حققه المنتخب الأردني من مكاسب كبيرة هو إنجاز في حد ذاته مثل إعداد منتخب قوي يملك لاعبين شباب يخدمون وطنهم لسنوات قادمة وبثقة أكبر، وكسب خبرة كبيرة في النهائيات القارية، ودخول الأردن في المنافسات القوية وكسر حاجز الخوف من المنتخبات الأسيوية الكبيرة، وتحقيق مراكز متقدمة في تصنيف الفيفا، ولا يعني خسارة المنتخب الأردني للنهائي الآسيوي أن نَهْضِم حقه في الإنجاز بل لابد من التذكير أنه أخرج منتخبات كبيرة ذات خبرة عالمية كبيرة في مجال كرة القدم وتملك بطولات قارية، ورسالتي التي أرغب إيصالها للجميع هي عدم القسوة على منتخب النشامى الذي أمتعنا في البطولة الآسيوية مع العلم أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وقد بدأت الخطوة الأولى في هذه البطولة التي نقول لهم فيها حظاً أوفر في البطولات القادمة، ونبارك للمنتخب القطري البطولة الآسيوية الثانية على التوالي عن جدارة واستحقاق الذي سلك طريق اللقب بهدوء تام وروعة في الأداء واستغلال أمثل للفرص والأرض والجمهور ويكفينا فخراً أن منتخبين عربيين شرَّفا النهائي الآسيوي وجذبا الأنظار للكرة العربية في قارة آسيا وأمتعا عُشَّاق كرة القدم في ليلة التتويج بكأس آسيا 2023 والذي كان عريسها المنتخب القطري الشقيق.