“تجربة البعد عن حياة مواقع التواصل الاجتماعي” بقلم : د.حميد بن فاضل الشبلي
لم أتخيل يومًا أن أعيش تجربة بلا استخدام أو تواصل مع شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة ، وهذا ما قدرته مشيئة الله تعالى قبل ثلاثة أيام من قدوم عيد الأضحى المبارك ، حينما أصبت مع العائلة بوعكة صحية طارئة كبلت من حركتي ونشاطي اليومي الذي اعتدت عليه كما يعلم الجميع ، وذلك بسبب السهر والألم الشديد الذي خلفته علينا الوعكة الصحية المفاجأة ولله الحمد على كل حال ، لذلك كان لابد من اتخاذ قرار استثنائي وغير مسبوق في حياتي ، من خلال وقف جميع أنواع وسائل التواصل مع أفراد المجتمع ابتداءً من الهاتف وانتهاءً بتعليق حساباتي بشبكات التواصل الاجتماعي ، وذلك بهدف التفرغ لمعالجة وضعي الصحي وقبل ذلك لعدم وجود قدرة أو رغبة في التواصل مع أي شخص وأنا في وضع صحي ونفسي غير مستقر ، لذلك خلا هذا العيد من أي تهنئة مُرسلة مني لأي قريب أو صديق بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، وكذلك الحال لم يجد الأهل والأصحاب أي رد مني على تهنئتهم التي أرسلوها لي ليلة العيد ، حيث كان الأمر في الثلاثة الأيام الأولى من خطة الابتعاد عن شبكات التواصل الاجتماعي صعب وغير مستصاغ لعدم تعودي على مثل هذا الغياب والانقطاع ، ولكن مع بقية الأيام الأخرى حتى اليوم العاشر تعودت على الوضع الجديد ، بل وجدت نفسي في راحة وقل معي الضغط النفسي والتشنجات التي كانت تخلفها علينا الرسائل والأخبار المتداولة في المجموعات أو التي تصلني على الخاص ، وخصوصاً تلك الرسائل التي تحمل أخبار الفتن والقتل والحروب والصراعات والفساد والظلم التي تسود أحوال المجتمعات في كثير من دول العالم وبطبيعة الحال مجتمعنا المحلي ليس بأحسن حال عن الآخرين ، وكما قال المثل المتداول “ربَّ ضارة نافعة” ، عندها أدركت كم نحن في حاجة للتخلص أو التقليل من حجم التواصل الطويل مع شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة ، لأن اليوم أكثر ما يتم نشره يعرف بمفهوم القص واللصق ، الذي يخلو كثير منه من الحقائق والبراهين ، كما يتم نشر الإشاعات المغرضة عبر هذه الوسائل التي يفترض أن تنشر كل ما هو مفيد ، طبعاً وبكل تأكيد لا نُعمم ذلك على جميع ما يتم نشره لأنه وبدون شك هناك المفيد والأكيد من الرسائل التي تستحق أن تُقرأ وتنشر ، ولكنني اليوم أنا هنا لأتحدث عن تجربتي خلال الاثني عشر يوماً التي انقطعت فيها عن الجميع ، لا أعتقد أن التقوقع والإنطواء والبُعد عن الحياة العامة طريقة صحيحة مائة بالمائة لمعالجة بعض مشاكل الحياة ، لأن الله خلق الإنسان وبطبيعته البشرية أنه اجتماعي فلابد أن يتعايش ويتواصل مع الجميع حتى تستمر دورة الحياة بكل اتزان وتوازن ، تواصل ليس فيه ضرر ولا ضرار ولا مبالغة ولا تقصير ، لأن الحياة تتطلب منا أن نكون متعاونين ومتجانسين مع من يعيش حولنا ، ولكن تجربتي أثبتت لي كذلك أننا بحاجة في بعض الأوقات للراحة الذاتية والبعد بعض الوقت عما يدور حولنا من أحداث وقضايا ، من أجل الراحة النفسية والبدنية للفرد وتخصيص أوقات مع ذاته ، يستمتع فيها بممارسة النشاط الرياضي والترفيهي والاستمتاع بتناول الغذاء ومشاهدة البرامج التي تجلب له السعادة ، دون أن يقحم نفسه في متابعة بعض الأمور التي تعكر من مزاجه أو تؤثر على راحته ونفسيته ، من وجهة نظري الشخصية نحن في حاجة لوضع ساعات محددة في اليوم أو الأسبوع أو الشهر نبتعد فيها كلياً ولو للحظات عما يدور حولنا من قضايا وأحداث ، وتأتي في مقدمة ذلك مواقع شبكات التواصل الاجتماعي ، لينعم الفرد بالراحة النفسية والقدرة على النوم والتفكير والإبداع دون أن تكون هناك مؤثرات خارجية تمنع وجود ذلك ، نشرات أخبار الإذاعات والتلفزة وأخبار مواقع التواصل الاجتماعي الواتساب والتويتر والفيس …الخ ، أصبحت تؤثر على صحة ونفسية كل فرد كما تؤثر علينا أزمات الأوضاع المالية والاقتصادية التي تعصف بالعالم ، لذلك أرى من الضرورة الخلود للراحة النفسية بعيداً عن كل ذلك ، مع التأكيد أن هذا الاستنتاج مجرد وجهة نظر شخصية قد يوافقنا عليها البعض وقد يختلفون معي ، مع احترامي وتقديري لجميع وجهات النظر الأخرى ، شاكراً لكم جميعاً تواصلكم وسؤالكم عني في الفترة المنصرمة ، وتقبلوا مني تهنئتي المتأخرة بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، سائلًا المولى أن يبعد عنكم كل شر ومكروه ..آمين.
مودكم / أخوكم أبو الخطاب