تباعد الأحمال يتيح إمكانية بلوغ مستوى مثالي من نماء الأطفال وتفجير طاقاتهم.
تُعد السنوات الأولى من الطفولة أو ما يسمى بالطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان والتي تحدد خلالها جودة صحته وعافيته وقدراته التعليمية وسلوكه في مختلف مراحل عمره. حيث تعتبر هذه الفترة فرصة لتنشأة الأطفال حتى يتمكنوا من تفجير كامل طاقاتهم ، ويعتمد مسار نماء كل طفل بدرجة كبيرة على مقدار الحب والرعاية والتحفيز التي يتلاقاها من داخل أسرته والبيئة المحيطة به.
وتدعو المنظمات الدولية المعنية بالطفل والدراسات في هذا المجال إلى ضرورة تقديم رعاية أفضل للطفل في مراحل عمره الأولى، كما تنصح بإدراج البرامج المعنية بذلك مثل (صحة الأم والطفل، والتغذية، والصحة الإنجابية وتعزيز الصحة،..الخ) في السياسات الوطنية.
وما لاشك فيه أن الأطفال يحتاجون إلى رعاية متواصلة من آبائهم، كما أن نماء دماغ الطفل وتطوره يعتمد على جودة المنبهات من البيئة الأسرية، لذلك ينبغي تهيئة الظروف المواتية للأطفال حتى يحققوا وبشكل متكافئ النمو الجسدي والإجتماعي واللغوي. ولتحقيق ذلك لابد من تحسين ظروف الأسر لتمكينها من تنشأة أطفالها. وتعد المباعدة بين الولادات أحد العوامل المهمة لتحقيق نماء الأطفال، حيث أن ترك مدة كافية بين حمل وآخر يوفر فرصة ذهبية للتركيز على رعاية الطفل من حيث توفير الرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة والممارسات الصحية ووقايته من الأمراض والحوادث ناهيك عن احتوائه وتوفير الحب والدعم والتشجييع له و فرص التعلّم المختلفة والتي في مجملها تسهم في نمو الطفل وتطوره.
كما أن تباعد الأحمال له فوائد صحية جمّة سواء على صحة الطفل وتجنيبه مضاعفات الولادة المبكرة وسوء التغذية وضعف النمو و المراضة والوفيات، وعلى صحة الأم أيضا حيث تستعيد صحتها وعافيتها جسديا ونفسيا وتكون قادرة على رضاعة طفلها رضاعة طبيعية وتقديم الرعاية له والتفاعل معه وهي بكامل قواها وصحتها النفسية. كما أن ترك فترة كافية بين حمل وأخر يتيح للوالدين الفرصة لتثقيف أنفسهم في مجال رعاية الأطفال مما يؤدي إلى تحسين السلوكيات التربوية لدى الوالدين، وتجنب استخدام وسائل العقاب والعنف البدني.
إضافة إلى ذلك فإن صغر حجم الأسرة يمكّن الوالدين من تقديم جُلّ اهتمامهم لأطفالهم ويزيد أيضا من فرص الاستثمار في كل طفل، حيث يحضى الطفل بفرصة أكبر من الرعاية والتعليم والدعم لفترة أطول مقارنة بالطفل الذي لديه أشقاء كثر.
إن نماء الأطفال في المراحل المبكرة يمثل حجر الأساس لنماء العنصر البشري وأحد ركائز نجاح المجتمعات، ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير الظروف المواتية ومنها الصحة الإنجابية والمباعدة بين الأحمال.