“الخوذ البيضاء” تسابق الزمن للبحث عن ناجين بعد زلزال سوريا
رويترز – العربي
بينما يخترق حفارٌ أنقاض منزل آخر في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، يتفقد عبد القادر عبد الرحمن الركام على أمل العثور على أشخاص قد يكونون، رغم كل الظروف، على قيد الحياة.
وانضم مدير المدرسة السابق لمنظمة الخوذ البيضاء في عام 2022 مسعفاً، وقد جذبه إلى المنظمة تفانيها في العمل الإنساني طيلة سنوات الحرب التي تجاوزت 11 عاماً، وقسمت البلاد إلى مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة متنافسة.
وقد أجبره الزلزال الذي وقع الاثنين الماضي وأودى بحياة أكثر من ألفي شخص في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة وأكثر من 3500 إجمالاً في أنحاء سوريا على القيام بدور أكثر مباشرةً في عمليات البحث والإنقاذ.
ويروي لرويترز كيف أنه لم يعد لمنزله أو ير أسرته منذ خمسة أيام، ويوضح أن عناصر المنظمة يستجيبون لكافة الدعوات لمد يد العون.
ويضيف: “عندما نخرج أحداً على قيد الحياة، ننسى كل الآلام والإرهاق وكل ما يحدث لنا، هدفنا هو إنقاذ الناس من هذا الدمار”.
وتحظى المنظمة التي تأسست عام 2014، وتحمل رسمياً اسم الدفاع المدني السوري، بإشادة الغرب تقديراً لجهودها الدؤوبة لانتشال الضحايا من بين أنقاض المباني التي دمرها القصف.
وتضم المنظمة في صفوفها أفراداً من المجتمع المحلي منهم خبازون وصيادلة ومهندسون وتنشط في المناطق التي تسيطر عليها جماعات معارضة، وسبق أن تعرضت لضربات جوية ومدفعية عنيفة.
وتقول المنظمة إنها فقدت المئات من المتطوعين على مر السنين بينهم أربعة في الزلزال، لكنهم في المقابل أنقذوا حياة الآلاف مما جعلهم موضع إشادة من الغرب الذي يقدم أيضا جزءاً كبيراً من تمويلهم.
كارثة
قال إسماعيل عبد الله رئيس المركز الإعلامي للخوذ البيضاء في سرمدا بإدلب إن السنوات التي قضوها وهم يقومون بعمليات إنقاذ من القصف الجوي لم تعدًهم إعداداً كاملاً لنطاق الدمار الهائل الذي تسبب فيه الزلزال.
وقال: “هناك فارق كبير بين الكارثة الطبيعية التي نحن بصددها والقصف من قبل. القصف كارثي… لكن حجم المأساة والدمار وعدد المواقع المتضررة لم يتخط أبدا عشرة أو 20 في ذات الوقت”.
وأشار إلى أن الزلزال تسبب في وجود أكثر من مئة موقع في شمال غرب سوريا بحاجة لتحركهم الفوري.
والحجم الذي يفوق التصور للكارثة قوبل بمساعدات شحيحة من المجتمع الدولي الذي قدم تبرعات مالية ولم يرسل سوى القليل من المساعدات المادية ولا أي معدات ثقيلة مطلوبة لإنقاذ الأرواح في الأسبوع التالي للزلزال.
واتهم رائد الصالح مؤسس الخوذ البيضاء، الذي كان يبيع أجهزة كهربائية قبل الحرب، الأمم المتحدة بالإخفاق في تقديم الاستجابة المناسبة للأزمة. ولم يصدر رد بعد من الأمم المتحدة على ذلك.
وقال دبلوماسيان من المنطقة إن الدعم الدولي للمنطقة جاء محدوداً بسبب حقيقة وقوعها في نطاق صراع خارج سيطرة الحكومة والقلق إزاء الجماعة التي تدير المنطقة والتي يعتقد بأن لها صلات بتنظيم القاعدة الإرهابي.
وذكرت منظمات إغاثة أنها تواجه مشكلات أمنية في العمل من المنطقة بينما قال مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى سوريا إن “من غير المنصف على الإطلاق” اتهام التكتل بالإخفاق في تقديم مساعدات كافية.
حرب إعلامية
يقول أعضاء الخوذ البيضاء إنهم محايدون يعملون للإغاثة فحسب ويقولون على موقعهم الإلكتروني على الإنترنت إنهم يتلقون تمويلاً من حكومات منها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وقطر.
ويصفهم الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا بأنهم أدوات دعاية برعاية غربية ووكلاء لجماعات معارضة مسلحة يقودها متطرفون ووصلوا إلى حد القول إنهم لفقوا عمليات إنقاذ.
قاد ذلك الخوذ البيضاء، التي تقول إن ذلك جزء من حملة تضليل هدفها نزع مصداقيتهم، إلى تأسيس وحدة إعلامية للفت الأنظار لمحنة من يعيشون في تلك المنطقة.
وقال عبد الله من داخل مركز سرمدا الإعلامي وعشرات يعملون لتحميل ونشر صور التقطوها من الميدان: “كل ذلك جعلنا نضع المزيد من الجهد لمراقبة ومتابعة ونشر” المحتوى.
وأضاف أن المتطوعين الذين يبحثون وسط الحطام وهم يرتدون ستراتهم الصفراء وخوذهم البيضاء المميزة يرافقهم على الدوام تقريباً أفراد آخرون بكاميرات.
ومع تراجع عمليات الإنقاذ، يتحول عمل الخوذ البيضاء إلى المهمة الكئيبة المحبطة المتمثلة في انتشال الجثث وتطهير الأنقاض.
وقال عبد الرحمن المسعف في المنظمة: “سنواصل العمل إلى أن ننتشل آخر شخص من تحت الأنقاض”.