“إكليل الحبور” بقلم: رمضان زيدان
في خشوع بين أرجاء الربوع
تمثّلتْ بذاتها
وحلّتْ في وتيرة الوجود
حينها قد رفرفت تسود
قيمةً وقامة مقدسة
مُنية ترفّعتْ بسرها الخفي
تارة .. وتارة بشدوها الأبيّ
دافعة للخلاص رافعةً
في هيكل الأحياء
في مكامن الشعور والمضاء
فوق الأرض
في البحور في السماء
من سناها
تسبح في بهاء طهرها
وأطيار الحمى قد شدت ترنما
تجوب في ملكوت مجدها
من قدس خَلْقها
لمنتهى شموخها
ترتقي إلى العُلا مُحَدّثة
ها هي تدب غادية
وفي العروق سارية
لتعتلي الشروق درةً
بطلعها الشجي
وروضها البهي
في رُبى جارة القمر
للضياء مؤنسة
من بعدها لهى
واستحال عندها
ها هنا
قد أطل بالصراع السرمدي
صوبها
الكائن الطيني شريك عمرها
حيث النزول من صروحٍ رابية
لدرك مادةٍ بالأرض فانية
بعدما أكلا راحا يخصفان
من ورق الجنان
وكان الخروج من رحب النعيم
هبوطاً من بعد العروج
لساحات المدى
قد ضلا غاية كبرى وحادا
عن درب الهدى
على العيان والشهود والملا
برغم ما غدا
من العلو والسقوط والتردى تمرُّدا
ظلّتْ الروح تبوح
نفحةً بطول شوقها
بفيض نورها الملائكي
حيث الصعود
إلى صعيدها السمي والرقي
إلى الآفاق إلى نجابة الأعراق
ذو الأصل البديع
حيث السمو
فوق غايات الجميع
حيث الربيع الحي
في رُقيا الجمَال
لا نعت حينها لها سوى الكمال
في أبهى الصور
الوجه من نورها صبوح
والطُهر من حَب المطر
مكنونها يفوح
بالصفاء في حُلة الرواء
للكيان قد غمر
مفعمة هي
بروحها القويمة المُثلى مكرسة
ندية من سلسبيل عذبها
في الليلة القمراء
على شاطئ النهر العنبري
قد بدت رفيعة وديعة
مزدانة بِطلةٍ بديعة
برقةٍ تلاطف الورود
بطيفها الودود
عرائس الفردوس حولها
تطوف بالسلام في خوالج الأنام
كي تبعث السكينة الظمأى
إلى جلالها من فواح قدسها
من ثغرها البسّام
من سحرها الأخاذ
من مداد حسنها
المرصّع بالجمان النوراني
في صُنعٍ عبقري
يمدها البزوغ بالسنا
من هنا للرِي من جمالها دنا
فتسمو حينها
للمعالي للشغاف لامسة
الفجر من ضيائها تسامى
ليبعث الحياة في القلوب
في الدروب ومضهُ ترامى
تراها في الربيع النرجسي
في ثوبٍ مخملي
في انتشائها فوق الفناء
فوق أشكال العناء
في ربوة الشوق الطموح
بالعُلا تراها
في أفق شدوان الإباء
في وجه نضرة الحِسان
شيّدتْ مُناها
تزدهي في شقائق النعمان
تمخّضت صِباها
من فوق عرشها أراها
كالملاك جالسة
فوق ربوة العروس
من حولها الطفولة البريئة
في ثوبها المضئ
وجئ بالجسوم السابحات
بالنجوم النيرات
حيث وجنات القطاة
زمرة تنزّلت
على سنابل العطاء الموسمي
والعنادل التي قد غردت
في كل وادٍ بهجةً
صاح الأمل
وقدّس الأحياء في جلالة العمل
واستفاض بعثها لحُلمها الوليد
بالخليقة وتلكمُ الحديقة
التي أزهرت فوق آفاق الرُبى
من حولها الفراشات الهائمات
قد ورّدت وجناتها
من مدِّها يفوح البيلسان
حظوةً بوجه إكليل الحبور
قد تندّى وجهها
بالصحاري المشمسة
أنشودة الترياق
في كونها الرقراق قد بدا
وصافح الوجود
مجدها العلي واهتدى
لرُقْية الجمَال
لروعة الوصال لسرها العجيب
لوِجْهة التفرّد الأريب
لعبقريةٍ في كيانها تجوب
في المدى الرحيب
تعود بالأشياء والأحياء باعثة
بوجدها كي تبث للورى
إرادة عُليا تفئ من روحها المقدسة
…..