“أكتوبر شهر التوعية بسرطان الثدي” بقلم : خالد عمر حشوان
أختار العالم شهر أكتوبر من كل عام للتركيز على التوعية بسرطان الثدي منذ عام 2006م، وأعْتُبر يوم 19 أكتوبر هو اليوم العالمي لسرطان الثدي، وكان هذا الاختيار بسبب أنه يأتي في الترتيب الأول بين أكثر أنواع السرطان شيوعاً عالمياً وإقليمياً ومحلياً، وكان الهدف من ذلك هو رفع معدل وعي المجتمع بعوامل خطورة الإصابة بسرطان الثدي والحث على أهمية الكشف المُبكِّر والفئة المستهدفة للكشف وأماكن توفر الخدمة، وتأمين خدمات متكاملة لمكافحة هذا السرطان من مرحلة الكشف إلى مرحلة العلاج، وتم تحديد يوم 20 أكتوبر للتصوير الشعاعي للثدي من أجل الكشف المُبكر تشجيعاً للفئة المستهدفة من الإناث.
وبنظرة تعريفية على سرطان الثدي فهو مرض تنمو فيه خلايا الثدي غير الطبيعية بشكل خارج عن السيطرة وتُكَوِّن أوراماً قد تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتصبح قاتلة إذا تم إهمال علاجها، حيث تنشأ خلايا سرطان الثدي داخل قنوات الحليب أو الفُصيصات المنتجة للحليب والشكل الأولي لها لا يُهدِّد الحياة أذا تم الكشف عنه في مراحل مبكرة، ويمكن للخلايا السرطانية أن تنتشر إلى أنسجة الثدي القريبة وتشكل أوراماً تسبب كتلاً أو سماكة، وقد تنتشر السرطانات الغازية إلى العُقد اللمفاوية القريبة أو أجهزة الجسم الأخرى (النقيلة) ويمكن أن تشكل النقيلة تهديداً للحياة وقد تكون قاتلة، والمؤكد أنه يصيب الإناث بنسبة 99% تقريباً أما نسبة إصابة الذكور فهي 0.5-1% ، ومن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض السرطان هي التقدم في العمر والسمنة وتعاطي الكحول على نحو ضار، ووجود سابق إصابة بسرطان الثدي في الأسرة، أو تعرض للإشعاع، وسِجِل الصحة الإنجابية (مثل العمر عند بداية الدورة الشهرية وعند الحمل الأول) وتعاطي التبغ والعلاج الهرموني التالي لسن اليأس.
أما الحقائق التي لابد من معرفتها عن سرطان الثدي أيضاً أنه السرطان الأكثر انتشاراً في المملكة لدى الإناث من عمر 40 عاماً فأكثر، وأن 50% من حالاته في المملكة يتم اكتشافها في مراحل متقدمة مقارنة بـ 20% في الدول المتقدمة مما يرفع معدل الوفيات ويقلل فرص العلاج وزيادة تكلفته.
يمكننا أيضا التعرُّف على أعراض سرطان الثدي والتي تنقسم لقسمين هما: الأعراض التي تُرى بالعين المُجرَّدة، أو عن طريق الفحص الدقيق، ومن هذه الأعراض ظهور كتلة في منطقة الثدي أو الإبط لم تكن موجودة سابقا أو كتلة موجودة وتغيرت، أو تَغيُّر واضح في شكل الثدي أو حجمه، مع ألم جديد مُستمر لا يزول في الثدي أو الحلمة، أو ظهور احمرار أو انتفاخ أو تقشُّر أو تنقير، أو تجعُّد في مكان مَا مِنَ جلد الثدي أو الحلمة، مع تغييرات في مظهر الحلمة (مثل الحلمة الغائرة لم تكن كذلك فيما مضى)، أو وجود إفرازات من الحلمة.
بعد التأكد من الإصابة بالمرض يتم تحديد خيارات العلاج وفقا لنوع السرطان ومرحلته ودرجته وحجمه وحساسية خلايا السرطان تجاه الهرمونات مع مراعاة الصحة العامة للمريضة، ومن أهم خيارات العلاج:-
- العلاج الجراحي: وهو التدخل الجراحي للسرطان مع علاجات إضافية بعد الجراحة مثل المعالجة الكيميائية أو الهرمونية أو الإشعاعية ويُمكن استخدام المعالجة الكيميائية قبل الجراحة في حالات محدَّدة، وقد يتم استئصال الورم أو الاستئصال الموضعي الواسع حيث يُزال الورم وجزءًا طفيفاً من الأنسجة السليمة المحيطة بالورم، أو استئصال الثدي بإزالة أنسجة الثدي كاملاً وهي الفُصيصات والقنوات والأنسجة الدهنية وبعض الجلد بما في ذلك الحلمة والهالة (إجراء استئصال الثدي البسيط أو الكلي) أو استئصال الثدي مع بقاء الجلد والحلمة، أو إزالة عدد محدود من العقد اللمفاوية التي تتلقى أولاً التصريف اللمفاوي من الورم لتحديد انتشار السرطان للعقد اللمفاوية أم لا، أما إذا أنتشر فلابد من إزالة العديد من العقد اللمفاوية.
- العلاج الإشعاعي: يتم قتل الخلايا السرطانية باستخدام حزماً قوية من الطاقة مثل الأشعة السينية والبروتونات عن طريق جهاز يوجه هذه الحزم نحو الجسم (الإشعاع الخارجي) ويستخدم هذا النوع عادة بعد استئصال الورم في مراحله المبكرة، ويمكن وضع مادة مشعة داخل الجسم (المعالجة الكثيبة)، وقد يتم التوصية بالعلاج الإشعاعي لجدار الصدر بعد استئصال الثدي إذا كان السرطان كبيراً أو انتشر إلى العقد اللمفاوية.
- العلاج الكيميائي: يستخدم العلاج الكيميائي أو الأدوية لتدمير الخلايا السرطانية وتقليل نسبة عودة المرض أو انتشاره في أجزاء الجسم الأخرى، ويتم العلاج أحيانا قبل الجراحة مع المريضة بأورام كبيرة بالثدي لتقليل حجم الورم إلى حجم يسهل معه إزالته بواسطة الجراحة.
- العلاج الهرموني: حيث يستخدم لعلاج أنواع سرطان الثدي الحساسة للهرمونات للحد من عودته والتقليص انتشاره والسيطرة عليه، وتستخدم معه الأدوية أو الجراحة لوقف إنتاج الهرمونات في المبيضين.
- العلاج البيزلوجي: أو ما يُسمى بالعقاقير الموجهة التي تُهاجم تشوهات محددة داخل الخلايا السرطانية.
- العلاج المناعي: الذي يعتمد على استخدام وتنشيط جهاز المناعة لدى المريضة لمحاربة السرطان والذي توقف بسبب إنتاج الخلايا السرطانية لبروتينات تُعمِي خلايا الجهاز المناعي.
- العلاج بالخلايا الجذعية: هو خيار لسرطان الثدي الثلاثي السلبي ويجمع بين العلاج المناعي والعلاج الكيميائي لعلاج السرطان المتقدم الذي ينتشر في أجزاء أخرى من الجسم.
وأختم بحديث عظيم للمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام لكل من ابتلاها الله عز وجل من الإناث بهذا المرض والذي قال فيه عليه الصلاة والسلام “إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغهَا بعملهِ ابتلاهُ اللهٌ في جسدِهِ أو في مالهِ أو في ولدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ من اللهِ تعالى ” (الألباني-صحيح أبي داود)، وهو من الأحاديث التي تُبَيِّن لنا أثر الصبر على المصائب في رفع درجة العبد الصابر في جنة الخلد بإذن الله.