مقالات

“يوم التأسيس.. حلم تحقق” بقلم: د. طلال بن سليمان الحربي

بصدور الأمر الملكي، يكون يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الحديثة، باسم (يوم التأسيس)، ويصبح إجازة رسمية. ويأتي هذا اليوم “اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون”.

مما لا شك فيه أن تأسيس المملكة مرّ بعدة مراحل صعبة ويُعَدُّ من المراحل المفصلية المهمة في تاريخ الجزيرة العربية التي يجب التوقف عندها والتعرُّف على الدروس المستفادة منها، وبخاصة الأجيال الشابة التي قد لا تعرف كثيراً عن تلك المسيرة الشاقة التي بدأها الأمير محمد بن سعود؛ وأسَّس الدولة السعودية الأولى في عام 1727. وتكالبت عوامل داخلية وخارجية على هذه الدولة التي انتهت بعد 44 عاماً من تأسيسها.

لكن حلم آل سعود لم يتوقف؛ إذ عاود الأمير تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود؛ إحياء هذا الحلم في عام 1824م، فأسَّس الدولة السعودية الثانية التي دامت 67 عاماً.

بعد 11 عاماً، قاد المحاولة الأخيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود في عام 1902، واستطاع بعد معارك استمرت لأكثر من 30 عاماً من تحقيق الحلم وتوحيد شبه الجزيرة العربية في عام 1932م.

وبلغة الأرقام، يكون أمراء آل سعود قد خاضوا نضالات استمرت لمدة 141 عاماً، إلى أن استطعنا أن نصل إلى ما وصلنا إليه الآن.

لقد ظلت شبه الجزيرة العربية تعاني -لعقودٍ طويلة- التفكك الاجتماعي والسياسي والديني والاقتتال الداخلي والطائفية والزعامات المحلية المتناحرة والولاءات الخارجية حتى كان الوضع أسوأ من أيام الجاهلية الأولى، لهذا فإن عملية توحيدها تبدو معجزة؛ لكنها تحققت.. لكن المعجزات والإنجازات على أرض الواقع لا تتحقق بالتمني؛ بل تحتاج إلى الإيمان والشجاعة والاستعداد للتضحية.

لقد آمن أمراء آل سعود؛ بأن لديهم رسالة في إنقاذ هذه البلاد من الجهل والتخلف والارتهان للغرباء، فقاموا بجهودهم على الرغم من كل الظروف غير المواتية، لكنهم بتصميمهم وإصرارهم استطاعوا تحقيق هذا الهدف السامي.

مع الاعتراف بحقيقة أن هؤلاء الأمراء كانوا طلائعيين في قيادة ثورة التحرر والتغيير، وتحقيق هذا الإنجاز العظيم بالتفاف الرجال المخلصين حولهم ممّن آمنوا بالهدف السامي الذي سعوا إلى تحقيقه، وما زال أحفادهم يحافظون عليه ويعضّون عليه بالنواجذ.

لقد كانت الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة شبيهة بالجمهورية الفرنسية الأولى والثانية والثالثة، وفي أزمان متقاربة، حيث كانت الثورة الفرنسية في عام 1789.. لكن الفرق بين الدولة السعودية الثالثة والجمهورية الفرنسية الثالثة، هو أن الأخيرة شهدت انقسامات كثيرة وهياجاً شعبياً ومحاولات إسقاط عديدة، بينما أرست الدولة السعودية الحديثة دعائمها، وحافظت على استقرارها وتماسك نسيجها الاجتماعي حتى أصبحت في مصاف الدول المتقدمة في العالم، وذلك بفضل إيمان الشعب بقيادة حملت على عاتقها أمانة الحكم وخدمة دينها وشعبها وأمتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى