مقالات

“لماذا لا نقرأ؟” بقلم: خالد عمر حشوان   

الكل منا يعلم أن في جسد كل إنسان توجد ثلاثة أقسام رئيسية ولها ثلاثة احتياجات أساسية ألا وهي: الجسد الذي يحتاج إلى طعام، والقلب الذي يحتاج لإيمان، والعقل الذي يحتاج للقراءة، وسوف نركز على القراءة في هذا المقال والتي تعرف بأنها عملية عقلية إدراكية لتفسير الرموز المقروءة بالعين لفهم المعاني وتحليلها والتفاعل معها والاستفادة منها في حل المشاكل واكتساب الخبرات وزيادة الثقافة الفكرية والمعرفة والمتعة النفسية للقارئ.

ونبدأ بعنوان المقال وهو لماذا لا نقرأ؟ والذي لابد لكل إنسان أن يسأله لنفسه، لأن معرفة الإجابة هي أول خطوة من خطوات علاج مشكلة العزوف عن القراءة والتي لها فوائد كثيرة وتأثير كبير على حياة الإنسان وطريقة تفكيره وأسلوب التعايش مع الآخرين وسوف نتطرق لهذه الفوائد بالتفصيل.

أهمية وفوائد القراءة للإنسان :- هناك فوائد كثيرة للقراءة ونركز على أهمها وهي:

* زيادة معدل الذكاء خاصة لدى الأطفال وتعزيز الثقافة وتوسيع المدارك وإثراء الفكر واكتساب المعرفة.

* أثبتت دراسة لجامعة ساسكس البريطانية أن القراءة تقلل من الإجهاد والتوتر والضغط النفسي وبعض الأمراض.

* تحد القراءة من التوتر الإدراكي المصاحب لتقدم السن لدى الإنسان وتحافظ على صحة وقوة العقل. 

* تعزز القراءة المهارات الاجتماعية لأفراد المجتمع لفهم معتقدات وطرق تفكير ورغبات الآخرين وتطوير الذات.

* أفادت دراسة لمايو كلينيك الأمريكية أن القراءة تحسن نوعية النوم لأنها تسهل عملية الانتقال بين اليقظة والنعاس.

* تحسين المفردات اللغوية وزيادة المحتوى المعرفي من الكلمات والمصطلحات لتطوير النفس وتميزها ثقافيا وفكريا.  

* مواكبة تطورات العصر بالمعلومات والاطلاع على مستجدات المعرفة والاكتشافات والأساليب العلمية الجديدة.

* الاستفادة من أوقات الفراغ وإشباع الرغبات الثقافية والحاجات والميول في المجالات العلمية المختلفة.

* اكتساب قدرة عالية من الفهم والتحليل والتقويم ومعالجة المشاكل والتعامل مع الأزمات واتخاذ القرارات الصحيحة.

* القراءة سبب لرفعة الإنسان لمقامات عالية من الله، لقوله تعالى “يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ” (المجادلة – الآية11).

أسباب عدم القراءة والعزوف عنها :- هناك أسباب كثيرة ومختلفة نذكر لكم أهمها وهي:

* أسباب تتعلق بالوقت:- كالعمل لفترات طويلة لتأمين الاحتياجات العصرية في هذه الظروف الاقتصادية التي أصبحت لها الأولية في الوقت عن القراءة والتي تقلصت وأصبح لا وقت لها.

* أسباب صحية :- كالأمراض المزمنة أو الإجهاد النفسي والعصبي الذي يشغل الإنسان عن القراءة بسبب ضغط العمل أو المشاكل أو الأزمات وما تحتاجه القراءة من صفاء ذهني وتركيز عال فيصعب ذلك على الإنسان. 

* أسباب وظيفية :- كالوظائف التي تتطلب القراءة الإلزامية وكثرة الكتابة والتي تسبب نفورا ورغبة من الموظف في تغيير عادة القراءة للخروج من أجواء العمل وإحساسه بالملل من كثرة القراءة.

* أسباب تربوية :- مثل غياب ثقافة القراءة وحبها لدى الأسر وعدم تشجيع الأطفال عليها منذ الصغر وعدم الاختيار الجيد للكتب سواء للأطفال أو المراهقين أو الكبار مما يساهم في عزوف أفراد الأسرة عن هواية القراءة وحبها. 

* أسباب شخصية :- كالجهل أو ضعف المستوى التعليمي أو النظرة الدونية للنفس أو الغرور أو النظرة القاصرة للقراءة من واقع الاعتقاد الخاطئ ” ماذا استفاد القراء من قراءة الكتب؟ “. 

* أسباب إدارية وتنظيمية :- كعدم التنظيم وخاصة إدارة الوقت وعدم معرفة الأولويات أو عدم ترتيبها حسب الأهمية وعدم وجود خطة يومية للإنسان تساعد على تنظيم الحياة وتوفر له وقت فراغ مناسب للقراءة.

* أسباب ترفيهية :- وهي الغالبة في عصرنا الحالي فنجد البعض همهم الترفيه خاصة مع انتشار وسائل الإعلام والقنوات الفضائية وتطبيقاتها المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها التي ساهمت في العزوف عن القراءة بشكل كبير.

* أسباب اقتصادية :- مثل غلاء بعض الكتب أو الفقر عند البعض أو تدنى الدخل المادي وكثرة المصروفات الأساسية التي لا تتيح للبعض فائض من الدخل لشراء الكتب.

* أسباب تعليمية :- مثل أسلوب التعليم المعتمد على تلقين المعلومة للطالب دون وجود سياسة تحفيز للقراءة والمطالعة والبحث عن المعلومة وتعود الأجيال على هذا الأسلوب منذ الصغر.

كيف تقرأ وتعتاد القراءة؟ :- والإجابة على هذا السؤال تكون ممثلة في النقاط التالية:

* تحديد الهدف من القراءة يساعد على الالتزام والتعلق والشغف بماذا نقرأ مثل اكتساب المعرفة وتطوير الذات.

* اختيار الكتب بعناية فائقة ورغبة كي تناسب الميول والشخصية وتجلب المتعة والفائدة وتساعد على الاستمرار.

* تخصيص وقت يومي مناسب للقراءة لتصبح عادة مكتسبة خاصة صباحا قبل العمل أو مساءا قبل الخلود للنوم.

* البدء بالكتب المبسطة والقصص القصيرة تدريجيا حتى يتم التعود على القراءة والتمرس عليها أكثر مع الوقت.

* استبدال الأنشطة غير المهمة بالقراءة وتخفيف زيارة مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفاز والالتزام بذلك.

* وضع توقعات متواضعة ومرنة للقراءة في مدة معينة لأن التوقعات الكبيرة تقود القارئ للملل والشعور بالفشل.

* قراءة أكثر من كتاب في وقت واحد يساعد في البعد عن الملل والروتين لنمط معين من القراءة ويجدد الرغبة لها. 

* تعلم أسلوب القراءة السريعة الذي يفيد في سرعة الحصول على المعلومة ويجعل التركيز في القراءة والفهم أكثر.

* اصطحاب الكتب دائما يفيد في استثمار أي وقت فراغ للقراءة مثل: أوقات الانتظار أو ركوب الطائرة أو غيرها.

* اليقين الكامل بأن الفوائد المحصلة من القراءة هي الدافع والمحفز لمحبة واستمرار القراءة والاطلاع والثقافة. 

ختاما نحن نقرأ في اليوم الواحد مئات الرسائل والتغريدات في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والكثير من الأخبار عبر الصحف ونقضي الساعات أمام الشاشات لمشاهدة الأفلام والمسلسلات وهذا دليل واضح أن هناك متسع كاف من الوقت لتخصيصه لقراءة الكتب المفيدة والقيمة التي حتما تطور قدراتنا الشخصية وتضيف لعلمنا الكثير وتكسبنا مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين واتخاذ القرارات السليمة، لأننا لو استطعنا تخريج جيلا من القراء والكتاب سوف نمتلك مستقبل باهرا وتتقدم حضارتنا بالثقافة والعلم والأدب خاصة وأننا أمّة ” اقرأ ” وهي أول كلمة نزلت على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام من بين سبع وسبعين ألف كلمة وأول أمر وأول تكليف في القرآن الكريم من المولى عز وجل كحكمة بالغة قدم الله فيها العلم على سائر الأمور، وأنه هو الذي علم الإنسان ما لم يعلم.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى