ولي عهد الكويت أمام قمة «التعاون الآسيوي»: إيقاف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيين
ألقى ممثل صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، كلمة دولة الكويت في مؤتمر القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي، هذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة..
فخامة السيد مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة.. دولة الرئاسة لمنتدى حوار التعاون الآسيوي..
أصحاب السمو والفخامة والمعالي..
سعادة السفير ناصر ردن المطيري الأمين العام لمنتدى حوار التعاون الآسيوي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، بداية، أود أن أنقل لكم جميعا تحيات حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وتمنيات سموه بنجاح أعمال هذه القمة.
كما أغتنم هذه المناسبة لأتقدم ببالغ الشكر والامتنان لدولة قطر الشقيقة، أميرا وحكومة وشعبا على ما لمسناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والإعداد المميز لهذه القمة الهامة.. مؤكداً دعم دولة الكويت الكامل لإنجاح تجمعنا هذا حرصاً على استكمال مسيرة التعاون وتوطيد الروابط بين الدول الأعضاء لبناء مستقبل مشرق.
كما أود أن أشيد برئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمنتدى حوار التعاون الآسيوي لهذا العام، والوثائق الهامة التي صدرت خلال رئاستها للمنتدى، وعلى وجه الخصوص وثيقتا «المبادئ التوجيهية لعمل أمانة حوار التعاون الآسيوي» و«القواعد الإجرائية لحوار التعاون الآسيوي».. أملاً في أن تساهم تلك الوثائق في تعزيز العمل المؤسسي للمنتدى.
ولا يفوتني هنا أن أثمن الجهود التي قام بها الأمين العام السابق للمنتدى سعادة السفير د. بورنشاي دانفيفاثانا، ومساعيه لتطويره، متمنيا – في هذا الصدد – كل التوفيق والنجاح للأمين العام الجديد سعادة السفير ناصر ردن المطيري في مهامه للارتقاء بعمل الأمانة العامة للمنتدى وأدائها.
أصحاب السمو والفخامة والمعالي تعقد قمتنا اليوم تحت شعار «الدبلوماسية الرياضية»، والتي تعد أداة هامة في الدبلوماسية العامة، وتعتبر في الوقت نفسه أحد أنواع القوى الناعمة القادرة على جمع الشعوب والمجتمعات والثقافات، مؤكدين أن الرياضة تعد وسيلة محورية لتحقيق السلام والتنمية، وتساهم في غرس ونشر قيم التعاون والتسامح والتضامن والتعايش السلمي بين الشعوب.
وفي قارتنا الآسيوية أمثلة عديدة للترجمة الفعلية لمفهوم الدبلوماسية الرياضية وغاياتها وأهدافها النبيلة والسامية، وأهم هذه الأمثلة استضافة دولة قطر الشقيقة لبطولة كأس العالم لكرة القدم للعام 2022، في نسخة استثنائية فريدة من هذه البطولة، والتي شكلت نموذجاً ناجحاً لجمع الشعوب وتمازج الثقافات واللغات من مختلف بقاع العالم، وساهمت في نشر الثقافة الخليجية والعربية والإسلامية واندماجها مع الثقافات الأخرى.
وها نحن نتطلع إلى استضافة المملكة العربية السعودية الشقيقة لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2034، معربين في الوقت ذاته عن تمنياتنا بالتوفيق والنجاح لكافة دول قارة آسيا المستضيفة للأحداث والفعاليات الرياضية الكبرى على المستويين الإقليمي والدولي، لما تشكله من فرصة سانحة لإظهار التنوع الثقافي الغني في قارتنا للعالم كله.
أصحاب السمو والفخامة والمعالي يواجه عالمنا اليوم العديد من التحديات والمخاطر الأمنية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والمناخية، التي تتطلب وتحتم علينا تضافر الجهود والعمل الجماعي لمواجهتها بشكل فعال وحاسم.. وكثير من تلك التحديات التي تعصف بعالمنا اليوم نراها – وللأسف – في قارتنا الآسيوية، كالنزاعات المسلحة، وتفشي الأمراض، والفقر المدقع، والأمية، والبطالة.
إلا أننا نمتلك مقومات مشتركة هائلة وموارد بشرية ومادية ضخمة وقدرات كبيرة، تشكل أرضية صلبة لنا نستطيع من خلالها تجاوز مختلف التحديات التي تواجه دولنا وتحقق تطلعات شعوبنا وآمالها.
وإن الأرقام والإحصاءات برهان على المقومات التي تمتلكها قارتنا الآسيوية، حيث تشكل مساحة قارة آسيا قرابة الثلاثين بالمئة من مساحة اليابسة بالعالم، ومجموع تعداد سكانها وصل إلى أربع مليارات وثمانمئة مليون نسمة، أي ما يقارب ستين بالمئة من عدد سكان الأرض، كما تمتلك قارة آسيا أكبر اقتصاد قاري في العالم.. وأمام هذه الحقائق، يتعين علينا استثمار المقومات التي تمتلكها قارتنا بأفضل الطرق ووفق الوسائل الممكنة، وذلك تحقيقا للأهداف التي ننشدها من هذا الكيان الواعد، ووفق الركائز الست التي يقوم عليها حوار التعاون الآسيوي.. وهي: التواصل، العلوم والتكنولوجيا والابتكار، التعليم وتنمية الموارد البشرية، ترابط الأمن الغذائي والمائي والطاقة، الثقافة والسياحة، تعزيز نهج التنمية الشاملة المستدامة.
أصحاب السمو والفخامة والمعالي لقد حرصت دولة الكويت منذ انضمامها إلى حوار التعاون الآسيوي على العمل مع الدول الأعضاء لنقل الحوار إلى آفاق أرحب، حيث استضافت القمة الأولى لحوار التعاون الآسيوي في عام 2012، واحتضنت مقر الأمانة العامة للمنتدى؛ حرصا منها على تعزيز العمل الآسيوي المشترك.
وأجدد هنا التزام دولة الكويت بمبادئ منتدى حوار التعاون الآسيوي وأهدافه، ومواصلتها للإسهام بشكل بناء للارتقاء بعمل المنتدى، داعيا – في هذا الصدد – إلى البدء في مناقشات جادة ومكثفة تهدف إلى تحويل المنتدى إلى منظمة إقليمية قادرة على مواجهة التحديات المتسارعة والأزمات المتعاقبة التي تواجهها القارة الآسيوية.
وطالما تطرقنا إلى التحديات التي تواجهها قارتنا، فلا بد أن نتحدث عن أبرز تلك التحديات، وهي القضية الفلسطينية وما تتعرض له دولة فلسطين الشقيقة – أحد الأعضاء في هذا المنتدى – من عدوان سافر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لما يقارب العام، راح ضحيته أكثر من واحد وأربعين ألف فلسطيني، الغالبية العظمى منهم نساء وأطفال.
وللأسف، كل ذلك يحدث في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك بسبب ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في تطبيق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
هذا، وتجدد دولة الكويت إدانتها واستنكارها الشديدين لاستمرار هذا العدوان على دولة فلسطين الشقيقة، وتكرر دعوتها للمجتمع الدولي -وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن- بضرورة تحمل مسؤولياته، والعمل على وقف هذا العدوان.. وبشكل فوري.
كما تدعو إلى مواصلة دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق، وقضيته العادلة، وحقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ونجدد الإشادة بكافة الجهود التي بذلتها اللجنة الوزارية برئاسة المملكة العربية السعودية الشقيقة، والمشكلة من قبل القمة العربية والإسلامية المشتركة الاستثنائية.
أصحاب السمو والفخامة والمعالي لا شك في أن إفلات إسرائيل -القوة القائمة بالاحتلال- من العقاب وعدم محاسبتها ومساءلتها أدى إلى استمرار ارتكاب مزيد من الجرائم واتساع رقعة هذا العدوان.. الأمر الذي كنا دائما نحذر منه ومن عواقبه على دول المنطقة، وهو ما نشهده اليوم من عدوان آثم على الجمهورية اللبنانية الشقيقة، حيث شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات أدت إلى سقوط مئات من القتلى وآلاف من الجرحى من المدنيين العزل في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، في انتهاك صارخ لكافة الأعراف والقوانين الدولية.
ونجدد في هذا الصدد إدانتنا واستنكارنا الشديدين إزاء هذه الجرائم، ووقوفنا إلى جانب الأشقاء في الجمهورية اللبنانية الشقيقة وتضامننا معها، رافضين كل ما من شأنه المساس بسيادتها واستقرارها.
هذا، ويجب أن يكون لقارة آسيا وقفة حازمة وصريحة، يعلو فيها صوتها دفاعا عن العدل، والضمير الإنساني، والحق.. حق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة في العيش بحرية وكرامة وسلام.
وختاما،،، أجدد الشكر لكافة الجهود المبذولة لإنجاح أعمال هذه القمة، سائلا المولى عز وجل أن يوفق مساعينا لما فيه خير شعوبنا وازدهار أوطاننا ومصلحة قارتنا.