نِعمَة الكُلى وكيفية المحافظة عليها بقلم : خالد عمر حشوان
أؤمن إيماناً كاملاً كغيري من المسلمين بقول الله تعالى {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة-51) فكل مرض يُصيب الإنسان هو مكتوب له من الله وله في ذلك حِكْمَة لا يعلمها إلا هو عز وجل، وما علينا سوى الاجتهاد في الحفاظ على كافة النعم التي وهبنا الله إياها في أجسادنا، حيث اعتنى الإسلام بصحة الإنسان والتي هي من مبادئه السامية للحفاظ على جسم سليم مُعافى من الأمراض بفضل الله بل إنه أعتبرها من أسباب السعادة والراحة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام “مَنْ أصْبحَ مِنكُم آمِنًا في سربِه، مُعافى فِي جَسَدَه، عِندَه قُوتُ يَومِه، فَكأنَّمَا حيزَتْ لَهُ الدُنيَا بِحَذافِيرَهَا” (رواه الألباني).
عندما كنت أقرأ عن مرض الكلى تذكرت هذه النعمة العظيمة التي وهبنا الله إياها ولفت نظري ما ذكره الرئيس التنفيذي لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي “كلانا” عبد الله الدغيثر أن هناك تزايداً ملحوظا في عدد مرضى الفشل الكلوي بالمملكة حيث بلغ عددهم بنهاية عام 2023م أكثر من 27,000 مريض أي بمعدل يصل إلى 9% سنويا، وهناك عدة أنواع لمرض الكلى وهي:
* أمراض الكلى المزمنة: هي حالة طويلة المدى لا تستطيع الكلى معها العمل بالشكل الطبيعي حيث يتم تدمير أنسجة الكلى فيها ببطء على مدى عدِّة سنوات، وترتبط غالبا بالتقدم في السن أو الأمراض المزمنة، وقد يتطور مرض الكلى المزمن إلى فشل كلوي في مرحلته الأخيرة ويُسبب الوفاة بقدرة الله لو لم تُجرى عملية ديلزة الدم الاصطناعية (الغسيل) أو زراعة كلى.
* الفشل الكلوي الحاد: وهو قصور مفاجئ في وظائف الكلى يجعلها لا تستطيع تصفية الدم من السموم والتي تتراكم بمستويات عالية قد يختل معها توازن مكونات الدم وتحدث بشكل سريع خلال ساعات أو أيام.
* مشاكل الكلى الأخرى: والتي تشمل السرطان والتكيسات والحصوات والالتهابات.
وفي هذا المقال لن أتحدث عن المرض بقدر ما أردت أن نبحر سوياً في سفينة “الوقاية خير من العلاج” وهي الرحلة التي يتهاون فيها البعض ويُهمل كثيرا من الخطوات التي تساعده بإذن الله في الحفاظ على الكلى ومن أهمها:
* شرب المعدل الكافي من الماء: حيث يجب تناول من 2.5 إلى 4 لتر من الماء يومياً وهذا التفاوت يكون في حالات الطقس الحار وممارسة الرياضة وهو ما أكدته دراستين نُشِرت في مجلة ذا لانست ومجلة حقائق السمنة أن الماء يقلل بإذن الله من الإصابة بحصوات الكلى.
* الغذاء الصحي المتوازن والداعم للكلى: كالأغذية التي لا تحتوي على الدهون المشبعة والتقليل من السكر والملح والدقيق وتناول الخضروات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة لإمداد الجسم بالفيتامينات الأساسية والأملاح المتوازنة، وهناك أغذية تُحسِّن وظائف الكلى مثل البطيخ والتوت البري وزيت الزيتون والبصل والتفاح والملفوف والقرنبيط والفراولة والفلفل والثوم.
* ممارسة الرياضة بشكل منتظم: تساعد الرياضة في تحسين صحة القلب وحماية الكلى بفضل الله بشرط أن تكون بانتظام وعلى فترات قصيرة وأقلها رياضة المشي لمدة لا تقل عن نصف ساعة يومياً ويُفضَّل أن تكون ساعة كاملة.
* عدم الإفراط في تناول مشروبات الطاقة والغازية: حيث حذَّر المعهد الاتحادي لتقييم المخاطر في برلين من الإفراط في تناول مشروبات الطاقة بقدر نصف لتر يومياً والتي قد تسبب عدة أمراض منها الفشل الكلوي لا سيما أثناء ممارسة الرياضة، أما الأشخاص المفرطون في تناول المشروبات الغازية المحلاة بالسكر فهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكلى.
* المحافظة على الوزن: السُمنة هي من أخطر مُسبِّبات الأمراض ومنها الفشل الكلوي، لأن أعضاء الجسم تستفيد كثيرا حين يقل الوزن خاصة عندما نتحدث عن معامل كتلة الجسم والوزن ومن الطبيعي أن الأقل دوماً هو الأفضل.
* مراقبة ضغط الدم: ارتفاع ضغط الدم قد يُسبب سكته دماغية أو نوبة قلبية -لا سمح الله- لكن القليل من البشر يعرفون أنه السبب الأكثر في تلف الكلى خاصة مع أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وارتفاع الكوليسترول، لذلك من الأفضل أن يكون قياس ضغط الدم مرتين يومياً صباحاً ومساءً ويكون في كل مرة قياسين بينهما دقيقة لتجنب تقلبات ضغط الدم.
* الفحص السنوي لوظائف الكلى: هي تحاليل سنوية لمعرفة أن الكلى تعمل ضمن المعدل الطبيعي أم لا، وتقييم مدى كفاءة الكلى في التخلص من مخلفات الجسم وتشخيص حالات الإصابة بأمراض الكلى في المراحل المبكرة.
* الإقلاع عن التدخين: أثبتت عدة دراسات بحثية أن التدخين ضار بالكلى ويُبطئ تدفق الدم لها مما يؤثر على قدرتها في تنقية الدم من السموم، وقد يتداخل التدخين مع بعض أدوية التحكم في ارتفاع ضغط الدم ويكون سببا رئيساً في مرض الكلى.
* التقليل من تناول الأدوية: خاصة الأدوية المسكنة للألم والصداع والمضادات الحيوية والمكملات الغذائية التي يستخدمها البعض دون استشارة الأطباء، أما الأدوية التي يصفها الأطباء يُفترض مراجعة الأطباء للاستغناء عنها عند التحسن إن أمكن.
* عدم تناول الكحول: الكحول هي أحد أسباب ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن ومن خصائصه إدرار البول مما يزيد من خطر الإصابة بالجفاف الذي قد يُضرُّ بالكلى ويضعف من قدرتها على تنظيم السوائل والأملاح في الجسم.
* النوم الكافي: في دراسة أجراها باحثون بجامعة “إلينوي” أثبتت أن عدم النوم الكافي من 7-8 ساعات يوميا من شأنه أن يسبب ارتفاع ضغط الدم وجلطات دموية مما يَضُر بوظائف الكلى والتعجيل بالفشل الكلوي.
وأختم بحديث عظيم للمصطفى عليه الصلاة والسلام فيه بشارة لكل مريض اختاره الله دون غيره وابتلاه الله في جسده والذي قال فيه “إنَّ العَبدَ إذَا سَبقَتْ لهُ مِنَ اللهِ منزلةٌ لَمْ يَبلغهَا بِعَمَلِهِ ابتَلاهُ اللهٌ في جَسَدِهِ أو في مَالهِ أو في وَلدِهِ ثُمَّ صَبَّرهُ عَلى ذَلكَ حتى يُبلِّغهُ المَنْزلِة التي سَبقَتْ لهُ مِنَ اللهِ تعالى” (رواه الألباني-صحيح أبي داود)، وهو توفيق واختيار من الله للعبد إلى الطاعات ومنها الصبر ليُبَلِّغَه عز وجل المنزلة التي أعدَّها له مسبقاً، فصبراً جميلا أيها المرضى وهنيئا لكم بهذه المنزلة العظيمة من الله.
مقال شامل وكامل شكرا كاتبنا العزيز خالد