مركز أوروبي يحذر من تحول أوكرانيا إلى بوابة للدعاية الإرهابية
وكالات – العربي
حذّر خبراء سياسيون من أنّ أوروبا لا تزال عرضة للتهديد الإرهابي ونشر الدعاية المتطرفة، خاصة مع احتمال أن تُصبح أوكرانيا أرضاً خصبة للجماعات الإسلاموية المتطرفة، إلى جانب النازيين الجدد واليمين المتطرف، وغيرهم.
جاء ذلك وفقاً للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، الذي توقّع في دراسة له أن تكون أوكرانيا، في ظلّ فوضى الحرب الحالية، بوابة للدعاية المتطرفة، في دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.
ومنذ اندلاع حرب أوكرانيا، قامت العديد من الجماعات المتطرفة بنشر الدعاية لتشجيع المقاتلين على الانتقال إلى الأراضي الأوكرانية والانضمام إلى الفرق المسلحة التي شكلتها أوكرانيا لمحاربة روسيا، وذلك سعياً من تلك الجماعات لإكساب أفرادها الخبرة العسكرية والتدريب على مختلف أنواع الأسلحة خاصة التي لم تصل لهم من قبل.
وفي ألمانيا ورغم تراجع العمليات الإرهابية على إثر المراقبة الشديدة التي تفرضها الأجهزة الأمنية على التطرف الإسلاموي واليميني على حدّ سواء، إلا أنّه من المرجح أن يكون هناك تصاعد في عدد الجماعات المتطرفة، وتنظيمات الإسلام السياسي في ألمانيا وفقاً للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب.
ونجحت الاستخبارات الألمانية في الأشهر الأخيرة بتفكيك خلايا نائمة والكشف عن مخططات إرهابية قبل وقوعها، في عمليات استباقية وقائية نجحت بجمع المعلومات والرصد والمنع.
ورغم ما تقوم به ألمانيا من تشريعات وتدابير في تجفيف مصادر التمويل الخارجي، والحدّ من الدعاية المتطرفة على المنابر وعبر الأنترنت، إلا أنّ حرب أوكرانيا تبقى مصدر تهديد لأمن أوروبا والعالم كون الجماعات المتطرفة، ومنها تنظيم داعش، سبق وأن جاهروا بأهمية استثمار الحرب للحصول على السلاح والتدريب لتنفيذ عمليات إرهابية.
وتمّ مؤخراً القبض على سبعة أشخاص كان لهم علاقات طويلة الأمد مع الجماعات الإسلاموية الراديكالية المتطرفة، ممن غادروا أوكرانيا بعد الهجوم الروسي إلى ألمانيا وأنشأوا خلية إرهابية في العام 2022، وكان هدفهم الأساسي تنفيذ هجمات مستوحاة من تلك التي دبّرها تنظيم داعش الإرهابي.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إن خطر التطرف الإسلاموي لا يزال مرتفعاً، وتعهدت بأن تواصل الأجهزة الأمنية الألمانية أخذ جميع المعلومات حول هذه التهديدات على محمل الجد، وأن تتصرّف وفقاً لذلك.
ويقول توماس هالدينفانغ، رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور “أتحدث عن الجماعات العنيفة ولكن دون تجاهل الإسلامويين أيضاً. ومع ذلك تمّ تحقيق العديد من النجاحات مرة أخرى على الصعيدين الدولي والوطني ضدّ الإرهاب الإسلاموي. ولحسن الحظ، لم تشهد ألمانيا في عام 2022 هجمات إرهابية”، مُعتبراً أنّ الوضع يبدو أنّه تُهيمن عليه بشكل خاص مجموعات صغيرة تتصرف بمفردها.
التصدّي لمخاطر ارتداد التطرّف إلى أوروبا
ويُثار الجدل في ألمانيا بشكل دائم حول قضايا الأمن ومُحاربة التطرّف، وحول من يحقّ له تمثيل المُسلمين في البلاد، حيث ترغب الحكومة بالتعاون فقط مع المُسلمين من ذوي التوجّهات العلمانية والجمعيات الدينية التي تدعم الليبرالية، وذلك بهدف الوقوف ضدّ التيار الإسلامي الراديكالي وخاصة تنظيمات الإخوان المُسلمين والدولة الإسلامية الإرهابية.
وأشارت تقارير أمنية مطلع العام 2023 إلى وجود مسلحي أجناد القوقاز في أوكرانيا المُصنّفين من عدّة دول منظمة إرهابية، ومعروفين بعملياتهم ضدّ القوات الحكومية السورية والروسية في سوريا. وكانت منصّات التواصل الاجتماعي قد تداولت صور لقاءات بين زعيم أجناد القوقاز عبد الحكيم الشيشاني وأعضاء كتائب شيشانية تعمل في أوكرانيا لدعم كييف.
وتُثير إمدادات الأسلحة التي قدّمتها الدول الغربية لدعم أوكرانيا مخاوف بشأن احتمال حصول الجماعات المتطرفة على الأسلحة الحديثة والتدريب العسكري العالي. وسلّطت تقارير إعلامية الضوء على إمكانية بيع أسلحة غربية في السوق السوداء، مما أثار قلق الإنتربول والكثير من دول العالم.
ودعا المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات، الذي يعمل من ألمانيا وهولندا، إلى ضرورة تقييم ومراقبة الوضع في أوكرانيا فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب الذين يدعمون كييف، ومن الأهمية كذلك تحديد ما إذا كانت الجماعات المتطوعة لديها أي روابط مع التنظيمات المتطرفة.
ونبّه إلى أنّ انخفاض عدد الحوادث الإرهابية في ألمانيا بنسبة كبيرة لا يعني تراجع التطرف الإسلاموي، إذ أنّ الدعاية المتطرفة أي الترويج لفكر داعش من خلال الأنترنت لا زال متواصلاً.
كما حذّر المركز من أنّ تصاعد قوة اليمين المتطرف في ذات الوقت، خاصة تزايد شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا، يعني تصاعد الإسلاموفوبيا، مما يعطي فرصة جديدة للجماعات الإسلاموية المتطرفة في ألمانيا لاستثمار خطاب اليمين المتطرف.
وخلص إلى أنّه من أجل مواجهة مخاطر ارتداد الإرهاب والتطرّف إلى أوروبا، يجب على الدول الأوروبية التعاون الدولي من أجل تتبع شحنات الأسلحة الواردة إلى أوكرانيا وكذلك مراقبة الجماعات الإسلاموية المتطرفة في أوكرانيا.
وأكد المركز أنّ ما تحتاجه ألمانيا هو الاستمرار بتعزيز التعاون الأمني بين ولاياتها والوكالات الاستخباراتية المختلفة، وتوسيع التعاون الأمني بخصوص محاربة تنظيم داعش خاصة في أفغانستان وآسيا الوسطى وأفريقيا، مع الاستمرار بجهود محاربة التطرف في كلّ من سوريا والعراق كذلك.