“الجرائم الإلكترونية الهاجس المؤرق على العنصر البشري” بقلم: د.حمود السمّي الحسني
يُعد مصطلح الجريمة من المصطلحات التي باتت هاجسًا يؤرق العنصر البشري منذ أول جريمة عرفتها البشرية على مر العصور، فالنزاعات واختلاف الرأي من شأنه أن ينشىء تضارب وتباين بين الأطراف سواءً كانت فردية أو جماعية لتتطور تدريجيًا لتنتهي باعتداءات أيًا كانت مسمياتها مادية أو معنوية، فالقتل والسرقة وغيرها هي جريمة بمفهومها التقليدي المعروف.
وتجدر الإشارة إلى مفهوم الجريمة بأنها “كل فعل يخرج عن العواطف الأخلاقية في المجتمع الإنساني، كعواطف الشفقة، والأمانة، والاستقامة، والنزاهة، ومعيار تحديد السلوك الإجرامي هو معاداة هذا السلوك للمجتمع، فالجريمة سلوك معاد للمجتمع”(سيد جاب الله السيد، ٢٠٠٣ ، ص ١٦).
وتماشيًا مع ما تم ذكره فإن تطور نمط الحياة الإنسانية وصولاً إلى عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطور الهائل والسريع للشبكة العالمية للإنترنت خلق نقلة نوعيّة غير محدودة سواءً أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وبطبيعة الحال أخذت جانبها الإيجابي بأشكاله المختلفة مثل التجارة الإلكترونية والإعلام الرقمي وقنوات التواصل الاجتماعية الإلكترونية وغيرها، وعلى العكس من ذلك هناك من أساء استخدامها بطرق سلبية واستغلالها لتحقيق المصالح الشخصية، آخذةً أشكالها الغير إنسانية كعمليات الابتزاز الإلكترونية والسرقات الإلكترونية والجيوش الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني والقرصنة الإلكترونية، كل هذه الجرائم التي اقترنت بالإنترنت والكمبيوتر أُطلق عليها مسميات عدة والتي أبرزها وأكثرها تداولاً مصطلح (الجريمة الإلكترونية).
واستنادًا لما سبق فإن الجريمة الإلكترونية كما عرفها (الخبيزي بدر، ٢٠١٤، ص ٢٥ ): “بأنها كل عمل يتم إعداده أو التخطيط له، ويتم بموجبه استخدام أي نوع من الحواسيب الآلية سواءً حاسب شخصي أو شبكات الحاسب الآلي أو الإنترنت لتسهيل ارتكاب الجريمة أو عمل يخالف القانون و يتسبب في ضياع حق من حقوق الدولة أو المؤسسات أو الأفراد وتحقيق منفعة لأي طرف دون وجه حق”
وعلاوة على ذلك فإن التشريع والقانون سنَّ عقوبات لمرتكبي الجرائم التقليدية، لا سيما أوجد بالمقابل أيضًا عقوبات رادعة تختص بالجرائم الإلكترونية.
وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة بأن سلطنة عُمان من الدول التي أولت اهتمامًا ملحوظًا في هذا الجانب فقد أُصدر المرسوم السلطاني رقم ١٢ / ٢٠١١ لمكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وحيث إن الثابت انتهاك الخصوصيات والحسابات التابعة للمؤسسات والهيئات سواءً كانت داخل الدولة أو خارجها تعتبر جرائم إلكترونية.
ومن زاوية أخرى فقد استخدمت التكنولوجيا في شن الحروب الإعلامية، و زرع جيوش إلكترونية من خلال قنوات التواصل الاجتماعي وهي من أكثر الجرائم التي شاع إنتشارها في العالم والتي من المؤسف بأنها تُدار من خلال منظمات هدفها وضع خلافات بين دول وصولاً لأهداف مدروسه وخاصة اقتصادية.
وتنطوي وجهة النظر في بث الوعي بخطورة التكنولوجيا عند إساءة استخدامها بالرغم من إيجابياتها، فهي بما لا يدع مجالاً للشك سلاح ذو حديّن.