“عشائر الجوالة والتنمية المستدامة” بقلم: علي بن سليم الداودي
بهدف تطوير الأرض والمُدن والمجتمعات وكذلك الأعمال الخيرية بشرط أن تُلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي. خلال السنوات الأخيرة، سعت كشافة ومُرشدات عُمان ممثلة في عشائر الجوالة والجوالات بالسلطنة في النهوض بالتنمية المستدامة بمختلف جوانبها التي تعمل عليها جنبًا بجنب مع العديد من المنظمات الحكومية والمحلية والعالمية، ويأتي مفهوم “الاستدامة”، وطبيعتها وكيفية تحقيقها، وآلياتها وأدواتها، والنتائج المترتبة عليها، حتى أصبح هذا المفهوم لصيقًا بكل مشروعات التنمية التي يجرِي تنفيذها على أرض الواقع؛ فلا تجد مشروعًا جديدًا إلا ويضع قيم ومعايير الاستدامة على قائمة أولوياته، وباتت كل خطة إستراتيجية تتمحور حول الاستدامة.
والتنمية المستدامة بصيغة بسيطة يمكن أن نعّرفها بأنها قدرة المشاريع التنموية المتنوعة على الاستمرارية؛ من الناحية: البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، ففي الجانب البيئي، تساهم الجوالة والجوالات في أن يتسم كل مشروع بميزة الحفاظ على البيئة؛ فلا يلوثها أو يضُر بتوازنها الطبيعي، أو يعبث بقدرتها على الاستمرار؛ لذا نجد الدول المتقدمة لا تسمح بأي مشروع -مهما كان- إلا بعد حُصُول القائمين عليه على تصاريح بيئية تضمن عدم إضرار هذا المشروع بالبيئة، ونحمد الله أننا في العشائر في عُمان تطبق هذه الضوابط في أغلب المشاريع البيئية وبالتعاون والشراكة مع الجهات الحكومية وذات الاختصاص -إن لم يكن كل- المشاريع التنموية.
أما الاستدامة الاجتماعية، فنعني الأثرَ الاجتماعي للمشروع التي تساهم فيها عشائر الجوالة مثل الإغلاق الكلي بسبب جائحة كوفيد 19 الذي شهدته السلطنة خلال السنة الماضية مع سائر الدول الأخرى في العالم، جعل من العشائر ضرب مثال في تقديم الخدمات الاجتماعية في توزيع المؤونة على الأسر ذات الدخل المحدد والضمان الاجتماعي ومردوده على المجتمع، وما إذا كان المشروع مُفِيدًا مجتمعيًّا ويخدُم الصالح العام.
وبالنَّظَر إلى ما حققته بلادنا من منجزات تنموية خلال السنوات الماضية، ندرك حجم التطور والتقدم الذي تحقق، فشتان بين الماضي والحاضر من حيث التنمية، ويُمكن لكل من يُشاهد منجزات عشائر الجوالة والجوالات ويدرك بيقين أن هذا العمل في ظل السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وظِل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظة الله ورعاه-، وضع في مقدمة أولوياتها التنمية المستدامة، وهو ما جعل كل منجزات العشائر تقف شامخة إلى يومنا هذا في أبهى حلة؛ لنتأكد أن فكر الاستدامة متجذر في الرؤية للأمم المتحدة في “أهداف التنمية المستدامة” السبعة عشر، ودعوة المنظمة الكشفية العالمية الجمعيات الكشفية والإرشادية في العالم إلى تطبيق “الأهداف التنموية المستدامة”.
وبتعريج على عدد من الأهداف التنمية المستدامة، نرى أن عشائر الجوالة استطاعوا أن يساهموا في توفير الصحة الجيدة لكل المواطنين والمقيمين؛ من خلال مراكز التحصين ضد فيروس كورونا ” كوفيد 19″ المنتشر في أنحاء البلاد، في كل ولاية، وهذه المراكز تقدم الخدمات الصحية المتطورة، وتُساعد في الحد من انتشار المرض، وغيرها من الحملات التوعوية وسرعة الاستجابة مع هذه الأمراض. ويحقُّ لنا كمواطنين نعيش على هذا التراب العُماني المقدس أن نفخر بأننا لا نعاني من أي تمييز بين الجنسين؛ فقد كفل النظام الأساسي للدولة الحقوق لجميع المواطنين دون تمييز؛ وعندما نتحدَّث عن أهداف أخرى؛ مثل: التعليم الجيد، أو العمل اللائق، أو السلام، والعدل، نجد أنها متحققة بفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها مؤسسات الدولة والشراكة المجتمعة التي تتبناها عشائر الجوالة لتحقيق التنمية المستدامة في التنمية.
فأهداف عديدة تواصل العشائر من تحقيقها في أهداف التنمية المستدامة، ويمكننا أن نقول إن نسبة التحقيق ربما تكون وصلت لمعدلات متقدمة للغاية،
وبأن التنمية المستدامة يجب أن تكون الغاية والهدف لكل مشروع، ولن تتحقق هذه التنمية إلا من خلال إيمان عميق بأهمية تعزيز وتعميق الشراكة بين عشائر الجوالة والحكومة والقطاع الخاص والقطاعات الأهلية في تنفيذ مشروعات من شأنها أن تُقدِّم أفضل الخدمات للمواطن، وتُسَاعد على توفير فرص تساعد الشباب في رسم خارطة الطريق بالشكل الصحيح، وتعود بالنفع على العشائر؛ بما يكفل مُواصلة التقدم.