أدبيات

“هي أنثى إذًا هي جميلة.. فليس الجمال أنثى” بقلم : عذاري محسن الحراصية

العمليات الجراحية التجميلة هي الجراحات التي تُجرى لأغراض وظيفية أو جمالية، هي بالمفهوم البسيط اِستعادة التناسق والتوازن لجزء من أجزاء الجسم عن طريق اِستعادة مقاييس الجمال المناسبة لهذا الجزء.
كانت هكذا منذ زمن ظهورها.. لم يكن هناك إلا أعداد قليلة جدًا من العيادات المخصصة لذلك في العالم أجمع.. حتى لاقت هذه العمليات إنتعاشًا كبيرًا خلال هذه السنوات الأخيرة.. حتى إنها أصبحت تنافس عيادات الأسنان في أعدادها وتوزعها في كل منطقة.. ولم يحدث هذا لزيادة الحوادث المروعة أو التشوهات الخلقية أو الإصابات البليغة وما إلى ذلك..!  لكنهم البشر الذين أصبحوا يكرهون الإختلاف لدرجة أنهم يريدون إستنساخ بعضهم البعض أو ربما لأنهم أصبحوا يعتبرون التغيير في الشكل  عابرة العصر..! ولكن ربما قبح الداخل باختلاف الزمان صنع تلك النظرات القبيحة..! وياللعجب! كيف يستطيعون صرف تلك المبالغ على شيءٍ باهض الثمن كتلك العمليات وهم لا حاجة لهم لفعلها!!

ولنأتي لما يبرز في معظم النقاشات كقضية المرأة؛ ولكن هذا لا يعني إنعدام الجنس الذكوري من هذه القضية ..هُنا حديثنا عن جنس المرأة دفاعاً عن الأنثى.
في الكثير من دول العالم أصبح توافد النساء لهذه العيادات أمر مفروغ منه..
عمليات تجميل للإعتقاد بزيادة الجمال وليس للحاجة  لإعادة التناسق.. من تسمين الوجه، وتصغير الأنف والشفتين ، شد الرقبة ونحت الذقن، وترميم الوجه وغيرها الكثير..
أصبح السعي للجمال يكون بإجراء هذه العمليات .. أدخلوا فكر أن النساء جميلات فقط بمظهرهن من جسم منحُوت ووجه منفوخ الشفتين وأنف صغيره وخدين متورمتين…! بات الجميع يركز على المظاهر وغفلوا عن ترميم دواخلهم.. نسّوا أن الإنسان جميل بجمال روحه، بجمال جوهره، نسّوا أن الأعماق هي الأساس.. فما دامت هي جميلة ونقية ورائعة سينعكس ذلك على الظاهر منها..
فباتوا يُعايرُون النساء ببعضهن.. وكثرة المقارنات.. فشُحِنت النساء على تجاهل ما يميزهن والغفل عن الواقع.. والرغبة بذلك للتغيير والتجديد ومواكبة الحداثة حتى في خَلقتهن…

فأمر الجمال والأناقة والوسامة سعي دائم قلما تجد من يتغاضى عنه ولا نُكران لهذا.. والمعروف عنه أنه سحر مؤثر جدًا.. تجاوز أثر الجمال في حياتنا حدود رغباتنا البسيطة ليتعداها للتأثير في جوانب حياتنا التي لقلما تخطر ببالنا.. فمقاييس الجمال نسبية، ولطالما يقال أن الجمال بعين الرائي.. لكن هذا مختلف في عصرنا خصيصًا بتطور وسائل التواصل التي جعلت من العالم قرية صغيرة.. فقد أصبحت مقاييس الجمال عالمية إلى حد كبير بعد أن كان للشرق جمال يختلف عن الغرب بمميزات إنطبعت بأذهاننا..
بالفكر المتركز على الظاهر.. بات العالم يرى الأنثى بالظاهر فيها من جمال ونسّوا أن الأنثى أنثى بجمال الجوهر .. بالأخلاق  الرفيعة.. بالصدق  والإخلاص.. بالصبر والتحمل.. بالنِضال والقوة… بالطيبة واللطف.. بالخجل والعفة…فكل أنثى جميلة… ولكن ليس كل جميلة أنثى

أرى أن العالم لا يمكنه العيش بدون الأنثى.. بدون حُبها.. بدون حنانها ولطفها.. بدون وقفتها القوية بصبرها وتحملها.. أكلُّ هذه الأمور الجميلة التي لا يمكنكم الإستغناء عنها تعادلونها بمقايس الجمال الظاهرية تلك التي ترونها فقط ما دمتم مبصرين بأعينكم.. وفور إغلاقها لن تشعرون بجمالها..

هذا هو الإعتناء بالداخل.. سيبقيك جميلاً دائمًا ولن يمكن للعوامل  الخارجية المحيطة حينها التأثير على داخلك..

كونوا مبصرين وليس ناضرين فقط.. أبصروا إناثكم وقدروهن.. دعُوها تستعيد ثقتها لتعطيكم أكثر.. دعوها أيضًا تؤمن بما يميز مكنونها الداخلي.. دعوها تتزين بجمالها الداخلي الأنثوي..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى