مخاوف من الانتشار الحمى القلاعية بالأردن.. وأطباء: فرص انتقاله للبشر ضعيفة
أ ش أ – العربي
مع إعلان وزارة الزراعة الأردنية، انطلاق أولى مراحل خطة العمل الخاصة بالسيطرة على انتشار مرض الحمى القلاعية بالبلاد وذلك في محيط بؤرة الانتشار ضمن مناطق الضليل والخالدية، ظهرت مخاوف في الأفق عبر خبراء بأن يتحول الوضع – حال عدم السيطرة – إلى جائحة جديدة تهدد الأخضر واليابس.
وزير الزراعة الأردني المهندس خالد الحنيفات، قال إن الوزارة راعت إجراءات الأمن الحيوي في أثناء عملية التطعيم في كل مزرعة استخدام المطهرات قبل وبعد الدخول للمزارع التي تم تحصينها وشملت كافة المشاركين والسيارات والمعدات، إضافة إلى عدم تكرار الفرق وتحديد فرقة لكل مزرعة.
وبين الحنيفات، طبقا لبيان وزارة الزراعة الأردنية، أن هذا التطعيم يعد المرحلة الأولى من عملية محاصرة المرض حيث ستشمل المرحلة الثانية الحيوانات الأقرب إلى بؤرة المرض، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تأتي ضمن موائمة مع إجراءات الإغلاق للمنطقة المصابة ومسارات التعقيم الدائمة للسيارات الداخلة والخارجة على الطرق الرئيسية.
وكشف أن الوزارة تستعد لاستقبال خبراء في علم الوبائيات من المختبر المرجعي في إيطاليا للتحقق والمتابعة من الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة في حصر المرض، لافتا إلى أنه قد تم تنفيذ كافة الأنشطة تحت إشراف خبير من المنظمة العالمية لصحة الحيوان وبالتعاون مع القطاع الخاص ومن المتوقع وصول الدفعة الثانية من المطاعيم الخاصة بالعترة الجديدة بداية الأسبوع القادم.
وسط هذه التصريحات الرسمية من قبل الوزارة، يؤكد الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء البيطريين بالأردن الدكتور عبدالله شحادة أن ما يحدث في منطقة الظليل نتيجة تفشي مرض الحمى القلاعية بين الأبقار بمثابة كارثة تهدد قطاع الأبقار والذي يعتبر واحدا من المكونات الأساسية لسلة الغذاء الأردني، فيما يشتكي أصحاب مزارع ومربو أبقار من إجراءات وزارة الزراعة حيث أنها بحسب قولهم، لم تقم باتخاذ إجراءات جادة لوقف انتشار الوباء إلا بعد مرور (15) يوما من الانتشار.
المخاوف تتجدد
الطبيب البيطري الدكتور ثائر تركي الضلاعين، قال لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط /أ ش أ/ بعمان، تعليقا على انتشار الحمى القلاعية بالبلاد، إن المصادر الرسمية ممثلة بوزارة الزراعة تتحدث عن انتشار فيروس الحمى القلاعية مما أثار الخوف بين المزارعين، علما بأن هذا الفيروس ليس مخيفاً ولكن يجب علينا أخذ الحيطة والحذر أثناء تعاملنا مع المواشي والأبقار التي ظهرت عليها أعراض المرض المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة وفقدان الشهية وتراجع كميات الحليب وبعض الأعراض الأخرى مثل فقدان التوازن.
وأضاف أن وزارة الزراعة الأردنية متمثلة في كوادرها من أطباء بيطريين وأصحاب الاختصاص من ممرضين، أخذت كافة الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة من تطعيم المواشي والأبقار والحجر الصحي والتعقيم في المزارع التي ظهرت فيها هذه الأعراض، وأغلقت أسواق المواشي للبيع والشراء لمدة أربعة عشر يوماً.
وأشار الدكتور الضلاعين إلى أن الدراسات العلمية تؤكد أن هذا الفيروس لا ينتقل إلى الإنسان سواء عن طريق مشتقات الحليب أو الألبان أو اللحوم، مشددا على ضرورة أن يقوم الأطباء البيطريين بالمحافظة على الأمن الغذائي.
ولفت إلى أن الأردن يعد من الدول التي تولي اهتماماً كبيراً في الثروة الحيوانية وتعد مصدراً من مصادر الدخل الرئيسية، مشددا على ضرورة القيام ببعض الإجراءات التي أخذها بمحمل الجدية من خلال توفير البنية التحتية الملائمة من مزارع حديثة ومتطورة وغير مكشوفة وتكون مغلقة ومعقمة من أجل الحفاظ على هذه الثروة الحيوانية.
الإنسان والحمى القلاعية
بدوره، قال الدكتور محمد حسن الطراونة اختصاصي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم، إنه لا داعي للقلق من الحمى القلاعية حال اتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة والحد من انتشار الحمى القلاعية بين الحيوانات، محذرا في الوقت نفسه من التهاون مع مثل هذه الفيروسات التي قد تكون غير ضارة بالإنسان ولكنها يمكن أن تتحول إلى خطيرة ومن ثم جائحة جديدة حتى وأن لم تكن مع الإنسان ولكنها بين الحيوانات ومن ثم التأثير على المنتجات الحيوانية الغذائية للإنسان ذاته.
وأجاب الطراونة، على سؤال لـ/أ ش أ/، عن إمكانية نقل الحمى القلاعية إلى الإنسان سواء عن طريق التعامل المباشر أو من خلال اللحوم والألبان، قائلا إن الحمى القلاعية نوع من الفيروسات ولكنها تموت بمجرد دخولها للأحماض في معدة الإنسان، ولكن ذلك لا يعني التهاون معها، مشيرا إلى أن خطر التعامل المباشر مع الحيوانات المريضة من قبل الإنسان قد يكون قليل ولكنه موجود حيث يمكن أن ينتقل للإنسان الضعيف المناعة أو صاحب الأمراض المزمنة وتسبب له أمراض خطيرة، وبالتالي يجب أخذ الحيطة والحذر من ذلك.
وأشار الطراونة إلى أن انتقال هذا الفيروس إلى الإنسان قد يكون ضعيفا ولكنه خطرا قائما في ظل التهاون في التعامل وعدم أخذ الإجراءات الاحترازية مثل غسل الأيدي وارتداء الكمامة، مشددا على ضرورة التعاون والتشاور بين السلطات الأردنية وغيرها من البلدان المجاورة من أجل الاطلاع على التجارب الأخرى ومعرفة طبيعة هذا الفيروس ونوعه الذي انتشر في الحيوانات وبشكل سريع.
وطالب الطراونة الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة وأصحاب الأمراض المزمنة بأن لا يتعرضون للتعامل المباشر مع الحيوانات وخصوصا المصابة بالحمى القلاعية، مؤكدا أنه إذا كان نقل فيروس الحمى القلاعية للإنسان ضعيفا ولكن الفيروسات حاليا وخصوصا في فصل الشتاء يصعب السيطرة عليها أو تحليلها بشكل دقيق.
التنسيق العربي واجب
على الصعيد النقابي، أعرب نائب نقيب الأطباء البيطريين الأردنيين الدكتور غضنفر أبو زنيد، عن اعتقاده أن الأمور بات تدخل في مرحلة جديدة من منطلق السيطرة على انتشار الفيروس، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة تقوم بجهد مثمر في هذا الاتجاه وقدمت مجموعة من الإجراءات كتسهيل استيراد اللقاح من الدول التي ظهر فيها النوع الجديد من الفيروس وباتت النتائج مبشرة لدى بعض المزارع.
وأضاف أبو زنيد، في تصريح لـ/أ ش أ/، أن الأمور تتغير من يوم ليوم ومن ساعة إلى ساعة وإن كانت النتائج تشير إلى تحسن الوضع مع بدء استخدام اللقاحات في بعض المزارع، مع تأكيد وزارة الزراعة بأن التطعيم سيبدأ /الأحد/ وبالتالي نأمل أن يتحسن الوضع، مؤكدا أن النقابة ومنذ اليوم الأول أعطت الوزارة خطة من أجل المواجهة وبدأت بالفعل تنفيذها للحد من انتشار الفيروس.
وعن تشابه فيروس الحمى القلاعية في الحيوانات في كافة البلدان، قال نائب نقيب الأطباء البيطريين الأردنيين إن كل دولة لها ظروفها المناخية وبالتالي تختلف طبيعة الفيروس من بلد إلى أخرى، مؤكدا أن المرض قد يكون واحدا لدى الجميع ولكن طبيعة الفيروس تختلف من منطقة لمنطقة حسب عدة ظروفها ومنها المناخية.
وحول التنسيق العربي لمواجهة مثل هذه الفيروسات لإنقاذ الثروة الحيوانية العربية، أوضح الدكتور غضنفر أبو زنيد أن وزارات الزراعة على المستوى العربي لديهم بالفعل تنسيق وتشاور فيما يخص قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، مشيرا إلى أن هناك أيضا اتحاد الأطباء البيطريين العرب وبات التنسيق والتشاور حتميا.
وشدد أبو زنيد على ضرورة أن يتواصل الأطباء البيطريين العرب عبر النقابات والاتحاد من أجل وضع استراتيجية واضحة لمواجهة الفيروسات ووضع طرق للحفاظ على الثروة الحيوانية العربية، مؤكدا أن انتشار الحمى القلاعية في عدد من البلدان العربية يستوجب اليوم قبل الغد التشاور والتنسيق العربي العربي وهو ما سنسعى إليه كنقابة أردنية في المرحلة المقبلة.
ويقول أصحاب المزارع إن الوضع الحالي خطير، حيث أن حالات النفوق في تزايد مستمر ومتسارع، مؤكدين أن قطاع الثروة الحيوانية يعيش حاليا كارثة حقيقية والخسائر كبيرة بسبب نفوق الأبقار، فيما تنخفض إنتاجية الحليب والخسائر المالية بالملايين.