مقالاتمنوعات

لو حكينا يا قطر من أين نبتدي الحكاية بقلم : إسحاق الحارثي

ما إن تطأ قدماك أراضي دولة قطر عبر المطارات وأنت قادم جواً أو تصل عبر المنافذ البرية يستقبلك القطريون برحابة صدر وابتسامة لا تفارق محياهم السمح وفي غضون دقائق معدودة تُنهي أجراءات دخولك للبلد دون أن تشعر أو تتذمر برغم الحشود الجماهيرية التي تصل عبر تلك المنافذ إلا أن الإجراءات سلسة ومريحة وميسرة لا تتطلب منك سوى بطاقة هيا وإثبات الهوية، ماذا نقول وماذا نترك دولة قطر تُدخل السعادة على العالم.

*مشاهد من المطار*
من هنا تبدأ الحكاية حيث كل من يصل لدولة قطر ينتشي بتلك السعادة، هناك مشجع مكسيكي يُلبس قبعته التقليدية (السمبريرو) لمشجع عماني بزيه التقليدي لالتقاط صورة تذكارية (سلفي) وهناك مشجع برازيلي آخر يتبادل قميص منتخب بلاده مع مشجع من اليابان وفي زاوية أخرى من زوايا المطار التي تعج بالمسافرين القادمين لدولة قطر تجد مشجعاً أرجنتينياً يرتدي الغترة والعقال فوق لبسه التقليدي البنطلون والقميص ومشجة كورية أخرى ترتدي الشيلة والحجاب ناهيك عن تقليعات باقي الجماهير التي تعبر عن رموز حضاراتها وثقافاتها.

*الكتاب يُقرأ من عنوانه*
كل ما شاهدناه ورأيناه بأم أعيننا في المطار من حسن استقبال ومن إجراءات دخول ومن كافة التجهيزات والخدمات التي تستقبلك منذ الوهلة الأولى تعطيك انطباعاً بأن كل شيء يسير وفق ماهو مخطط له مسبقاً حيث تتسابق شركات الاتصال داخل قاعات المطار بتقديم هدية الوصول لكل القادمين لدولة قطر متمثلة في شريحة الاتصالات مزودة بباقة الأنترنت المجانية بمجرد مسحة على بطاقة هيا الخاصة بكل زائر إيماناً من أن العالم اليوم أصبح لا يستغني عن خدمة الاتصال والتواصل بمختلف برامجه وهذه في حد ذاتها اليوم خدمة إنسانية قبل أن تكون ترويجية أو تجارية فمن منا اليوم يستطيع العيش بدون هاتفه الذكي النقال الذي أصبح من أولويات الحياة التقنية المتسارعة.

*ميترو ذيس ويي*
من المفردات التي سوف لن ينساها جميع من حضر لدولة قطر لمتابعة مباريات كأس العالم قطر ٢٠٢٢، هذه المفردة المبتكرة والحديثة والتي أصبحت علامة يرددها مرشدو محطات الميترو ومن خلفهم يتفاعل معها جميع مستخدمي الميترو في جميع المواقع وبصورة محببة استطاعت أن تضفي السعادة وتضيف الابتسامة وسط الحشود الكبيرة من الجماهير التي تنتظر أن تصل لمبنى محطات الميترو المنتشرة في جميع مناطق دولة قطر وتُغطي جميع ملاعب البطولة مجاناً لكل حاملي بطاقة هيا، لك أن تتخيل أن ما يقارب من ٨٠٠ ألف راكب يومياً يستخدم هذه الوسيلة الناجعة في التنقل داخل قطر. كم هو كبير هذا الرقم الذي بدون شك يحتاج إلى جهد كبير فكل الشكر والتقدير لإدارة الحشود بريل قطر على هذه الجهود الجبارة لتأمين تنقل الجميع عبر خطوطها ومحطاتها بأمن وسلام وسلاسة.

*نسخة استثنائية لن تتكرر*
لم يكن جياني أنفانيتو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الوحيد الذي تمكن من حضور ٤ مباريات في يوم واحد بل هناك الكثير من الجماهير ومن محبي الدخول لموسوعة جينيس من خلال تحطيم رقم أكثر حضوراً لمباريات كأس العالم قطر ٢٠٢٢، إذ أن مسافات الملاعب الثمانية التي تقام عليها المباريات وقربها من بعضها البعض تتيح لمن أراد ذلك من حضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد دون تكبد عنا السفر ودفع تكاليف إضافية من حيث التنقل والإقامة والجهد والوقت.

*الدعم اللوجستي*
وفرت دولة قطر دعماً لوجستياً لا يضاهى ولا يقارن من حيث العدة والعتاد والكادر البشري حيث لم تترك دولة قطر لا شاردة ولا واردة في هذا الجانب حرصاً منها في إنجاح هذه البطولة على كل الأصعدة والجوانب فبخلاف اعتدال الطقس في هذه الأشهر بمنطقة الخليج العربية إلا أن جميع ملاعب البطولة مزودة بتكييف مركزي وحين يتنقل اللاعب للعب من ملعب لأخر لا يشعر بتغيير في درجات الحرارة عكس ما كانت عليه بعض البطولات السابقة التي كان يعاني منها اللاعبون في التنقل والسفر والتأقلم مع الطقس ودرجات الحرارة المتباينة بين مدينة وأخرى.
هنا في قطر التعب غير موجود لدى اللاعبين وكل المنتخبات تشعر براحة تامة من حيث المسكن والمأكل كذلك بالنسبة للجماهير الحاضرة لمؤازرة منتخباتها دخولهم للملاعب منظم ومريح مع توفر كل الامكانيات داخل الملاعب التي يحتاجها المشجع ناهيك عن جاهزية البنا التحتية من أماكن إقامة و معيشة واتصالات وتنقل بواسطة الميترو والباصات والترام وسيارات الأجرة.

*المراكز الإعلامية*
حضور إعلامي كبير لم يسبق له مثيل في النسخ الماضية وهذا دليل على حرص اللجنة المنظمة لإيصال كل ما يخص هذه البطولة إعلامياً لجميع أنحاء دول العالم من حيث وجود ووفرة المراكز الإعلامية المتوزعة في أماكن عديدة وتوفير كل ما تحتاجه وسائل الإعلام والإعلاميون والصحفيون لتغطية هذا الحدث الرياضي العالمي الدولي الكبير فقد سخرت دولة قطر مشكورة كل الامكانيات وراهنت على أن تكون هذه النسخة استثنائية بل أقوى نسخة من بطولات كأس العالم في كافة الجوانب وهذا ليس بغريب على دولة قطر وأجهزتها الإعلامية فقد فاقت توقعات الإعلاميين في أقوى تغطية إعلامية على الإطلاق بكل ما تحمله الكلمة.

*حضور جماهيري خيالي*
لا مكان لموطئ قدم سواء في الملاعب أو خارج ساحات الملاعب أو في مناطق الجماهير أو في أماكن الفعاليات المختلفة الكثيرة المتنوعة في مختلف الإماكن أو في المجمعات التجارية أو المطاعم، بالفعل من أطلق على هذه البطولة نسخة استثنائية لم يطلق عليها هذه التسمية من فراغ فجميع مباريات البطولة الحضور يفوق الطاقة الاستيعابية للملعب وهذا دليل على نجاح البطولة رغم مغادرة منتخب البلد المنظم إلا أن حشود الجماهير العربية عوضت هذا الخروج وخالفت قاعدة غياب الجماهير عن المدرجات في حالة خروج منتخب البلد المستضيف والمنظم من المنافسة بل يذهب البعض أحياناً إلى عدم نجاح البطولة بعد خروج جماهيرها وهذا ما يعكس ذلك في هذه البطولة وهذا ليس فقط في الملاعب بل في باقي الأماكن التي من الصعب أن تجد لك فيها مكاناً إن لم تكن حضرت قبل المباراة بساعات وأخذت موقعك ومكانك وإلا سوف تتابع المباراة واقفاً على قدميك حالك حال الألوف من الجماهير الواقفة خلفك.

*القطريون أهل كرم ودار مضياف*
ليس بغريب على أبناء دولة قطر و كل مقيم فيها هذه الخصال الحميدة التي أمر بها الإسلام وعكسها القطريون لجميع من يزور دولة قطر ليس فقط أثناء هذه البطولة بل التاريخ يشهد بذلك على مر السنين، وما تعيشه دولة قطر هذه الفترة فهو احتفاء واحتفال القطريين بقدوم مختلف الأجناس والأطياف لدولة قطر وما يقوم به المواطن يعكس مدى الكرم العربي الحاتمي الأصيل من خلال الاستقبال والضيافة والترحيب بالجميع في مجالسهم وبيوتهم أو العابرين للملاعب من خلال التسابق في خدمتهم وتقديم الضيافة لهم ومشاركتهم الفرحة بهذا الحدث.
*بلد عظيم وشعب كريم.*

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى