“غير قابلة للكسر!” بقلم: أميمة عبدالعزيز زاهد
متى تدرك أيها الرجل أنَّني أمثل لك أصل العطاء.. ولدي من القدرات ما ترفض الاعتراف بها، فأرجو أن تستوعب كل ما أقوله، فأنا لن أكون نسخة لما تريده، ولن أسجن نفسي داخل قيودك، ولن أكون في نظرك مجرد الأنثى الجميلة الساذجة، أو تمثالاً من الحلوى عندما تشعر بالجوع تلتهمني، ولن أكون كحبَّة الدواء تأخذني لحظة تعبك، ولن أمثل لك يومًا الصورة من دون صوت، ولن تنتحر أنوثتي بمجرد أن أطالب بحقوقي، فلا مساومة ولا تفاضل لديّ؛ لأنني سأحتفظ بالاثنين معًا، أنوثتي وحقوقي. ولن أحيا مع رجل يجبرني على أن أتخلى عن مطالبي، وإنسانيتي وأفكاري وأحلامي، ولا أرغب بأن أعيش مع رجل جاهل في مشاعره، يفتقد المنطق والقدرة على التعامل مع كياني وعقلي وقلبي، رجل يرفض ويخاف من إبداعي؛ ليجعلني أرى وأسير وأطمح في اتجاه واحد وحيز ضيق…
فأنت تريد أن تشكلني كيفما تشاء فلو أبديت رأيي ترفضه وتقوم بوأد أحلامي وتلغي أمنياتي، تريدني أسير كالريموت كونترول ينفذ الأوامر دون أي اعتراض، تحركني وتلهو بي بضغطة من إصبعك لتشاهد ما يحلو لك وقتما تريد، ولحظة مللك ترميني فأنا في نظرك غير قابلة للكسر أتحمل الكدمات، ومعي شهادة تأمين وضمان شامل لنهاية عمرك وليس عمري…
حتى في اليوم الذي تقرر فيه أن تمنحني حقوقي تهضمها فتعطيني حريَّة المشاركة وليس حريَّة التفكير، تسمح لي بالعمل وليس باتخاذ القرار، وأنا يا سيدي أريد أن ألغي من قاموسك كل التعبيرات التي صنعتها أنت، وتصورتها مخلوقة معي، فإذا ضحكت فأنا مستهترة، وإذا صمتُّ فنكديَّة، وإذا فكرت أكون متطاولة، وإذا تشاءمت أصبح كئيبة، ولو تفاءلت أكون واهمة، وإذا تكلمت فمسترجلة، ولو تفوقت فهي الصدفة، وإذا نجحت فمغرورة، ولو تزينت فمخادعة، وإذا توظفت فأطلب المساواة، ولو تفرغت فكسولة، ولو بحت بحبي فلا حياء عندي، وإذا كتمت مشاعري أكون معقدة، وإذا طاوعتك فشخصيتي سلبيَّة، وإذا خالفتك فأنانيَّة، ولو تزوجت فلأني خائفة، ولو لم أتزوج فأنا عانس، ولو طلقت فأنا السبب، ولو أنجبت فأنا كالأرانب، ولو لم أنجب فأنا عاقر…
ودائمًا ترسم لي لوحة رائعة، لكن دون ألوان واضحة، تدعي أنَّك تساهم في طموحاتي ثم تدوس على نجاحي. تمنحني القوة والحافز ثم تحطم طموحي، تعطيني الأمل ثم تقتله، توهمني بالسعادة ثم تخذلني، تهديني ما غلا ثمنه، وتحبسني داخل سجنك. يا سيدي كل ما أتمناه أن تفهم معنى الحب، وتتلمس مشاعري، وتشعرني بأنَّك تحتاجني لتكتمل رجولتك التي من دوني لا يمكن أن تكتمل، لا أريدك أن تحبسني في سجن انفرادي؛ لتتغزل بأنوثتي دون معرفة لقيمتي، فأطرافي يصيبها الخجل، وكياني يملؤه الحزن، وجسدي يتملكه التوتر، فلا تشعرني بأنَّ كل رصيدي لديك هو أنوثتي.