أدبيات

“ردهات المساء” بقلم: رمضان زيدان

أسدل الليل على الكون ستاراً
من تسربل السكون بالجوى
حينما أمسى بهياً كالندى
عذريّ في طهرٍ سما .. مترنما
سَحَرَ الليالي بالدجى
وعلى الحمى أرخى سدوله
فوق ساحات النما
وإلى الغيد الوثير قد اهتدى
خَلقاً وديعاً وربيعاً
بين ردهات المسا
شدواً أتى يُفضي حنيناً للورى
غامراً تلك الغصونَ بدفئه مترجّلا
بين الأماني والمعاني قد بدا
يحبو على زهر البراءة
سامياً فوق المدى
وأجاز صوتاً للخلائق غردا
لحناً شجياً عاطفياً ذو صدى
كي يناجي الخِل مرتقباً ذهوله
الغاسق الوئيد لا لم ينطوي
في غيهبٍ بل سرّجت عيناه
في ضياءٍ مبهرٍ يهفو عبيراً رائعاً
من عطره الفوّاح يبعث
روعة الإصباح في مضامين فضيلة
من كيانه ابتدى مشرقاً ونابضا
بالوجد قد أفضى شعورَ الصب
مناجياً وهج النجوم الساكنات
المجد في الملأ الرحيب تلاحماً
فوق الروابي بالعُلا لما دنا
عزفت لنا
ألحانها ترنيمةً
تلقى الرواء بروضة غنّاء
في أكاليل ظليلة
فيعانق الخدر الحنون
بوجهه المزدان نضرةً
وبأفرع البلسان قد تدثر الليل الوقار
ترقبه البرية في انبهارٍ في وداعة
كم غالب داجي الأمواج
ممتطياً شراعه
بعدما هجر المَخادع رفعةً
فما استكان لدعةٍ
بين الخوالف
قد غدا عند الخميلة
تلقى لديه من الصبابة لوعةً
تدفع الإحساس في قمم الذرى
من قلبها الذي بعث السنا
بين الربوع مداعباً وجه الربيع
بأيكةٍ عكست لنا أوتارها
صوت العذوبة
يشدو لها الطير الوديع
تشبباً من مشاعره التي
تملّكت صبّاً أصابه
مرت الأيام
ترقب في العيون السابحات
بليلها العطوف سُكْنها
مسبحاتٍ في الوجود ربها
من ضميرها . كيانها
توجّهت إليه دلها عليه
قدرةٌ من حولها
في شروح نفسها
بالفطرة السمحاء تعرَفتْ دليله
وليلنا من نبعه الأمانُ يُستقى
ويرتمي في حضنه من جاء يلتمس
الخوالي في ظلالٍ حول مصباحٍ
تغشّاهُ السوادُ قد حوى
في طويته الكثير
عن ما روى وسرده المثير
متلهفون . مُقبلون على الرؤى
في حكاياتٍ روتها
فوق صخرٍ سطّرتها
في دروبٍ بالخُطى عبر السنين
على جبينٍ ناصعٍ
ومضٌ أتى شغفاً ولوعاً
كي يعانق في سكونٍ لم تعي الأرضُ مثيله
في سماء الليل عرجون جديد
قد بدا مثل الجنين
بين أحضان السماء
أمه الرحوم
قد تنسّم من كونها طلّةً
على وجه الحياة
يقتات الجمال من بهائها
والكبرياء في عليائه
والى المجد يسير
رويداً . رويدا
من بعدها يصير بدرا
بالأعالي كي ينير لكل ساري
دربه بين الأزقة والفيافي
واستدار بازغاً
هكذا يعود
لتزدهي الوديان حُلّتها
وثوبها النضير في شعابها الرحيبة
يحدوها السكون والسكينة
كواكبٍ . مواكبٍ مهيبة
يعدو لها على متن الشموخ
وفي عباءته الوثيرة
بينما نستلهم المناقبَ
التي جئنا إليها نستدر شوقنا
المنقوش في عراقتها سطوره
فتمتطي أحلامنا فوق أجنحة البساط
حينها تزهو القلوب بهجة
وتدفع الوثوب نفرة
تُحي في سرائرنا فصوله
في رحاب الليل
عاشت بداخلنا الإرادة
التي قد ألهمتنا وِجْهَةً
نحو السمو لنبعها
وصفائها وخلودها
تُعلي تكاتفنا . تفرّدنا
وتطرد في نوازعنا الدخيلة
الليل ما في الليل
من فكرٍ لذي عقلٍ حصيف ثاقبٍ
هو لا يطل جهامةً
بل رقة الوجه البريء بربوةٍ
عند التقاء هَدْأة الروع التي
بحضرة الوجود في رحابه الفسيح
ينتشي بنفحةٍ نديّةٍ تُبرئ
الأسقام في القلب الجريح
من ظله الممدود في رحم البراءة
يعتلي هاماً على الوجه الصبوح
في جلاله
قد عانقته بأرضها شمسٌ حنونة
عيناي في دأبٍ تَضْرَعُ ثم تدمع
ثم تخشع ثم ترمق نظراً تُطيله
في حُسن جمالٍ يتغنّى
يهواه الناي يغرّده بين الألوان
فيظل بالأفق السامي
للنجم الساطع عنوان
تتقاطر حبات اللؤلؤ
من فوق فروع الأشجار
تتقاطر من غير ضجيج نسمعه
من غير شِجَار
عانقنا الليل بسلوانٍ
يبعث من عذب تراتيله
في رؤاه مساءٌ يأسرنا نغدو لمناه
يقرّبنا من كل طريقٍ
تتآلف بالداجي الحاني معناه
أسرابٌ تسبق وتطير لأيكتها
تغزل أفراح عرائسها
والقمر يطالع بهجتها
ويقبّل حباً وجنتها
يقترب مخاضٌ للفجرِ
ليزف علينا بشراه
ويبشر بالنور الغادي
من رحم الظلمة مسعاه
يستلهم في شعاعٍ بادي للدنيا
من وهج ضحاه
لأراه على قممٍ عُليا يرتاد سبيله
…..
[email protected]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى