مقالات

“القانون ومقدرات الوطن” بقلم: د. أحمد بن صالح البرواني

جميعنا يعلم أن القانون لخدمة الشعب ولخدمة الوطن ومن عليه، وهذا الأمر احرص دائما على ابرازه في اي لقاء خاصة مع دارسي القانون، وبلا شك أن جميعنا يعلم أن ما وهبه الله لهذا الوطن وما أنجزه الأباء والأجداد وما سطره أبناء هذا الوطن جيلاً بعد جيل هو مقدر من مقدرات الوطن، يستوي في ذلك أن يكون هذا المقدر مبلغ من المال أو ما يقدر بالمال أو آداب وعلوم ومعارف أو حصون وقلاع وأماكن تراثيه أو صناعات تقليديه أو أزياء أو غير ذلك.

ومما يكاد يتفق عليه أهل المشرق والمغرب هو أن أهل عمان أهل خلق عظيم يؤكد ذلك ما روي عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “لو ان اهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك”.

كما أن حكام وقضاة وولاة الأمر في عمان اشتهر عنهم العدل والورع، كما اشتهر علماؤنا بالنصح لله ولرسوله وبأنهم لا يخافون في الله لومة لائم، وعرف عن الجندي العماني البسالة والشجاعة والإقدام، ولا يسعني المقام لأن أعدد فضائل عمان وأهلها مكتفيا بأنهم اطاعوا الله ورسوله وسلموا أمرهم لله وأسلموا مع رسول الله لرب العالمين طائعين مختارين.

ومع كل ما بناه أبناء عمان من ثوابت وطنيه نجد أن البعض منا يستهين بتلك الثوابت وهو أمر عظيم لكونه يستهدف مقدرات الوطن فيفت عضد الدوله ويهدم البناء ويهدر المال العام ويفسد الذمم والأخلاق، ولعل اهم أمر أبلتينا به هو الفهم الخاطئ لإقرار  الحصانة، وهو ما جر علينا من التعدي على مقدرات الوطن الشئ العظيم.

فالقاضي يظن أنه لا سلطان عليه وينسى أن الله مطلع عليه وأن هناك قاضيان في النار وقاض في الجنه، وهناك من وكل إليه أمر من أمور المسلمين وظن بما اعطي من سلطات وإمكانيات انه لا يقدر عليه أحد، ونسي ان الله هو القادر المقتدر، وهناك الاعلامي الذي ظن انه يستطيع أن يقول ويفعل ما يمليه عليه هواه فأخبر وحدد واذاع وأفسد، وعضو المجلس الذي يظن ان له حصانة تقيه وتمنعه من أي مسؤولية فهدد وتوعد، وما ذكرته إنما هو لضرب الأمثال للناس وليس ذكرا لحقائق فأنا قاصر عن الاطلاع على ذلك لقصر باعي ولأن شعب عمان شعب يمتثل أمر الله باطاعة اوامره واحتناب نواهيه.

ونظرًا لضرورة الحصانة ولما بجره الفهم الخاطئ لها من مساؤي، فإن المشرع العماني كان بالمرصاد لكل من تسول له نفسه ان يستغل الحصانة المقررة له، فنظم الحصانة بموجب المرسوم السلطاني رقم ٣/٢٠١٤ الصادر في ٩ يناير ٢٠١٤م، حيث عرفها في المادة الأولى بأنها: “مجموعة الضمانات والامتيازات المقررة لبعض موظفي الدولة وأعضاء المجالس المنتخبين والمعينين، بصفاتهم لا بأشخاصهم”

وحدد المشرع أن الغرض من إقرار ها يتمثل في تمكين من قررت لهم من القيام بواجبات وظائفهم أو أداء الخدمة العامة الموكولة إليهم.
وشدد على أن الحصانة ليست امتيازًا شخصيًا بقصد إعفاء من قررت له من المسؤولية دون مسوغ.

وفي المادة الثانية قصر المشرع نطاق الحصانة  على ما يصدر عن من قررت له من أقوال وأفعال بسبب أو بمناسبة اختصاصاتهم، وفي الحدود المقررة لها مكانيا وزمانيا ووظيفيًا. وحظر المشرع في المادة الثالثة إساءة استغلال الحصانة او استغلالها في غير الأغراض المقررة لها.

ومن خلال ذلك يتضح أن القانون فوق الجميع وأنه سيتم تطبيقه على الجميع وانه لا حصانة لأي أحد تمنع عنه تطبيق القانون، وهذا الأمر منشأه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ولذا فالامانة والإخلاص والحرص على تحقيق الصالح العام والحفاظ على مقدرات الدولة هو نهج إسلامي، طبقه أبناء عمان بكافة اطيافهم فكلهم راع ومسؤول عن رعيته، في أعلى المراتب وفي أدناها.

وفي الختام أدعوا الجميع إلى بذل الجهد في الحفاظ على مقدرات سلطتنا الأبية من خلال دراسة القوانين والأنظمه وفهمها وتطبيقها بما يمليه عليهم واجب الأمانة والإخلاص وبروح القانون تطبيقا يكفل إقامة العدل والحفاظ على الأمن والأمان وبما يحقق تطلعات الشعب العماني للعيش الهاني السعيد في أمن وأمان وعزة ورفعة وسؤدد، حفظ الله عمان عالية أبية وغفر لأعز الرجال وأنقاهم وبارك للهيثم وبارك فيه وسدد على دروب الخير خطاه ورزقه الخير والبطانة الصالحة.

مكتب د.أحمد بن صالح البرواني للمحاماة والاستشارات القانونية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى