“تتسع دائرة القانون عندما تضيق دائرة الأخلاق” بقلم : ظافر بن عبدالله الحارثي
علم القانون يندرج ضمن العلوم الإنسانية التي لا يتصور وجودها دون وجود المجتمع، فتدخل القواعد القانونية حياة الأفراد لتنظمها وتضمن حماية حقوقهم والوفاء بإلتزاماتهم وواجباتهم، كما تحرص على تقويم سلوكياتهم؛ لذى بداهةً لا نرى أمرًا من أمور الحياة إلا وله تشريعًا يحرص سيره على أكمل وجه لتحقيق التعايش والاستقرار والأمن، إلا أن القانون وحده لا يستطيع تحقيق ذلك، فلابد أن يقابله مبادرة ونشاط من الأفراد ولعل اقتران القاعدة القانونية بالجزاء والعقاب ما إلا ضمانة رادعة وزاجرة لكل من تسول له نفسه مخالفتها رغم أنها وجدت من أجلنا وليس لإرهابنا وقمعنا.
لكل قاعدة استثناء، ولعل الإستثناء هنا هو القانون!؛ أما الأصل هو سيادة الأخلاق على تصرفات البشر، لنرى الانصياع طوعي فيما يخص بعدم التعدي على الأخرين وعدم إيذائهم أو سرقتهم وغيرها من الأنشطة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الشخص الآخر، وذلك على اعتبار أن الإنسان يولد على الفطرة السليمة السوية وعلى القيم الإنسانية، الدينية الإسلامية حيث يعد هذا مرحلة سامية تعرف في المعجم القانوني بقواعد الأخلاق.
وجود القانون يرتبط بمدى احتياجنا له؛ يتطور ويتحدث ليواكبنا، يتسع ويتفرع ليشمل تصرفاتنا، يتوقف وينلغي مع رغبتنا؛ ولعل أبرز مثال تلك الأعراف والعادات التي هيمنت على بعض المجتمعات وألغت قوانينها المكتوبة، بحجة عدم حاجتهم إليه.
ولكن ما نراه في واقعنا يخالف الافتراض ومع وجود العلوم المساعدة لعلم القانون نكتشف بأن الظروف التي يعيش فيها الإنسان تعد من أكثر الأسباب التي تحيده عن الصراط المستقيم لتخلق منه مجرمًا؛ بالإضافة لدوافع عديدة بدأت بنواة صغيرة تجاهلناها ففاجأتنا؛ لتضيق بعدها دائرة الأخلاق ثم تحل محلها دائرة القانون لسد فجوات الفساد؛ كل ذلك يزيل الغموض ويعّرفنا بالطريقين وآثارهما ومسبباتهما فماذا سنختار!؟