للدكتورة / موزة السليمانية ــ مديرة دائرة أمراض النساء والولادة بالمستشفى السلطاني
تأتي صحة المرأة الحامل ضمن أولويات الرعاية الصحية منذ بدایة عصر النهضة ، ویتجلى هذا الإهتمام في عدد البرامج الكمیة على رأسها برنامج رعاية الأمومة والطفولة الذي انعكس إیجابًا وبصورة جلیّة على النتائج التي تحققت على مدى الأربعين عامًا الماضیة. فقد تم مراعاة توفير الرعاية الصحية والعلاجية لتُلبي الإحتیاجات الصحیة المتنوعة في مختلف مراحل الحیاة للمرأة بدءًا بمرحلة الطفولة ثم المراهقة، فمرحلة الإنجاب، ومن ثم ما بعد مرحلة الإنجاب التي حددت في مرتكزات «السیاسة الصحیة للمرأة في عمان».
وفي ظل انتشار وباء (كوفيد-١٩) فإن متابعة المرأة الحامل وطفلها من الخدمات الصحية التي استمرت المؤسسات الصحية في تقديمها تجنبًا لأي مضاعفات قد تنتج من عدم المتابعة.
إن النساء الحوامل هُنَّ أيضًا معرضات للإصابة بفيروس (SARS cov2) كأي فرد من أفراد المجتمع . وللتعرف على تأثير الفيروس على النساء الحوامل وأجنتهن أوضحت الدكتورة موزة بنت عبد الله بن راشد السليمانية مديرة دائرة أمراض النساء والولادة بالمستشفى السلطاني في حديث معها أن احتمالية إصابة المرأة الحامل بفيروس كورونا تتساوى مع احتمالية إصابة باقي أفراد المجتمع، ولكن التغيرات الفسيولوجية وخاصة على جهاز المناعة التي تطرأ على جسم الحامل قد تؤثر على قدرة جسمها في مقاومة عدوى الفيروسات بشكل عام، ويعود سبب نقص المناعة لدى الحامل إلى محاولة الجسم التأقلم وتقبل وجود الجنين داخل أحشائها، ومـــن المتوقـــع أن تعاني الحامل مـــن أعـــراض خفيفـــة لمتوســـطة، ولكن بسبب زيادة حجم الرحم في الأشهر الأخيرة الذي يسبب ضغطًا على منطقة الصدر والرئتين، فإن ذلك قد يؤثر على مدى تفاعل الجسم إذا حدث إلتهاب في الرئة.
وقالت : مع تزايد ارتفاع الإصابات في المجتمع ، تتزايد الإصابات في النساء الحوامل ، ومعظم الإصابات بكوفيد-١٩ في حالات الحوامل التي تم تنويمها إصابات متوسطة ولم تسجل إصابة في المواليد حتى الآن ، ومعظم الإصابات بكوفيد-١٩ التي تم تنويمها في المستشفى السلطاني من ذوات الحمل متعدد المخاطر ، ومعظم الإصابات تم فيها انتقال العدوى من الزوج أو أحد أفراد الأسرة ، و المشكلة بالنسبة للإصابة في الحوامل تكمن في تأثير تدهور صحة الأم وحصول المضاعفات يكون على الأم والجنين.
وقد وصل عدد الحالات المنومة إجمالاً منذ بداية الجائحة إلى ٧٠ حالة (حتى وقت كتابة هذا اللقاء) منها تسع حالات دخلت العناية المركزة.
وأضافت السليمانية : من القصص المُؤسفة كان هناك ثلاث حالات حرجة تم إجراء ولادة مبكرة لهن ، لتحسين استجابتهن للعلاج ، وحالة من الحالات كانت قبل ٢٤ أسبوعًا من الحمل (الشهر السادس) وتوفي المولود ، وحالتان منها بعد ٢٨ أسبوعًا (الشهر السابع) وتم ادخال المواليد الخدج للعناية.
وحول الآثار الناجمة عن زيادة إصابة النساء الحوامل بكوفيد قالت : يترتب على زيادة الحالات الأمهات ضغطًا على الأسرة في المستشفى وعلى الطاقم الطبي ، كما أن ازدياد الحالات صاحبه اعادة هيكلة العمل في القسم وتأجيل بعض العمليات والمواعيد. وبعض الحالات التي تم تأجيل عملياتها حصلت لها مضاعفات من التأجيل وتم إجراء عملياتها بعد حضورها للمستشفى كحالات طارئة.
كما أن وجود إصابات بين أفراد الطاقم الطبي يسبب ضغطًا متزايدًا ، إلا أن العمل في القسم استمر ولم يتم إغلاق أي وحدة في الدائرة لأن متابعة الحوامل إحدى الخدمات الأساسية التي لا يمكن تأجيلها أو وقف العمل في الدائرة بسبب تفشي العدوى.
وأضافت : ومن التحديات التي تواجهنا للأسف امتناع بعض الحوامل عن اخبار الطاقم الطبي إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا، حيث يتم لاحقا اكتشاف ذلك بعد تنويم المريضة واختلاطها بالمرضى والطاقم الطبي إذ تظهر عليها الأعراض وتكون النتيجة إجابية . لذلك نحث جميع المراجعات على اخبار الطاقم الطبي إذا كان أحد أفراد الأسرة مُصابًا أو إذا كانت المريضة نفسها مصابة أو عندها أعراض كوفيد، وذلك حرصًا على سلامتها أولا ، وثانيًا تجنبًا لنقل العدوى للأخرين.
* الإجراءات الإحترازية للمرأة الحامل :
نوّهت الوزارة إلى أهمية اتباع الإجراءات الوقائية لحماية المرأة وتقليل فرص تعرضها وإصابتها بفيروس كورونا المستجد باعتباره من الفيروسات الجديدة، وما زالت الدراسات العلمية حول تأثيره على صحة المرأة والطفل قليلة، فلا يمكن الإستهانة بالأخطار التي قد تتعرض لها الحامل خاصة وجنينها عامة، ونصحت الوزارة المرأة الحامل بالإستمرار في المتابعة الدورية بالمؤسسات الصحية ، حيث تم توفير كافة السبل الكفيلة بحمايتها أثناء زيارة المؤسسة، والعمل على تكثيف الوعي المجتمعي للمرأة في الإجراءات المتبعة للوقاية، واتباع التعليمات الوقائية لتجنب الإصابة بالفيروس والتي تشمل التباعد الاجتماعي وذلك بترك مسافة بينها وبين الآخرين وعدم مخالطة المصابين أو المشتبه بإصابتهم، والمداومة على غسل اليدين بالماء والصابون عند ملامسة الأسطح وعند العناية بالطفل خاصة تغيير الحفاظ والإبتعاد عن الأماكن المزدحمة.
في حالة إصابة المرأة الحامل بأي من الأعراض التالية: الحمى، السعال، ألم في الحلق أو إسهال، فإن عليها مراجعة أقرب مؤسسة صحية لإجراء الفحوصات اللازمة. كما أن عليها تناول الأكل الصحي والإبتعاد عن الضغوطات النفسية.
الجدير بالذكر أن خدمة الزيارات الدورية لعيادة الحامل مازالت مستمرة حتى تطمئن الحامل على صحتها وصحة الجنين، وكذلك عليها مراجعة المؤسسة الصحية عند ظهور الأعراض المنذرة بالخطر، ولقد تم اتخاذ عدد من الإجراءات لتسهيل وتسريع زيارة المرأة الحوامل لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية لتقليل مدة بقائهن داخل المؤسسة.
*دليل الإرشاد الوطني :
وعن الإجراءات الصحية والعلاجية في حالة إصابة الحامل: تم إصدار دليل إرشادي وطني بالتعاون مع المستشفى السلطاني للتعامل مع الحوامل المصابات، وإذا تم تشخيص المرأة الحامل بالإصابة بفيروس كورونا المستجد فإنه سيتم متابعتها من قبل فريق مختص، كمراقبة حالتها الصحية ، وسيتم تزويدها برقم للإتصال قبل الحضور للمؤسسة الصحية. وستخضع للعزل المنزلي أو المؤسسي وفقًا لحالتها الصحية والاجتماعية. وإن كانت تعتني بأطفال صغار في حاجة لرعايتها فيجب أن تسند ذلك لأي من أفراد العائلة الأصحاء. وإن كانت تخضع للعزل المنزلي فلا بد من اتباع التعليمات الوقائية لتجنب نقل العدوى بين أفراد عائلتها.
كما أن على المرأة المصابة المتابعة في عيادة النساء والولادة لذا لا بد من الإنتظام بحضور مواعيد الزيارات بعد أن تتصل بالمؤسسة للتنسيق باستقبالها في العيادة وعدم مخالطتها لباقي المراجعات في العيادة. وكذلك أيضًا يجب أن تتصل قبل الحضور إلى المؤسسة الصحية في حالة تعرضت لمضاعفات الحمل (صداع شديد، تشويش في الرؤية، تورم في الجسم، نزيف مهبلي) أو عند حدوث آلام الولادة، كما ننصح أن تتوجه للولادة بالمستشفيات المرجعية في المحافظة التابعة لها.
*جهود مكثفه :
و مع الإنتشار السريع للفيروس وازدحام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالمستجدات حول عدد الإصابات والوفيات المحلية والعالمية فقد يصاب الفرد منا بالقلق وزيادة التفكير، ولأن المرأة مسؤولة بشكل كبير عن رعاية أسرتها فهي قد تكون في حاجة للدعم وتخفيف الضغوطات النفسية التي تؤثر على تغذيتها، وأيضًا تجعلها أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات أثناء الحمل، لذا فقد تم الإهتمام بتقديم خدمات الدعم النفسي للأشخاص الذين يعانون من القلق المصاحب لهذه الجائحة. ويمكن التواصل عبر أرقام الخط الساخن التابع لمستشفى المسرة 24873760، كما يمكن التواصل على الخط الساخن التابع لحملة “نحن معك” والمتوفرة على حساب التواصل الاجتماعي لعيادة همسات السكون @serenitymuscat أوالتواصل عبر رقم الهاتف 99359779 . وخدمة الرد على الإستفسارات الصحية من خلال وجود ممرضة في مركز الإتصال التابع لوزارة الصحة.
*انتقال الفيروس للجنين :
وعن مدى صحة انتقال الفيروس في حالة الإصابة إلى الجنين ، يعد فيروس كورونا فيروسًا مستجدًا، حاليًا، لذا لا توجد معلومات كافية عن مدى إمكانية إنتقال وتأثير إصابة المرأة الحامل بفيروس كورونا على الجنين، و في إحدى الدول التي رصد فيها إنتشار الوباء سجلت حالتان لحديثي الولادة لأمهات مصابات وجد لديهما أجسام مضادة للفيروس، ولكن الدراسات السابقة على النساء الحوامل اللاتي تعرضن للإصابة بفيروس سارس والذي يعد من نفس فصيلة الفيروسات التي ينتمي إليها فيروس كورونا بينت أن إصابة المرأة الحامل لا تزيد من خطر حدوث الإجهاض.
وفي جمهورية الصين رصدت ولادات مبكرة لدى بعض النساء الحوامل المصابات بفيروس كورونا المستجد ، ولكن من غير الواضح فيما إذا كان الفيروس هو المسبب الرئيسي للمخاض والولادة المبكرة، أو أن الولادة حدثت لأسباب أخرى.