الصحةمقالات

“النوم معّلم الأطفال” بقلم: د. يونس بن إبراهيم البلوشي استشاري طب أطفال وأمراض الجهاز التنفسي وطب نوم للأطفال

لا يختلف إثنان على أن للنوم فوائد جمة لصحة الإنسان ، والنوم ليس فقدانًا للوعي أو غيبوبة ، بل تغير لحالة الوعي ، بينت الدراسات والأبحاث أن الدماغ يقوم خلاله بأنشطة معينة مهمة للإنسان.
ما نريد أن نذكره ونوضحه في هذا المقال هو ما للنوم من تأثير على التعلم وإكتساب المعارف ، وتقوية الذاكرة عند الأطفال . لم تأت حاجة الطفل للنوم لساعات أكثر بكثير مقارنة بالإنسان البالغ عبثا ، فالطفل ودماغه يحتاجان للنوم من أجل النمو والتطور الجسدي والعقلي ، ونعلم يقينا بأن أكثر الفترات العمرية نموا وتطورا هي فترة الطفولة ؛ لذلك جاءت الحاجة للنوم الطويل عند الأطفال.
فكيف نربط بين النوم الكافي والتعليم أو اكتساب المعارف والمهارات ؟
لقد بينت الكثير من الدراسات على أن النوم الطويل يساعد الطفل على إنتاج واستخلاص المعرفة السريعة والفعّالة من المعارف الضمنية المكتسبة سابقًا ، كما بينت دراسة أخرى أن ذاكرة الأطفال وتذكرهم لما تعلموه خلال يومهم يكون أفضل  وأكثر فعالية إن حصلوا على القدر الكافي من النوم .
في المقابل أوضحت دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن الأطفال الذين يعانون من استيقاظ متكرر أثناء الليل لأسباب كالشخير والإختناق الليلي تأثر تحصيلهم الدراسي بشكل ملحوظ بالمقارنة مع أقرانهم ممن حصلوا على القسط الكافي من النوم.
فما السبب وراء كل ذلك ؟ وكيف يستفيد الجسم من النوم للتعلم ؟
أكدت بعض الإختبارات التي أجريت على الأطفال خلال نومهم على حدوث متغيرات هامة في دماغ الطفل أثناء النوم ، مما يساعد على تثبيت ما تم تعلمه خلال اليوم ، وتقوية الذاكرة ، بالإضافة إلى تحسين حالة الدماغ، ومستوى جاهزيته للتعلم في اليوم التالي ، ومن الأمثلة على هذه الفحوصات ما بينه التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (   PET scan    ) حدوث عملية تحفيز العصبونات خلال النوم في مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة ، كما حسن النوم الدورة الدموية لهذه الخلايا.
أضف إلى ذلك ما يؤدي إليه النوم الكافي من تأثير على الصحة العامة ، وتوازن في وظائف الأعضاء ما من شأنه رفع جاهزية الجسم للتعلم والتركيز والإنتاج الفكري.
إن كان النوم الكافي بهذه الأهمية للأطفال ، فإن السهر أو الحرمان من النوم ، بل وحتى النوم الغير منتظم يؤدي بديهيًا إلى الكثير من الخلل في هذه المنظومة ، وبالتالي ظهور مشاكل صحية كثيرة ، فبالإضافة إلى الإرهاق وقلة التركيز يفقد الدماغ قدرته الطبيعية على إكتساب المهارات والمعارف بالشكل الصحيح والمطلوب.

ختامًا ، ننصح الآباء والأمهات بإتباع الآتي مع أبنائهم من أجل صحتهم الجسدية والعقلية :
-الحفاظ على عدد الساعات الكافية من النوم لأطفالهم من خلال توجه الطفل إلى السرير في نفس الساعة يوميًا ، والإستيقاظ في نفس الساعة يوميًا .
-تحديد ساعات الجلوس أمام التلفاز ، أو الأجهزة اللوحية ، والهواتف الذكية بما يتناسب مع ما توصي به المنظمات الصحية العالمية .
-الحفاظ على التغذية السليمة والتقليل من المواد المنبهة والسكريات في فترة المساء.
-توفير بيئة نوم هادئة وبعيدة عن الضجيج ، وذات إضاءة خافتة.

حفظ الله أطفالنا وأطفالكم ورزقهم الصحة والعافية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى