“المنتخب السعودي والتراجع المُخيف” بقلم خالد عمر حشوان
لاحظ العالم الرياضي بأكمله تراجع المنتخب السعودي لكرة القدم المُخيف والعديد من الانكسارات والنتائج السلبية في السنوات الأخيرة لهذا المنتخب الذي تسيَّد بطولة أمم آسيا لثلاث مرات أعوام 1984م و 1988م و 1996م ، وحقق أعلى تصنيف له في الفيفا عام 2004م في المركز الـ 21، كان هذا التراجع بسبب المستويات الباهتة الذي يقدمها المنتخب والنتائج غير المتوقعة في تاريخ المارد الأخضر رغم الدعم الحكومي غير المسبوق لرياضة كرة القدم مؤخراً، ومن أهم هذه النتائج الخسارة من المنتخب الأردني 2/1 في يونيو 2024م للمرة الأولى على الأراضي السعودية ثم التعادل مع المنتخب الاندونيسي بهدف لهدف في السعودية ضمن تصفيات كأس العالم 2026م وفوز اليابان للمرة الأولى على السعودية في أرضها 2/0 ثم فوز المنتخب الاندونيسي الأول والتاريخي على السعودية 2/0 الذي صعَّبَ من مهمة الأخضر في التصفيات التي كان مرشحاً لصدارتها مع المنتخب الياباني دون شك، ناهيك عن فوز المنتخب البحريني مؤخراً في دورة الخليج على السعودية بنتيجة كبيرة قوامها 3/2 ثم تقدُّم اليمن بهدفين في نفس البطولة قبل أن يتدارك اللاعبين الموقف ويحققون الفوز في الدقائق الأخيرة من المباراة، وينتزعون فوز صعب في الشوط الثاني من أمام العراق تأهل به المنتخب السعودي للدور الثاني متصدراً مجموعته بعد فوز اليمن على البحرين.
قرأت الكثير من الآراء والحلول والاقتراحات التي طرحها الكثير من المثقفين الرياضيين والزملاء وذوي الخبرة في هذا المجال ولن أتطرق لها كثيرا، لكن الأهم من ذلك هو أن نعلم جيدا أن الاستعداد لكأس العالم 2034م التي فازت بتنظيمه المملكة العربية السعودية بدأ فور إعلان الإتحاد الدولي لكرة القدم هذا الخبر السار للسعوديين، أي أن أمامنا عشر سنوات من الآن كي نبني منتخب قوي ينافس في النسخة الأكبر من هذه البطولة التي ستشهد 48 منتخبا في خمس مدن ويقدم مستويات تعكس التطور في رياضة القدم وحجم الإنفاق عليها من القيادة السعودية، خاصة أننا تجاوزنا مرحلة المشاركات في كأس العالم إلى مرحلة إثبات الذات.
ليس عيبا أن نستفيد من تجارب الدول المتميزة في هذا المجال وأن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وهو ما جعلني ألفت النظر إلى اليابان التي حققت كأس آسيا 4 مرات ووصلت إلى دور الـ 16 في كأس العالم 4 مرات أعوام 2002، 2010، 2018، 2022م، والتي كانت قد وضعت خطة في عام 2005م هدفها أن يكون منتخبها لكرة القدم أحد أقوى 10 منتخبات في العالم عام 2015م وهو تخطيط قريب المدى، أما التخطيط بعيد المدى فقد كان هدفه استضافة كأس العالم عام 2050م والحصول على لقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخ اليابان كما صرح به كوزو تاشيما رئيس الإتحاد الياباني السابق لكرة القدم في 2016م، لذلك بدأت اليابان في عمل برامج تطوير جبارة لقطاعات الناشئين والشباب وإنشاء مراكز تدريب لهم، وابتعاث الموهوبين من اللاعبين لمعاقل كرة العالمية كالبرازيل والأرجنتين ودول أوروبا وغرس الحلم الياباني في نفوس هذه الفئات والتغلب على كافة الصعاب وتسخير كافة الإمكانات لهم كي تصل اليابان إلى مستويات عالمية متقدمة في مجال كرة القدم، كانت نتائجها احتراف عدد كبير من اللاعبين اليابانيين في أوروبا ودول أخرى وتحقيق نتائج مشرفة وتميز منقطع النظير في آسيا والعالم لمنتخب كرة القدم كان آخرها في 19 ديسمبر 2024م حيث حقق المنتخب الياباني المركز الـ 15 على مستوى العالم بـ 1652.79 نقطة.
في وجهة نظري أن الإتحاد السعودي لكرة القدم بحاجة ماسة لكفاءات إدارية عالية المستوى خاصة بعد الإخفاقات المتكررة للاتحاد الحالي وجميع لجانه، بحيث يتم وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى للفئات السنية بكافة درجاتها ذات أهداف واضحة ودقيقة تشرف عليها وتقوم بمتابعتها وزارة الرياضة والاهتمام بدوري الفئات السنية بشكل رئيسي، وإعادة النظر بشكل عاجل في عدد اللاعبين المحترفين في الدوري السعودي خاصة حراس المرمى والذي كان له الأثر الكبير في حجب الفرصة عن مشاركات اللاعب المحلي واختفاء بعض المواهب من الملاعب السعودية، وعمل دوري للاعبين المحليين الأولمبيين والاهتمام بالدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى والمواهب المحلية وتسخير كافة الإمكانات لإعدادهم واحترافهم في الدوريات العالمية مع التدقيق والتأني في اختيار الأجهزة الفنية للمنتخب السعودي التي تجيد اختيار اللاعبين وتعرف امكاناتهم وتقوم بتطوير وصقل المواهب الكروية خاصة بعد التخبطات التي لاحظناها في فترة المدرب مانشيتي وعودة هيرفي رينارد غير المقنعة والبحث عن مدربين أصحاب همِّة وطموح وفكر تدريبي عالِ، لا أسماء مستهلكة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، على أن يرافقها بعضاً من المدربين المحليين البارزين للاحتكاك والاستفادة والمساعدة في التعامل مع طبيعة اللاعب السعودي، والأهم من ذلك هي الأجهزة الإدارية ذات الخبرة الطويلة في الملاعب الرياضية والتي بإمكانها احتواء المشاكل الإدارية وتداركها وعدم تصعيدها للإعلام وزرع ثقافة التحدي والفوز والإحساس بتمثيل الوطن في نفوس اللاعبين وارتداء قميص المنتخب الذي يعتبر مسؤولية كبيرة وشرف لكل لاعب من أجل تقديم أقصى ما يمكن لإسعاد شعب كامل ينتظر فرحة كروية وتشريف لهذا الوطن الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل صناعة وتطوير كرة القدم السعودية، وأخيرا الاهتمام بالإعلام الرياضي ودوره في تنمية وتطوير رياضة كرة القدم وتسخيره للمساهمة في نجاح الخطط والمشاريع التي تقوم بها وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم من أجل تحقيق أهداف الكرة السعودية والحلم السعودي في مونديال 2034م.
كلام رائع أستاذ خالد واقتراح أروع راجيا ان يؤخذ بعين الاعتبار من متخذي القرار في الوزارة. حتى ان وصل الأمر ان تتجه البوصلة الى دوري درجة الشباب والناشئين لضم 80% من هذا الجيل والباقي من جيل اليوم اعمار 23 سنة.