مقالات

المملكة وقيادتها محور العالم بقلم الدكتور طلال بن سليمان الحربي

إنَّ حال العالم إثر الأزمة الأوكرانية لن يكون مثلما كان قبلها، وسوف يتشكل عالم جديد متعدد القطبية، ستكون المملكة إحدى ركائزه.

في خضم هذه الأحداث أخذت الأضواء تتجه إلى المملكة مرة أخرى، وإلى ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان تحديدًا، بعدما هاتفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة منذ نشوب الحرب في أوكرانيا، وبعدما هاتفه الرئيس الصيني شي جين بينغ.

الرئيسان الروسي والصيني، اعترافًا منهما بدور المملكة المحوري، ناقشا مع سمو ولي العهد أزمة الطاقة العالمية، وأزمة أوكرانيا، وقضية اليمن، وأكدا الشراكة الاستراتيجية مع المملكة.

وفي الحقيقة إنه لا بد من الاعتراف بأن رئيسَي هاتَين الدولتَين العُظميَين يكنان احترامًا كبيرًا لسمو ولي العهد؛ فقد اندهشت الدوائر الغربية من حفاوة استقبال الرئيس الصيني لسمو ولي العهد في بجين يوم 22 فبراير الماضي؛ إذ أكد الرئيس شي جين بينغ الثقة السياسية المتبادلة، وأن الصين تعتبر المملكة دولة صديقة، وأنها مستعدة للعمل مع المملكة للبناء على الإنجازات السابقة؛ لفتح أفق جديد لعلاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي.

كما أكد تأييد الصين لمساعي المملكة للتنويع الاقتصادي ونقل التكنولوجيا، ودعم الصين لسيادة المملكة وأمنها واستقرارها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وربما أن أكثر ما أزعج الدوائر الغربية هو تأييد سمو ولي العهد في تلك الزيارة سياسة الصين الواحدة، في إشارة إلى مطالبة الصين بعودة تايوان إلى الوطن الأم، وهذا ما تعارضه الولايات المتحدة.

أما فيما يخص العلاقة مع روسيا فإن الرئيس بوتين يكنُّ احترامًا كبيرًا لسمو ولي العهد حتى لو اختلف معه مثلما حدث في حرب أسعار النفط في عام 2020. يومها نشر سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن The Washington Institute for Near East Policy، تحليلاً في 2020/ 3/ 20 بعنوان “في حرب أسعار النفط السعودية – الروسية، ستتراجع الولايات المتحدة أولاً”. ومما جاء في التحليل: “إن ما يضاعف التحدي الذي يواجهه صُناع القرار هو كيفية التعامل مع السعودية. فبالنسبة لكثيرين لا تزال صورة بوتين مع محمد بن سلمان في القمة الاقتصادية لمجموعة العشرين في بوينس آيرس عام 2018 عالقة في الأذهان”. ولهذا سعت دوائر كثيرة لتدمير الصداقة بين هذين الزعيمين.

مما لا شك فيه أن مواقف سمو ولي العهد ستظل عالقة في أذهانهم أكثر؛ فهو يلعب اللعبة البراغماتية، ولعبة المصالح بندية، ولا يقبل لأحد أن يتجاوزه حتى لو كان حليفًا، ويرفض أن يعطي تنازلات بالمجان، أو أن يكون الرافعة لإنقاذ الآخرين كلما وقعوا في ورطة.

الآن، وبعد تشكيل مجلس الرئاسة اليمني، وهو خطوة ذكية -كما يراها المراقبون- من سمو ولي العهد لإنهاء الصراع في اليمن، وبعد التقارب مع تركيا، وتنويع “سلة العملات السياسية” مع الصين وروسيا، أخذت المملكة تستعيد ألقها ودورها الذي حاول كثيرون من القريبين والبعيدين الالتفاف عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى