مقالات

“العُـشرّة ليست واجب فقط” بقلم: أميمة عبد العزيز زاهد

أي علاقة اجتماعيه لا يمكن أن تستمر أو أن تُثمر بدون الثقة فما بالنا بأقدس علاقة وهي العلاقة الزوجية والمؤسف حقًا أن هناك بعض الأزواج تكون الثقة متواجدة بينهم في البداية ولكن مع مرور الوقت تبدأ بالإنتحار البطيء نتيجة استخدام أساليب ملتوية أو ما يسمى بالكذب الأبيض الذي يُمارس باسم الحب أو الخوف على مشاعر الطرف الآخر وهو لا يشعر بأنه يدق المسمار في نعش سعادته…

لأن الغش والكذب والاستغفال أكثر إيلامًا من إخفاء الواقع وإظهار الحقيقة حتى ولو كانت مُرّة وفي كل الأحوال فالصدق أفضل من الخداع…

والصراحة مع مـرور الزمن تزيد من قوة الرابطة لمعرفة الطرفان بأنه مهما حدث بينهما من مشاكل فإن كُلاً منهما يمثل للآخر مرآته الصادقة…

وبالعُشرّة الجميلة تتولد أعمق وأصدق الأحاسيس وتزداد قوة على مـَّر الأيام وتتحول العلاقة لصداقة متينة، صداقة تولدت من الحب الذي جمعهما والذي أخذ منحنى آخر وأصبح يُترجّم من خلال أمور كثيرة متعددة ومتشعبة فظروف الحياة وتغير الأوضاع من اتساع نطاق الأسرة وما يترتب عليها من ازدياد المسؤولية تتغير على اِثرها النظرة الرومانسية الحالمة وتعيش الواقعية والتي لن تصمد بدون مشاركة وتضحية وصبر وعطاء ولن تستمر بدون حب مدفون في الأعماق ورصيد نستخدمه في الأزمات…

فالعُشرّة كلمة شاملة لمعاني ملموسة ومحسوسة كثيرة والواجب يعتبر ركن أساسي فيها وليس كل العُشرّة هي الواجب فقط و إلا فقُل على العلاقة السلام لأن الواجبات المادية والإلتزامات الملموسة ممكن أن تنفذ من على بُعد آلاف الأميال وبذلك لن تتحقق الأهداف المرجوّة من العُشرّة وهي السكن والموّدة والأُلفة والمحبة …

فالعُشرّة تجعل من الطرف الآخر أقرب لك حتى من نفسك، وأكثر تفهمًا لمشاعرك وأحاسيسك ومتاعبك فيتفقد مصدر حزنك وهمومك ويُبدد كل ما يُتعسك ويشقيك، ويكون منبع لكل ما يسعدك…

فبالعُشرّة يعرف كل شريك ما يحب وما يكره الطرف الآخر هذا لو فهم المعنى الحقيقي للحب والصداقة والعُشرّة لأن الكلام سهل والأصعب منه هو التطبيق فهناك خلل في مفهومنا وتطبيقنا ومناداتنا بشعارات ترفع قبل الممارسة وتنكس عند المعاشرة والنتيجه الغالبة هي الفشل…

فإن الحياة الزوجية عبارة عن أحلام مشتركة وعُشرّة عُمر ومن الطبيعي أن تعاني من الفُتور والرتابة بسبب المشاكل التي يواجهها الزوجان لذا كان هناك الكثير بين مؤيد ومعارض واختلفوا في أهميتها ووضعوا لها شروطًا محددة لنجاحها وحذروا من توابعها ولكنها ليست قاعدة عامة فلكل حالة تركيبتها الخاصة…

كما أن العُشرّة هي التي تُوّلد الحُب الحقيقي والمثالية تكمن في تحقيق الموّدة والرحمة فالمال والجمال والشباب زائل بينما الأخلاق هي الباقية وهي التي يتوارثها الأجيال والمثالية لا يمكن لأحد أن يمتلكها ولكن ما نطلبه أن نكون قدوة صالحة ومثال طيب وأن نؤمن بأن التصرفات والمواقف التي قد نواجهها ليس بالضرورة سيئة وإذا كانت كذلك فلا بد من مراجعة أخطائنا وتصحيحها فالرجوع للحق فريضة قبل أن يكون فضيلة.


قال -تعالى-: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى