“الشباب حقوقهم وواجباتهم” بقلم: د. أحمد بن صالح البرواني
تمثل فئة الشباب الأمل لأي أمة من الأمم، ولقد اهتمت الشعوب جميعًا بشبابها وفجرت طاقاتها لخدمة أهدافها وحماية منجزاتها ولفتح آفاق جديدة أرحب وأجمل، ولعل من نافلة القول أن نعلم أن لهذه الفئة حقوقًا يجب على الجميع أن يفي بها، وفي المقابل فإن عليها واجبات يجب أن تؤديها للمجتمع.
ونظرًا لأهمية دور الشباب، أدركت الحكومة الرشيدة ذلك منذُ بداية النهضة، ويرشدنا إلى ذلك ما قاله جلالة السلطان قابوس طيب الله ثراه في خطابه الكريم بمناسبة العيد الوطني الثالث عشر ١٩/١١/١٩٨٣م: “عيدنا الوطني، الذي خصّصنا عامه هذا باسم الشبيبة العُمانية، حرصًا منّا على تنشئة شبابنا العُماني، وإعطائه القوة المعنوية ليشعر بما نوّليه من رعاية وعناية، وليقوم الشعب العُماني أجمعه بإعطاء الشباب ما يصلحه من اهتمام وتعليم وتثقيف وتشجيع وإعداد للمستقبل”.
واستمر اهتمام جلالته طيب الله ثراه بالشباب العُماني في مختلف مراحل مسيرة النهضة العُمانية وبلا شك فمن الصعب حصر جهود الحكومة في هذا المجال، ولذا سأحاول إبراز أهم ملامح هذا الاهتمام فيما يلي:
- تخصيص جلالته عامين للشباب الأول أسماه عام الشبيبة وهو عام ١٩٨٣م، والثاني كان في ١٩٩٣م وأسماه عام الشباب.
- أصدر أعز الرجال وأنقاهم أمره الكريم رقم ٥٢/١٩٧٦ بتاريخ ٢٧/١٢/١٩٧٦م والذي قضي بإنشاء وسام الاستحقاق للشباب العُماني.
- إنشاء المؤسسات التي تخدم الشباب العُماني، وعلى رأسها الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية والتي أُنشئت في العام ١٩٩١م، إصدار القوانين المنظمة لعملها.
- إشهار الأندية العلمية والرياضية والأدبية والفنية.
- إنشاء مراكز السلطان قابوس للدراسات الإسلامية، ومعهد الفنون وافتتاح جامعة السلطان قابوس لتكون منارة علم وتوجيه للشباب العماني.
-انطلاق السفينة السلطانية شباب عُمان عام ١٩٨٤م والتي حققت إنجازات على المستويات الإقليمية والعربية والعالمية. - المساهمة في الأنشطة العالمية كطريق الحرير، ومشاركات سفينة شباب عُمان في العديد من المهرجانات والمسابقات.
- الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية من خلال إقامة المناشط والفعاليات التي تربط الشباب بهما مع الاستفادة من التجارب الحديثة في مختلف المجالات.
ولقد تواصل العمل البناء والهادف من قبل الحكومة الرشيدة من أجل الارتقاء بمستوى الشباب والأنشطة الشبابية بما يساهم في تنشئة جيل قادر على تحمل المسؤولية، متسلح بالقيم الإسلامية والتقاليد والعادات العُمانية الأصيلة.
ولم يغب الاهتمام بالشباب من فكر القائد الأب طيب الله ثراه، ولذا كان الاهتمام بأبناءه حاضرًا على الدوام، ويؤكد ذلك ما جاء في كلمته السامية في عام الشباب ١٩٩٣م، حيث قال: “إننا إذ ننادي الجميع للاهتمام بشبابنا فإننا في الوقت ذاته وبالقدر نفسه من الأهمية نوجه نداءنا المتجدد إلى الشباب بأن يعي دوره الكبير في بناء الوطن في مختلف الميادين، فيشمِّر عن ساعد الجِد باذلاً قصارى طاقته في الإسهام الإيجابي في حركة التنمية الشاملة، متدرعًا بالصبر والأمل، والعزيمة والعمل، والتضحية والإيثار من أجل حياة أسعد وأرغد لا يمكن تحقيقها إلا بالجهد والعرق والتغلب على كل الصعاب التي يمكن أن تعترض الطريق أو تعرقل المسيرة”.
ولقد سمع الشباب نداء والده طيب الله ثراه، وشمر عن سواعد الجِد في العلم والعمل البناء وساهم في رفع رايات عُمان عالية خفافة في سماء المجد في مختلف المجالات، فصال شباب عُمان وجال، وأثبتوا لوالدهم أنهم سمعوا مقاله ووعوه، وأنهم قادرون على حمل المسؤولية التي ألقاها على عاتقهم، وحافظون للأمانة، فشق الشباب طريقهم، فمنهم من حصل على الشهادات الجامعية العليا ومنهم من خدم في تعليم أبناء عُمان في الجامعات والمعاهد والمدارس، ومنهم يدٌ تحمل السلاح للدفاع عن مقومات عُمان وأهلها وهناك يدٌ تبني وهناك من يحقق البطولات في مختلف المجالات الرياضية، ويقف العُماني شامخًا لما يحققه أبناء عُمان من مراكز متقدمة في كافة المناشط العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وما فتأ أبناء عُمان من تقدم حتى يسجلون تقدمًا آخر.
ولن يَفُتني أن أسجل في هذه المقالة أن أبناء عُمان كانوا خير سفراء لعُمان في العلم والأدب والإلتزام بتعاليم الله وبما تفرضه الأنظمة والقوانين أينما حلوا وارتحلوا، واضعين في ذلك نصب أعينهم التوجيه الأبي الكريم لأعز الرجال وأنقاهم، وما جُبِل عليه العُماني من إلتزام وتطبيق للشريعة الإسلامية ولعادته العربية الأصيلة.
ولقد جاء جلالة السلطان هيثم بن طارق وهو خير خلف لخير سلف ليقود ويكمل مسيرة المغفور له، ويُولي الاهتمام الأبوي الواعي بالشباب العُماني، وهو ما أكده جلالته في كلمته التي ألقاها في ٢٠٢٠/٢/٢٣م، والتي جاء فيها: “إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضُب، وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحقها”.
وعد أعز الرجال وأنقاهم فأوفى بوعده، وها هو الهيثم يقود المسيرة على خطى السلطان قابوس طيب الله ثراه، وقد أوفى بوعده واستمع لمطالب أبناءه، ونحن نؤكد بأنه لا شك أن الشباب وجد العناية التي يستحقها، وسيجدها في قادم الأيام أيضًا.
ونؤكد لجلالته بأن أبناء عُمان حافظون للعهد سائرون على النهج السلطاني يسطرون أروع الملاحم في التعاون بين القائد وأبناءه بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن.
رحم الله والدنا المغفور له أعز الرجال وأنقاهم، وسدد خطى والدنا السلطان هيثم بن طارق وأيده بتوفيقه ورضاه، وحفظ عُمان وأهلها، وكتب لهم الأمن والأمان والاستقرار والتقدم والازدهار والرخاء.
مكتب الدكتور أحمد بن صالح البرواني للمحاماة والاستشارات القانونية