الرئيس فلاديمير بوتين يقلد “مودي” أرفع أوسمة روسيا
قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، للرئيس فلاديمير بوتين، في أول زيارة يقوم بها لموسكو، بعد أكثر من عامين على الصراع مع أوكرانيا، إن «الحرب لا يمكن أن تحل المشكلات»، داعياً إلى إحلال السلام.
«قضايا مختلفة»
وفي زيارته الأولى لروسيا، منذ الهجوم على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، قال مودي إنه وبوتين تطرّقا إلى قضايا مختلفة، مضيفاً «أنا سعيد لأنه في مسألة أوكرانيا، تمكنا من التعبير عن وجهتَي نظرنا بشكل صريح ومفصّل». وقال مودي لبوتين باللغة الهندية «عندما يُقتل أطفال أبرياء، نراهم يموتون، يتألم القلب وهذا الألم لا يحتمل». وأضاف «أعلم أن الحرب لا يمكن أن تحل المشكلات وأن الحلول ومحادثات السلام لا يمكن أن تنجح وسط القنابل والأسلحة والرصاص. ويجب أن نجد وسيلة للسلام عبر الحوار».
- «بوتين يشكر مودي»
من جهته، شكر بوتين مودي على «الاهتمام الذي توليه بلاده للمشكلات الأكثر إلحاحاً» وقال «أنتم تحاولون إيجاد طرق لحل الأزمة الأوكرانية أيضاً، خصوصاً بالوسائل السلمية».
وكان مودي وصل إلى موسكو قبل ساعات على وابل من الضربات الصاروخية الروسية، استهدفت مدناً في أنحاء أوكرانيا، مودية ب38 شخصاً على الأقل، وملحقة دماراً كبيراً بمستشفى للأطفال في كييف. وأثارت تلك الضربات إدانات من حكومات في أوروبا وأمريكا الشمالية. ومساء الاثنين، التقطت صور لمودي معانقاً بوتين في المقر الريفي للرئيس الروسي، حيث أمضيا ساعات عدة، وفق الكرملين.
- «تنديد أوكراني»
لكن هذه الزيارة أثارت تنديد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي كتب على وسائل التواصل الاجتماعي «إنها خيبة أمل كبيرة وضربة لجهود السلام أن نرى زعيم أكبر ديمقراطية في العالم يعانق في موسكو المجرم الأكثر دموية في العالم في يوم كهذا».
- «صداقة الطويلة الأمد»
وفي الكرملين، أشاد بوتين «بالصداقة الطويلة الأمد» بين الهند وروسيا، وقال إنهما يتمتعان الآن «بشراكة استراتيجية مميزة بشكل خاص». وروسيا من الموردين الرئيسيين للهند التي تشتري منها الأسلحة والنفط، غير أن عزلة موسكو عن الغرب والعلاقات المتنامية مع بكين كان لها تأثير على علاقاتها مع نيودلهي. ويسعى مودي إلى توثيق العلاقات الأمنية الغربية بعد عودته إلى السلطة كزعيم لأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. وعززت القوى الغربية العلاقات مع الهند في السنوات الأخيرة في مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع الضغط على نيودلهي للابتعاد عن موسكو. وخلال وجود مودي في موسكو، حضّت واشنطن رئيس الوزراء الهندي خلال لقائه بوتين «على توضيح أن أي حل للنزاع في أوكرانيا يجب أن يحترم ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق بوحدة أراضي أوكرانيا وسيادة أوكرانيا». وتعود آخر زيارة قام بها ناريندرا مودي إلى روسيا إلى العام 2019. وبعد ذلك بعامين، في نهاية العام 2021، استقبل بوتين في نيودلهي قبل أسابيع من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا. ورفضت نيودلهي اتخاذ موقف واضح من خلال عدم إدانتها روسيا والامتناع عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة ضد الكرملين.
- «أسلحة ونفط والصين»
لكن الحرب الروسية في أوكرانيا جاءت على حساب كلفة بشرية بالنسبة إلى الهند. وقالت نيودلهي في شباط/فبراير إنها تضغط على موسكو لإعادة العديد من مواطنيها ممن تم تسجيلهم لدى الجيش الروسي للحصول على «وظائف دعم» بعد تقارير عن مقتل عدد منهم أو إرغامهم على القتال في أوكرانيا. والعلاقة بين موسكو والصين لا تخلو من أسباب التوتر. وتتّهم واشنطن والاتحاد الأوروبي الصين ببيع مكونات ومعدات ساهمت في تعزيز الصناعة العسكرية الروسية، وهو ما تنفيه بكين. وتتنافس الصين والهند على النفوذ الاستراتيجي في منطقة جنوب آسيا. وتجمع موسكو ونيودلهي علاقة وثيقة منذ الحرب الباردة. ولفترة طويلة، كانت روسيا المورِّد الرئيسي للأسلحة للهند، لكن حصة واردات الأسلحة الروسية انخفضت بشكل حاد في السنوات الأخيرة. فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى استنزاف مخزون الأسلحة الروسية، وهو ما دفع الهند إلى البحث عن موردين آخرين وتطوير صناعتها العسكرية الخاصة. في الوقت نفسه، وعقب الهجوم الروسي في شباط/فبراير 2022، اشترت الهند وبسعر منخفض كميات كبيرة من النفط أعادت روسيا توجيهها إلى السوق الهندية بسبب العقوبات. على هذا النحو، تقتصد نيودلهي في المال بينما تغذي الاقتصاد وآلة الحرب الروسيين، وهو ما تنتقده الحكومات الغربية. وارتفعت واردات الهند من الخام الروسي على أساس شهري «بنسبة 8 في المئة في أيار/مايو، مسجلة أعلى مستوياتها منذ تموز/يوليو 2023»، وفقاً لبيانات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف. ولكن هذا أدى أيضاً إلى ارتفاع العجز التجاري بين الهند وروسيا إلى أكثر بقليل من 57 مليار دولار أثناء العام المالي المنصرم. وبعد روسيا، يتوجّه مودي إلى فيينا في أول زيارة يقوم بها زعيم هندي إلى العاصمة النمساوية منذ أنديرا غاندي في 1983.